اهتمت الصحف الجزائرية، الصادرة اليوم الأربعاء، على الخصوص، بالارتفاع المهول في وتيرة هجرة الجزائريين باتجاه أوروبا، والأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة ومسؤولية النظام في ذلك.. وكتبت صحيفة (ليبيرتي)، في هذا الصدد، أن هناك أسبابا عميقة تجعل الجزائريين يفرون من بلدهم، سواء كانوا فقراء أو أغنياء، صغارا أو كبارا، رجالا ونساء، وحتى الأطفال كما لاحظنا في الآونة الأخيرة.
ولاحظت الصحيفة أن الجزائر بلد يصعب فيه العيش، على اعتبار أن هؤلاء الأطفال، الشباب وغيرهم، يفرون منها بالعشرات، إن لم يكن بالمئات، مغامرين بحياتهم أثناء محاولتهم الهجرة بشكل سري إلى البلدان الغربية، حيث يجازفون بعبور البحر الأبيض المتوسط باتجاه السواحل الإسبانية والإيطالية على متن قوارب تقليدية الصنع.
وكتبت في افتتاحيتها، أن كافة علماء الاجتماع سيقولون إن هذا الفرار الجماعي هو التعبير الصارخ عن أن المواطنين طفح بهم الكيل الذي ازداد تناميا على مر السنين، مسجلة أن الجزائريين يغامرون بحياتهم أثناء محاولتهم الهجرة إلى بلدان أخرى، رحيمة أكثر، لأنهم لم يعودوا يستسيغون العيش في بلادهم، حيث جميع الآفاق مغلقة.
من جهتها، نددت صحيفة (الخبر) بتفاقم هجرة الجزائريين نحو أوروبا، معتبرة أن هذه الظاهرة تعكس فشل الحكامة في الجزائر، وهو الفشل الذي جسده، منذ أيام قليلة، آلاف الطلبة الذين تدفقوا بكثافة على المعهد الفرنسي. وهي هجرة أصبحت تأخذ أحجاما مخيفة، كما تعكس ذلك الأرقام التي كشفت عنها وزارة الداخلية الإسبانية: من أصل 962 مهاجرا وصلوا إلى شبه الجزيرة الإيبيرية ، منذ 16 نونبر الجاري، 562 منهم جزائريون، أي أزيد من 500 مهاجر سري في أقل من أسبوع، دون احتساب أولئك الذين لم يصلوا إلى وجهتهم، وهم كثر دون أدنى شك، إما بسبب اعتراض مراكبهم أو تعرضهم للغرق.
من جانبها، كتبت صحيفة (لوكوتيديان دو وهران) أن إسبانيا توجد في صلب ظاهرة الهجرة السرية بما أن عدد قوارب المهاجرين، الذي ما فتىء يزداد ارتفاعا، والتي تصل إلى سواحلها، أربك مدريد، فقد أقر وزير الداخلية الإسباني، خوان إغناسيو زويدو، أن هذا التدفق، غير المسبوق من طرف المهاجرين السريين، لا يمكن تحمله، حيث وصل 962 شخصا عبر البحر منذ 16 نونبر الجاري، من بينهم 562 جزائريا.
وذكرت الصحيفة أنه من المنتظر أن يتم استقبال السفير الجزائري بإسبانيا، توفيق فروخي، من طرف وزير الداخلية، في بحر الأسبوع الجاري، لمناقشة الوصول المكثف للمهاجرين السريين الجزائريين، معبرة عن اعتقادها بأن إسبانيا تعتزم أن تطلب من الجزائر تعزيز مراقبة حدودها التي تمتد على طول ألف كلم من السواحل، قصد ايقاف تدفقات المهاجرين السريين وتجنب المآسي الإنسانية التي تتسبب فيها.
وسجلت الصحيفة أن 600 جزائري وصولوا إلى سواحل ألميريا ومورسيا، ما بين 26 أكتوبر الماضي و3 نونبر الجاري، مشيرة إلى أن مدريد ومن أجل مواجهة هذا الوضع قررت "إيواء" حوالي 500 من هؤلاء المهاجرين الذين وصولوا إلى إسبانيا عقب اعتراض القوارب التي كانت تقلهم، داخل سجن "أرشيدونا" بالقرب من ألميريا بجنوب البلاد.
وهكذا، فقد أجمعت الصحف الجزائرية على أن هذه التدفقات المستمرة للمهاجرين السريين تكذب الخطابات البراقة التي يتبجح بها المسؤولون الجزائريون كلما سنحت لهم الفرصة للحديث عن الأوضاع بالبلاد.