اهتمت الصحف الجزائرية، الصادرة اليوم الثلاثاء، بالتعليمات الصادرة عن رئاسة الجمهورية للوزير الأول أحمد أويحيى والتي تنص على إلزامية موافقة الرئاسة المسبقة على أي عملية خوصصة، وذلك خلافا لروح اتفاق الشراكة بين القطاعين العام والخاص الموقع في دجنبر الماضي. وفي هذا الصدد، تساءلت صحيفة (ليبيرتي) هل يتعلق الأمر بإقبار هذه الشراكة أو بسحب تنفيذها من مجلس مساهمات الدولة، أي من الحكومة؟ مشيرة إلى أن تحولا جديدا يبقى دائما ممكنا، فالجولة الجديدة لخوصصة مقاولات عمومية التي قررتها الثلاثية على شكل مساهمة تشاركية ، لن تجرى.
وكتبت الصحيفة في افتتاحيتها أن قرار العمل برخص الاستيراد وقائمة الفاعلين المعتمدين في مجال تركيب السيارات، والقانون حول البريد والاتصالات سبق أن كانت موضوع تحولات مفاجئة والتي أضحت تميز ممارسات الحكومة الحالية.
وأضافت بنبرة ساخرة "بكل تأكيد سيأتي الدور قريبا على لائحة المواد التي تم تعليق استيرادها، ليتم تعليقها هي الأخرى بشكل جزئي أو كلي"، مشيرة إلى أن ميثاق الشراكة بين القطاعين العام والخاص الموقع من طرف الثلاثية والقرارات الأخيرة لمجلس مساهمات الدولة جرى تعليقها من قبل "الرئاسة".
وأضافت أنه "بهذه الطريقة يتم تحديد مصدر التعليمات الرئاسية، ربما لأننا غير متأكدين من أن الرئيس يقف مباشرة وراء هذه الأوامر والأوامر المضادة".
من جهتها، عنونت صحيفة (الوطن) في صفحتها الأولى "فوضى في القمة"، متحدثة عن أمر مفاجئ لكون الرئاسة أصدرت تعليمات لأويحيى لتخبره بأنه لا يمكن اتخاذ قرار بشأن أي عملية خوصصة دون موافقتها، معتبرة أن هذه الفوضى تخبئ بشكل سيء رغبة في التنازع حول سلطة القرار لمجلس مساهمات الدولة، الجهة المكلفة بالقيام بعمليات الخوصصة تحت قيادة الوزير الأول.
وكشفت الصحيفة أنه بعد مرور أقل من شهر على التوقيع على ميثاق الشراكة بين القطاعين العام والخاص، تتدخل الرئاسة لتوجه رسالة للوزير الأول أحمد أويحيى وحكومته، مذكرة بأن هذا الأخير باعتباره المسؤول الأول عن الجهاز التنفيذي توصل، يوم الخميس الماضي، بتعليمة غريبة تنص على إلزامية الإخضاع لموافقة رئيس الجمهورية المسبقة أي اتفاق حول فتح رأسمال أو تنازل عن أسهم لمؤسسة عمومية اقتصادية في إطار هذه الشراكة المتفق عليها خلال اجتماع الثلاثية بين الحكومة والاتحاد العام للعمال الجزائريين ومنتدى رؤساء المؤسسات في دجنبر الماضي.
من جانبها، كتبت صحيفة (آخر أخبار الجزائر) أن رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، أرجع وزيره الأول إلى جادة الصواب في ما يتعلق بعمليات خوصصة المقاولات العمومية. ونقلت الصحيفة عن وزير الصناعة والمناجم، يوسف يوسفي، المقرب من الرئيس، أنه "لا يمكن لأي مقاولة عمومية أن تفتح رأسمالها دون موافقة رئيس الجمهورية أو الحكومة"، مؤكدا أنه لم سيبق أن تم فتح رأسمال أي مقاولة عمومية دون استشارة الرئيس أو الحكومة، مسجلا أن القرار النهائي يعود إلى رئيس الدولة.
وأضافت أن تصريحات يوسفي تؤكد تحفظات الأمين العام لجبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس حول الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مشيرة إلى أن الأمر يتعلق بأول قرار هام لرئيس الدولة يتنصل من الوزير الأول.
بدورهما تساءلت صحيفتا (الفجر) و(الحياة) لماذا تصرفت الرئاسة بهذه الطريقة؟ وهل تجاوز أويحيى صلاحياته؟ مذكرة بأن الأمر رقم 01- 04 الوارد في التعليمة الرئاسية يعطي كامل الصلاحيات لمجلس مساهمات الدولة، الذي يترأسه الوزير الأول، بخصوص تدبير خوصصة المقاولات الاقتصادية العمومية، معتبرة أن ما أثار رد فعل الرئاسة هو توقيع أويحيى لعدد من القرارات.
أما صحيفة (كل شيء عن الجزائر) فقالت إن رئيس الدولة بفرضه على أويحيى العرض على موافقته لأي عملية خوصصة يضع حدا لمسلسل الخوصصة، الذي تم إطلاقه عقب التوقيع على ميثاق الشراكة بين القطاعين العام والخاص يوم 23 دجنبر الماضي، بين الحكومة والمركزية النقابية الاتحاد العام للعمال الجزائريين ومنتدى رؤساء المؤسسات.
وبحسب الصحف الجزائرية فإن هذا التحول يؤكد أن تعليمة الرئاسة لا ترمي سوى إلى إضعاف وإزعاج الوزير الأول، الذي لديه نوايا خوض الانتخابات الرئاسية، مبرزة أن هذه المناورات هي مرتبطة بشكل مباشر بالإعداد للانتخابات الرئاسية لسنة 2019، في حين أن مسلسل إقصاء أويحيى تم إطلاقه منذ أسابيع قليلة، وأنه تم تكليف الأمين العام لجبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس بهذه المهمة، وأن هذا الأخير لا يدخر جهدا في سبيل ذلك.