يواصل النظام الجزائري، عبر أبواقه الإعلامية، نشر المغالطات بخصوص لقاء جنيف الذي انطلق اليوم بحضور المغرب والجزائر والبوليساريو وموريتانيا، وذلك لمناقشة وتقييم التطورات المسجلة بخصوص ملف الصحراء المغربية في أفق التوصل إلى حل سياسي متوافق عليه لإنهاء هذا النزاع المفتعل.. ويهدف النظام الجزائري من خلال محاولاته التضليلية والعزف على اسطوانة "الحياد" و"تقرير مصير الشعب الصحراوي"، عرقلة أي مبادرة أممية تهدف إلى إيجاد حل سياسي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، والعودة إلى نقطة الصفر وهي مرحلة تم تجاوزها منذ أمد طويل، خاصة بعد أن طرح المغرب مقترح الحكم الذاتي سنة 2004، والذي نال دعم ومساندة المنتظم الدولي..
وتحاول الجوقة العسكرية، كعادتها، التنصل من المسؤولية من خلال الإدعاء بأن لقاء جنيف، الذي انطلق اليوم ويمتد إلى يوم غد الخميس، عبارة عن "مفاوضات" بين المغرب والبوليساريو بحضور "الجزائر وموريتانيا كدولتين مجاورتين".
إدعاءات الجزائر، من خلال ما تم نشره اليوم ب"جريدة الشروق"، تناقض ما جاء في دعوة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة إلى الأطراف الأربعة، حيث دعا المغرب والجزائر والبوليساريو وموريتانيا إلى طاولة مستديرة بجنيف يومي 5 و6 دجنبر الجاري، ولم يتحدث عن مفاوضات كما يدعي الإعلام الرسمي الجزائري، كما أن الجزائر ستحضر كطرف وليس كدولة جوار، وهو ما يعرّي أكاذيبها حول الدور الحيادي الذي تلعبه في الملف، والحال أن نظام العسكر هو الذي افتعل النزاع، وهو الذي دعمه وموله ولا يزال يسانده إلى اليوم: ماليا ولوجيستيكيا ودبلوماسيا من خلال التحدث باسمه في المحافل الدولية..
جريدة الشروق الجزائرية، تعمدت سرد أسماء الوفود الحاضرة في الطاولة المستديرة مع إسقاط الوفد الجزائري، وذلك بهدف تضليل الرأي العام الدولي بأن الجزائر ليست معنية وبالتالي لا مسؤولية لها في النزاع، وهو هروب إلى الأمام لم يعد مقبولا ولن يقنع أحدا..
كما أن الجريدة، عمدت إلى حشر اسم ياسين المنصوري، مدير الإدارة العامة للدراسات والمستندات، ضمن الوفد المغربي، رغم عدم ورود اسمه في اللائحة الرسمية التي أعلنت عنها وزارة الخارجية المغربية، وهو تضليل متعمد ينضاف إلى تضليل آخر تعمدت الشروق الجزائرية اقترافه من خلال إغفال حضور ممثلين حقيقيين لسكان الصحراء ضمن الوفد المغربي، ويتعلق الأمر بحمدي ولد الرشيد، رئيس جهة العيون- الساقية الحمراء، وينجا الخطاط رئيس جهة الداخلة- وادي الذهب، وفاطمة العدلي الفاعلة الجمعوية وعضوة المجلس البلدي للسمارة.
ويأتي إغفال حضور ممثلين حقيقيين لسكان الصحراء لما يشكله هذا الحضور من ضربة قوية لانفصاليي البوليساريو، الذين يدعون التمثيل الحصري للصحراويين، والحال أنهم لا يمثلون سوى حكام الجزائر الذين عينوهم خدمة لأجنداتهم وضمانا لاستمرار مصالحهم، لأن استمرار النزاع حول الصحراء المغربية يعتبر طوق نجاة بالنسبة إليهم، وكل حل له يعتبر بمثابة توقيع وثيقة وفاتهم، لأن الشعب الجزائري لم يعد يحتمل السياسات الجائرة التي فرضتها الطغمة العسكرية منذ حصول البلاد على الاستقلال..
الجريدة، التي تعتبر من بين الأبواق التي يعتمد عليها النظام لتسريب مواقفه، عمدت كذلك على إغفال حضور عمر هلال، الممثل الدائم للمملكة لدى الأممالمتحدة بنيويورك، ضمن الوفد المغربي، لأن حضوره يؤكد أن النزاع المفتعل يعتبر من اختصاص مجلس الأمن الدولي ولا يعني أي منظمة أخرى، وهو ما يضرب في العمق مخططات الجزائر الرامية إلى جعل الملف من صلاحيات الاتحاد الإفريقي، وهو ما تصدى له المغرب وأجمع عليه أعضاء الاتحاد بعد عودة المغرب إلى أسرته المؤسساتية..
كما أن الشروق الجزائرية أوردت تصريحا أدلى به ما يسمى بمنسق البوليساريو مع المينورسو، امحمد خداد، مع الوكالة الفرنسية "أ ف ب"، الذي أعاد من خلاله ترديد اسطوانة " تقرير المصير والاستقلال"، وهو ما يؤكد أن الجزائر من خلال دميتها البوليساريو، لا تريد مخرجا وحلا واقعيا للنزاع، لأن ما يسمى ب"تقرير المصير"، تم تجاوزه منذ سنوات من طرف الأممالمتحدة والتي لم تعد تتحدث عنه، وهو ما عبّر عنه المبعوث الأممي الأسبق الهولندي بيتر فان فالسوم الذي أكد استحالة إجراء استفتاء في الصحراء، مشددا أن استقلال الصحراء عن المغرب غير واقعي وأن المخرج الوحيد الممكن من الأزمة هو في أن تفكر الجبهة الإنفصالية في حل غير الاستقلال الكامل يطرح للتفاوض على أساس الاقتراح المغربي المتمثل في الحكم الذاتي.
ومقابل الطرح الجزائري المتجاوز، تبنى المنتظم الدولي المقترح المغربي بخصوص الحكم الذاتي بالصحراء المغربية، وهو ما لا تريده الجزائر، ولن تقبل به مادام أن حل النزاع يعتبر بمثابة إعلان لنهاية حكم العسكر بالجزائر..
ومن خلال هذه المواقف المعبر عنها عبر جريدة الشروق، يتضح مرة أخرى بأن ملف الصحراء لن يعرف طريقا للحل، إلا إذا انخرطت الجزائر في المسلسل السياسي الذي تشرف عليه الأممالمتحدة، لأن الجزائر طرف أساسي في النزاع، وليس دولة جارة كما تدعي، لأن من أوجد وأوى ولا يزال يأوي على أرضه ويدعم ويساند الانفصاليين، لا يمكنه أن يكون محايدا أو مجرد دولة جارة..