في تقرير مطول أعدته صحيفة الإندبندنت البريطانية واسعة الانتشار، أكدت أن بطولة كأس العالم 2018 قد تدخل التاريخ باعتبارها أكبر فعالية رياضية مقرصنة على الإطلاق، والسبب في هذا يعود إلى أزمة دبلوماسية في الشرق الأوسط. وقالت الصحيفة في تقريرها: "فيما كان ولي العهد السعودي يجلس على مقعده في ملعب لوجنيكي يشاهد مباراة بلده ضد روسيا في افتتاح بطولة كأس العالم 2018، كان الآلاف، وربما الملايين، في بلده يشاهدون المباراة هم أيضاً. سحق المنتخب الروسي، وهو ليس من بين الفرق القوية في البطولة، نظيره السعودي بخمسة أهداف مقابل لا شيء، لكن الأكثر لفتاً للانتباه كانت الطريقة التي تم فيها بث المباراة في المملكة. فجميع سكان المملكة شاهدوا المباراة عبر بث مباشر غير قانوني تم ترتيبه على خلفية أزمة دبلوماسية في الشرق الأوسط".
صفقات تجارية وإعلانات مدفوعة وحسب الإندبندنت، بدأت قناة "بي آوت كيو"، مثلها مثل الكثير من المقرصنين، ببث المحتوى على موقع الكتروني تم حجبه جغرافياً بحيث لا يمكن أن يشاهده سوى السكان في السعودية. لكن في غضون أشهر قليلة بعد إطلاقها العام الماضي، توسعت القناة لتبث محتوى عشرة من قنوات beIN على شبكة القمر الصناعي العربي عربسات. وفرت القناة كامل البنية التحتية التي تلزم شبكة تلفزيونية مؤسسية، مثل أجهزة الاستقبال والاشتراكات المدفوعة والإعلانات والصفقات التجارية مع الفنادق والمواقع الأخرى، دون أن تدفع فلساً واحداً للمحتوى! .
وتقول الصحيفة إن شبكة beIN Sports حصلت على حقوق بث جميع مباريات كأس العالم الأربع والستين وكانت جاهزة لعقد صفقة مع قنوات سعودية لبث المباريات، لكن المباحثات انهارت قبل تسعة أيام من انطلاق المباراة بين روسيا والسعودية.
ومقابل ذلك، تم اختطاف تغطية beIN من قبل شبكة قرصنة تدعى "بي آوت كيو" - حيث ترمز الكلمة الأخيرة لقطر - وبثها بطريق غير قانونية في المملكة على نطاق واسع ليس له مثيل من قبل.
تتبع قانوني ولفتت الصحيفة البريطانية في تقريرها أن حجم هذه السرقة التجارية وتعقيدها - وطول الفترة الزمنية التي حدثت فيها - لم يسبق له مثيل على مدار التاريخ مؤكدة على لسان توم كفيني المدير الإداري لشبكة beIN ، إن هذه القرصنة من قبل beoutQ و Arabsat لا يتم تنفيذها من قبل جماعة صغيرة تعمل بغرفة شخص ما، بل هي سرقة على نطاق تجاري ضخم مع تمويل ملايين الدولارات التي تقوم عليه ".
وأضافت الصحيفة أن شبكة beIN جهزت مستندًا قانونيا مؤلفًا من 116 صفحة تم إعداده من قبل الفريق القانوني التابع ل beIN ، والذي اطلعت عليه الاندبندنت يتضمن عددا من الأدلة التي تشير إلى الدعم السعودي ل beoutQ مؤكدة أن التحقيق سيشمل رجل أعمال سعوديا بارزا ، ومالك شركة إعلامية سعودية كبيرة كان وراء العملية منذ البداية ، بالإضافة إلى عدد من الوجوه الإعلامية التي ساهمت في الترويج للقراصنة عبر وسائل التواصل الاجتماعي .
إدانة واسعة و أشارت الصحيفة البريطانية إلى الإدانة الدولية الواسعة لقراصنة النقل التلفزيوني مؤكدة أن كلا من الفيفا و الاتحاد الأوروبي ، والفورمولا 1 ، والتنس العالمي وغيرها من الهيئات الرياضية الدولية قامت بإدانة لقنوات beoutQ .كما أصدرت كل من NBCUniversal و Eleven Sports بيانات تفيد بأن المحتوى الخاص بها يتم توزيعه بشكل غير قانوني من خلال أجهزة فك التشفير بالسعودية .
و أكدت الاندبندنت أن شبكة BeIN تعمل عبر مستشارها القانوني صوفي جوردان على إبلاغ الفيفا والاتحاد الأوروبي لكرة القدم بانتهاكات حقوقها التلفزية، وتم تزويد الاتحاد الدولي لكرة القدم بأدلة "تم التحقق منها بشكل مستقل ودائم" .
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن beoutQ تعمل في المملكة العربية السعودية مع "موافقة ضمنية" من السلطات السعودية و أن الفيفا إذا فشل في اتخاذ إجراء حاسم ضد هذه العملية غير القانونية ،فإن النموذج التجاري العالمي لكرة القدم سيتم تقويضه بالكامل في نهاية المطاف".
سباقات الفورمولا 1 تدخل منظومة القراصنة ذكرت الصحيفة البريطانية أن القناة المقرصنة سوف تقوم بنقل سباق جائزة بريطانيا الكبرى للفورمولا 1، وذلك قبيل انطلاق السباق أمس الأول مشيرة إلى أن الهيئة المسؤولة عن سباقات الفورمولا 1 سوف تركز اهتمامها على البث غير القانوني من قبل بي أوت كيو beoutQ والتي سرقت هذه الحقوق من مجموعة beIN الإعلامية و ستقوم بكل الإجراءات القانونية لإيقافها و تتبعها قانونيا .
الليغا تواجه القناة المشبوهة أعلنت رابطة الدوري الإسباني لكرة القدم "LA LIGA" عن المزيد من التحقيقات في انتهاك حقوق بث مباريات المسابقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كما أكدت في الوقت ذاته أنها في سبيل اتخاذ العديد من الخطوات الإضافية مع أصحاب حقوق البث الدولية الأخرى لمجابهة القرصنة والاعتداء على حقوق البث غير المشروع الذي تقوم به ما تسمى beoutQ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وفي هذا الإطار قال مليسيور سولير مدير القسم السمعي والبصري في رابطة الدري الإسباني: "إنه لا يمكن السماح للقنوات المقرصنة ومنها ما تدعى beoutQ لأن تبث بدون وجه حق مباريات المسابقة خاصة وأنها توزع بشكل غير قانوني حقوق الطبع والنشر، إن حماية منتجاتنا هو أمر أساسي لنجاح عملنا".
وأكد سولير في الوقت ذاته أن رابطة الدوري الإسباني تمتلك سجلاً قوياً في مكافحة القرصنة بما في ذلك التعامل مع التقنيات الخاصة لتحديد وإيقاف عمليات القرصنة".