يبدو أن تشديد الاتحاد الأوروبي المراقبة على السواحل الليبية الإيطالية، ومطاردته لمافيات تهريب البشر في ليبيا؛ دفع هذه الأخيرة إلى الانتقال نحو الشمال المغربي، من أجل تهريب المهاجرين إلى إسبانيا، كما أن سياسة ترحيل المهاجرين إلى الحدود مع المغرب التي تعتمدها السلطات الجزائرية، ساهمت بشكل كبير هذه السنة في ضغط الهجرة على المملكة؛ علما أن أزمة الريف التي لازالت لم تحل منذ أكثر من سنة أعادت الهجرة السرية للمغاربة إلى الواجهة. هذا ما كشفه تقريران لصحيفتي "البيريوديكو" و"الكونفدينثيال"، بناء على تقارير رسمية للحكومة الإسبانية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ولباحثين جامعيين. في هذا الصدد، كشف آخر تقرير لوزارة الداخلية الإسبانية، أن المهاجرين غير الشرعيين المغاربة، تصدروا قائمة الراغبين في العبور إلى الفردوس الأوروبي هذه السنة بحرا، انطلاقا من شمال المغرب بحوالي 4300 مهاجر مغربي تقريبا. ووفقا لإحصائيات الحكومة الإسبانية، فإن 20 ألف مهاجر سري وصلوا، بحرا، إلى السواحل الإسبانية منذ يناير الماضي، علاوة على تمكن 3024 مهاجرا من دخول المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية انطلاقا من المغرب. وأضافت أن المهاجرين المغاربة يمثلون 23.1 في المائة من الواصلين، متبوعين بالجزائريين ب20.9 في المائة، والمنحدرين من ساحل العاج وغينيا ومالي ونيجريا، وبلدان إفريقية أخرى، كلهم يمثلون نسبة 55.8 في المائة. وتعتقد السلطات الإسبانية أن هذه السنة قد تكون الأسوأ على مستوى الهجرة السرية منذ عام 2006. صحيفة "البيريوديكو" أوضحت أن تكثيف المراقبة من قبل الاتحاد الأوروبي على تدفق المهاجرين إلى ليبيا، دفع مافيات تهريب البشر إلى تغيير استراتيجيتها، من خلال العودة إلى إحياء الطريق المغربية من جديد. "القوارب تخرج، بالضبط، من مدينتي الحسيمة والناظور. والجديد (هذه السنة) هو أن 23 في المائة من المهاجرين مغاربة"، تؤكد إنماكولادا كونثاليث، الباحثة في جامعة غرناطة. المصدر ذاته أشار، كذلك، إلى أنه ليس الضغط الأمني وحده على المافيا في ليبيا هو الذي ساهم في انتقال ضغط الهجرة إلى المغرب، بل حتى "الوضع الحرج في الريف بعد الحراك الشعبي الذي بدأ في دجنبر الماضي، ما جعل الأمن ينتقل من السواحل إلى داخل الحسيمة لمراقبة الوضع". وأضاف أنه يمكن اعتبار أن التعزيزات الأمنية المنقولة إلى الريف من أجل إخماد الاحتجاجات، ساعدت المافيا على تهريب المهاجرين عبر قوارب الموت إلى إسبانيا، حسب مصادر في وزارة الداخلية الإسبانية. وأبرز المصدر عينه أن السياسة الجزائرية القائمة على إغراق المغرب بالمهاجرين السريين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء، ساهمت، أيضا، في ضغط الهجرة صوب السواحل المغربية هذه السنة. من جهة أخرى، ذكرت مصادر إسبانية أن الحكومة اضطرت في ظل امتلاء كل مراكز الإيواء، إلى نقل أكثر من 400 مهاجر، من بينهم مغاربة، إلى سجن "أرشيدونا" بمدينة مالقة من أجل إيوائهم، في انتظار إيجاد مكان لهم في مراكز أخرى أو ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية.