اهتمت الصحف الجزائرية، الصادرة اليوم الجمعة، على الخصوص، برفض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لأي عملية انتقال سياسي في الجزائر، وتشبثه بالسلطة في افق تنصيبه من طرف النافذين في السلطة لولاية خامسة.. وفي هذا الصدد، أكدت صحيفة "ليبيرتي" أن الرسالة التي وجهها بوتفليقة بمناسبة الذكرى 63 لاندلاع ثورة الفاتح من نونبر 1954، والتي أكد فيها أن "عهد المرحلة السياسية الانتقالية قد انتهى في الجزائر" تحمل في طياتها إشارة إلى الحملة من أجل ولاية رئاسية خامسة.
وفي افتتاحية بعنوان "الضوء الأخضر"، كتبت الصحيفة أنه إذا كانت هناك أصوات تطالب صراحة الجيش بالتدخل في اللعبة السياسية والمساعدة في انتقال ديمقراطي، وهو ليس سرا بالنسبة لأي أحد، فإن الأمر يتعلق بالنسبة إليها أساسا بوضع حد لحكم بوتفليقة، مضيفة أن "هذا الأمر قد يكون من الممكن القيام به بطريقتين: إما الإعلان عن عدم القدرة على الحكم ، أي العزل، أو الحيلولة دون أن تكون هناك ولاية خامسة سنة 2019".
وأوضح صاحب الافتتاحية أن العزل باعتباره إحدى الطريقتين، والذي كان قد أثير عشية الولاية الرابعة، يبقى بعيدا عن أن يحظى بالإجماع، بما في ذلك وسط أحزاب المعارضة، وبدرجة أقل في حالة القيام به بمساهمة الجيش.
وأضاف أن "الأحزاب المتجذرة ترفض أن يقوم الجيش بخلع بوتفليقة، كما أنها تعارض تدخله في خلافته، والتي لا يتوقعها بوتفليقة خارج المؤسسات السياسية، وبعبارة أخرى خارج الحكم، وبالتالي خارج النظام".
وفي الموضوع ذاته، كتبت صحيفة "لوماتان دالجيري" أن بوتفليقة سعى في رسالته إلى وضع حد لأي فرضية باحتمال إيقاف الولاية الرئاسية.
وأضافت بنبرة ساخرة أنه من خلال المشهد السياسي الذي تتحدث عنه الدولة، يبدو الجزائريون كما لو أنهم يتمتعون بالديمقراطية وحرية التعبير إلى درجة تصل حد الإساءة لسلطة، والتي عوض اللجوء إلى قمعهم، تفضل تحملهم وجعل الرأي العام شاهدا على هذه الانزلاقات والتأني الذي تقترحه عليهم.
ولاحظت الصحيفة أنه بعد مرور 55 سنة على نيل الاستقلال، ما تزال الحياة السياسية في الجزائر تحت السيطرة التامة، فمن "الانتقاء" الاعتباطي للمرشحين إلى التزوير المؤسساتي لعملية التصويت، مرورا بحظر التظاهر، وهو ما يعني أنه ليست هناك حرية سياسية في البلاد.
من جهتهما، تساءلت صحيفتا "الحياة" و"الفجر" أنى لأشخاص يزعمون أنهم "ديمقراطيون" أن يصل بهم الحد إلى المطالبة بانقلاب والعصيان؟ فهل يمكن للديمقراطية أن تولد على إثر انقلاب؟ وهل هذا المسعى "الغريب" في مصلحة البلاد؟ هل يمكن أن نطالب بالعودة إلى العنف بعد أن لقي أزيد من 200 ألف شخص مصرعهم؟ وهل هنا تكمن تطلعات الشعب الجزائري؟
وذكرت الصحيفتان بأن رئيس الجمهورية أغلق بشكل نهائي الباب أمام النقاش حول انتقال سياسي محتمل، والذي دعت إليه أحزاب سياسية وشخصيات، معتبرتين أن دعوة الشعب للنزول إلى الشارع قد يقود البلاد إلى الفوضى، كما حذرت من ذلك، مؤخرا، لويزا حنون، الأمينة العامة لحزب العمال، والتي عبرت عن اعتراضها "على أي مبادرة يمكن أن تزعزع استقرار البلاد وتفتح المجال أمام التدخل الخارجي".
من جانبها، كتبت صحيفة "ليكسبريسيون" أن رئيس الدولة العازم على وضع حد للمطالب ب"انقلاب" وتدخل الجيش لمواكبة انتقال سياسي، ذكر بأن الجيش مؤسسة جمهورية يتعين الابقاء عليها في منأى عن المزايدات السياسية والطموحات السياسوية.
وقد أجمعت الصحف الجزائرية على أن الرئيس استغل مناسبة هذه الذكرى ليرد على منتقديه، وخاصة أحزاب المعارضة والشخصيات التي تشكك في قدراته على البقاء وعلاوة على كون هذه الرسالة تدافع عن سنوات حكم بوتفليقة، فهي تمثل ردا على أولئك الذين يطالبون برحيله، وعلى رغبته في الترشح لولاية خامسة.