بوابة الصحراء: حكيم بلمداحي تنطلق، بعد غد الأربعاء، بجنيف، المائدة المستديرة التي دعت إليها الأممالمتحدة أطراف النزاع في الصحراء. المائدة سيحضرها إلى جانب الوفد المغربي، الذي يرأسه وزير الخارجية والتعاون، وفد الجزائر برئاسة وزير الخارجية، إضافة إلى وزير خارجية موريتانيا، ثم وفد جبهة البوليساريو. هل يمكن انتظار الكثير من هذه الندوة؟ وهل ستدشن لحوار سياسي ينهي النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية؟ وكيف سيكون شكل النقاش؟ هي أسئلة وأخرى تفرض نفسها بإلحاح، خصوصا وأن الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي في الصحراء يعقدان آمالا كبيرة في أن يكون لقاء جنيف بداية جديدة نحو إيجاد حل «سياسي دائم يرضي الجميع»... غير أن المؤشرات لحد الآن ليست مشجعة. ففي الوقت الذي يعتبر فيه المقرر الأممي الأخير الجزائر طرفا أساسيا في النزاع، مازال حكام الجزائر يرددون أسطوانة أن لا دخل لهم في النزاع، وأن الأمر بين المغرب وجبهة البوليساريو.. كما أن تفاعلات دعوة جلالة الملك في خطاب المسيرة الخضراء إلى حوار شامل بين المغرب والجزائر، والصمت الذي تعامل به حكام الجزائر مع الدعوة الملكية يحيل على أن لا شيء تغير لدى جينرالات الجزائر بخصوص قضية الصحراء.. من جهة أخرى، يعلم الجميع بمن فيهم صحراويو تيندوف والشتات وبوليساريو الداخل، قبل غيرهم، أن قيادة جبهة البوليساريو لا تملك استقلالية قرارها، بل هي مجرد موظفين عند جينرالات الجزائر ومخابراتها، وبالتالي فإن الجزائر هي المتمسكة بزمام الحوار، وهي التي ستوجهه حسب رغبتها. المغرب واع جدا بتمسك الجزائر بخيوط اللعبة، ولو من خلف الستار، ويريد من الجزائر أن تلعب بالمكشوف، لأن حيل مسرح العرائس تجاوزها الزمن، وأصبحت من الماضي السحيق.. لقاء جنيف يبقى رهين احتمالين: إما أن تنخرط الجزائر بجدية وتكشف عن أوراقها وعن مطالبها، فتأخذ الأمور طريقها نحو إيجاد توافق يرضي الجميع. أو تتعامل الجزائر بنفس تعاملها السابق، وتعتبر نفسها غير معنية بالنقاش أصلا، ويأتي وفدها لجنيف ليسجل الحضور ويلتقط الصور، ويتعامل بسلبية تامة. وهنا ستنتهي المائدة المستديرة قبل أن تبدأ ويفشل اللقاء. على الرغم من أن السياسة لا تقبل التشاؤم، إلا أن مؤشرات ما قبل مائدة جنيف، في اعتقادي، ليست مشجعة. فهناك تحركات مكثفة للديبلوماسية الجزائرية في كذا مكان لمعاكسة الوحدة الترابية للمغرب. وهناك تحركات مشبوهة لجبهة البوليساريو في المنطقة العازلة، ولو أن المغرب لم يتفاعل معها بالصرامة المعهودة، ربما رغبة منه في عدم السقوط في فخ خلق توتر عشية مائدة جنيف.. هي أشياء تفيد بأن الطرف الآخر لا يرغب في إنجاح لقاء جنيف. وإذ يحدو المغرب والمغاربة أمل في أن يجد مشكل الصحراء طريقه نحو حل نهائي، لابد من التنبيه إلى أن هناك أناسا من بني جنسنا يعيشون ويلات إنسانية بسبب هذا النزاع الذي دام لسنين عديدة.. هناك مستغلون في كرامتهم وإنسانيتهم في مخيمات تيندوف. وهناك أسر وعائلات مشردة أو مقسمة جزء منها في الأقاليم الجنوبية، وجزء آخر في مخيمات تيندوف، وجزء ثالث في الشتات. من أجل كل هؤلاء فإن الإنسانية، بقوانينها وأعرافها وأخلاقها، تقتضي أن ينتهي المشكل في أقرب الآجال..