"إن هيلاري كلينتون وآلاف من الدبلوماسيين عبر العالم سيصابون بأزمة قلبية لما سيستيقظون في صباح ما ويجدوا أن كل الذخيرة السرية للسياية الخارجية في متناول العموم... وحيثما يوجد مكتب أمريكي هناط فضيحة دبلوماسية سيتم الكشف عنها... إنه أمر جميل ومخيف"، هكذا تكلم برادلي مانينغ، المسرب المفترض للوثائق التي تهز العالم منذ أسبوع. والواقع أن التسريبات لم تتسبب فقط في ما يشبه الأزمة القلبية للخارجية الأمريكية وللآلاف من دبلوماسيها عبر العالم، بل تسببت كذلك في حرج كبير لعدد من القادة عبر العالم، الذين وجدوا فجأة عراة أمام الملأ وأمام بعضهم البعض. فالعديد من الوثائق تتضمن أوصافا، وحتى كلمات قاسية، وصف بها هؤلاء القادة بعضهم البعض. بل كشفت التسريبات أن الخارجية الأمريكية كانت تطلب من موظفيها القيام بأعمال تدخل بشكل فاضح في مجال الجاسوسية، مثل جمع المعلومات عن موظفي الأممالمتحدة وممثلي مختلف البلدان فيها.
وسيكون على الأمريكيين بذل جهود كبيرة لإصلاح ما أفسدته كل هذه الوثائق، إذ سيكون عليهم، مثلا، إعادة بناء جدار الثقة مع كل زعماء العالم الذي قوضه مضمون العديد من الوثائق. هؤلاء الزعماء الذين سيتحفظون أكثر في المستقبل، وسيفكرون ألف مرة قبل الحديث بصراحة وقول رأيهم في زعيم آخر أمام الدبلوماسيين الأمريكيين بالخصوص.
لقد أدت التسريبات إلى هدم المصداقية التي كان النظام الحالي لحماية الأسرار الدبلوماسية يتمتع بها. كما أنها ستحد، بشكل كبير، من تبادل المعلومات بين مختلف الأجهزة، رغم أنه ضروري في مكافحة المخاطر الكبيرة التي تهدد العالم، مثل الإرهاب والجريمة المنظمة وتجارة المخدرات والبشر.
وبطبيعة الحال، لم يكن المغرب ليسلم من فضول ويكيليكس. ويبلغ نصيبه من ال250 ألفا من الوثائق المسربة أكثر من 2000 وثيقة، حسب "دير شبيغل"، 245 منها تهم قضية الصحراء. وقد تكلفت عدد من الصحف بنشر عدد محدود منها. فصحيفة "الأخبار" اللبنانية نشرت على مرقعها الإلكتروني نحو 30 وثيقة عن المغرب، واختارت صحيفة "إلباييس"، ربما في إطار "حربها" ضد الحكومة المغربية، نشر وثيقتين حساستين حول محيط الملك ومؤسسة الجيش ومشاكلها.
إذ جاء تقرير سري مطول وقعه السفير الأمريكي السابق بالرباط، توماس رايلي، أن الجيش المغربي يشكو من "تفشي الرشوة والبيروقراطية غير الفعالة وتدني المستوى التعليمي للجنود"، كما يعاني من "رفض الضباط الشيوخ التقاعد"، في إشارة إلى الجنرالات الكبار.
كما ظهرت وثائق تبين تهرب المغاربة من الاتفاق مع الإسرائيليين على السماح لطائرات شركة "العال" بالمرور في الأجواء المغربية، ورغبة المسؤولين في تل أبيب في أن يخفف المغرب من إجراءات الدخول إلى أراضيه بالنسبة إلى الإسرائليين، وتمكينهم من التأشيرة عند وصولهم إلى المطارات المغربية.
ولا يسع العديد من المسؤولين المغاربة الحاليين والسابقين إلا أن يضعوا أيديهم على قلوبهم، ويطلبوا اللطف مما قد تأتي به مئات الوثائق الأخرى التي تهم بلادنا.
الملك يريد أن يكون جيشه في مستوى الجيش الأمريكي
خلال التوقيع مع الجنرال وليام وورد على "مذكرة الاتفاق الخاصة بالتوافق العملاتي في الاتصالات والأمن" في 30 من دجنبر 2009، قال الجنرال عبد العزيز بناني، حسب وثيقة للسفارة الأمريكية، إن الملك محمد السادس يرغب في أن يرتفع مستوى نظيره الأمريكي ليكون على استعداد للمشاركة بشكل كامل في حال قررت قيادتنا الأركان في البلدين المشاركة في تحالف ما أو في عملية مشتركة. وأضاف الجنرال بناني أن الملك اختاره شخصيا للتوقيع على هذا الاتفاق الذي سيمكن المغرب من الاستفادة من كل التكنولوجيات المتطورة المستعملة في طائرات الF16، بل والتعاون الوثيق في مجا التكنولوجيات وأنظمة الأسلحة الخاصة بالجيش البري والقوات البحرية.
وعلقت السفارة في وثيقتها على هذا الاتفاق بالقول إنه يخول الأمريكان "مستوى عاليا" من التحكم ومراقبة التشفير الخاص بالتجهيزات العسكرية الحساسة التي تكون مرتبطة بنظام التسليح الأمريكي، وهو "ما قد يبدو تدخلا بالنسبة إلى دولة ذات سيادة".(Can appear intrusive to a sovreign nation) مع ذلك، تضيف السفارة في تعليقها، بدا الجنرال بناني، خلال المباحثات، مهتما أكثر بمسار تنفيذ هذا الاتفاق خلال الشهور والسنوات القادمة.
رايلي يشتكي من الفساد في قطاع المال والأعمال بالمغرب
لم يخف هذا السفير الأمريكي السابق بالمغرب استياءه العميق من الفساد المستشري في محيط الإدارة والسلطة. ففي وثيقة سرية للقنصلية الأمريكيةبالدارالبيضاء، تحمل تاريخ 11 دجنبر 2009، جاء هذا السفير، "الذي حافظ على روابط قوية مع القصر"، عبر في لقاء جانبي عن استيائه العميق مما سمته الوثيقة "الجشع المربع" للمحيطين بالسلطة. وأضافت الوثيقة أن هذه الظاهرة تسيء بشكل كبير إلى جهود الحكومة المغربية الرامية إلى تبني الحكامة الرشيدة.
من جهة ثانية، أوردت صحيفة "إلبايس" الإسبانية مضمون وثيقة سرية أخرى أرسلتها القنصلية الأمريكيةبالدارالبيضاء في مارس 2008، تقول فيها إنها كانت بدورها ضحية للرشوة لما كانت ترغب في شراء أرض لبناء مقر أوسع من هذا الذي تتوفر عليه حاليا بشارع مولاي يوسف.
وحسب الوثيقة، فقد "تم تحديد أكثر من 30 موقعا، ولكن تم استبعاد حوالي 20 موقعا من القائمة لأن أصحابها كانوا يرفضون التوقيع على عقود قانونية". أما من فئة ثانية من أصحاب تلك المواقع ف"رفضوا البيع لأنهم ينتظرون أن ترتفع الأسعار أكثر". وحتى الذين أبدوا رغبة في البيع، ف"كثير منهم كانوا يريدون الحصول على مبالغ مالية من تحت الطاولة"، بعبارة أخرى كانوا يريدون "النوار".
المنصوري: بطلب من أمريكا ضغطنا على سوريا للتشدد في منح تأشيراتها للمغاربة للحد من مرور المقاتلين إلى العراق
في 8 فبراير 2008، التقى محمد ياسين المنصوري، مدير "لادجيد" بديل ديلي، السفر المسؤول عن قسم مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الأمريكية في تلك الفترة، وغوردن غري، مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك، وأبلغهما بأنه يوافق على المطالب الأمريكية الثلاثة التي قدماها للسلطة المغربية خلال هذه الزيارة. وهذه المطالب هي: أولا، تبادل المغرب وأمريكا لقوائم المسافرين على متن الطائرات المتجهة إلى كل الاتجاهات وليس إلى أمريكا فقط. وعلقت السفارة بالقول إن الرباط سبق لها وقدمت معلومات وافرة عن المسافرين المتوجهين إلى التراب الأمريكي.
ثانيا: بحث سبل دعم التعاون المغربي الأمريكي في مجال مكافحة الإرهاب. ثالثا: قيام المغرب بالضغط على سوريا لتتشدد في إجراءات منح تأشيراتها للمغاربة، وبالتالي العمل على الحد من مرور المقاتلين المتوجهين إلى العراق عبر حدودها.
المغرب قطع علاقته بإيران بسبب دعمها لحماس وحزب الله
أشارت إحدى الوثائق التي نشرها موقع ويكيليكس إلى أن أعضاء من مجلس الشيوخ الأمريكي هم: ريتشرد بور وساكسبي تشامبلز وليندزي غراهام وجون ثون اجتمعوا يوم 26 ماي 2009 بياسين المنصوري، مدير الإدارة العامة للدراسات والمستندات المعروفة اختصارا ب "D.G.E.D"، وعدد من كبار مستشاريه وأعربوا عن ارتياحهم للتعاون المثالي بين أمريكا والمغرب الذي أدى إلى تفكيك عدد من الخلايا الإرهابية.
وخلال الاجتماع حذر المنصوري من احتمال حصول إيران على قنبلة نووية في السنوات الثلاث أو الأربع المقبلة، كما شدد على خطورة تأثير الجمهورية الإسلامية في اليمن والصومال ودول أخرى إفريقية.
وبخصوص قطع المغرب لعلاقته مع إيران، برر المنصوري ذلك بعدم ارتياح المغرب لدعم إيران لحركة حماس ولحزب الله اللبناني. وخلال الاجتماع ذاته اغتنم المنصوري الفرصة ليطالب مجددا بعودة المواطنين المغربيين المعتقلين في سجن غوانتانامو في كوبا. وتقدم المنصوري بالشكر إلى الحاضرين بعد تقديم 229 من أعضاء الكونغرس الأمريكي رسالة إلى رئيسه تحث أمريكا على دعم المقترح المغربي بخصوص النزاع حول الصحراء (الحكم الذاتي).
الطيب الفاسي يجهل تحركات موظفيه
"إن الوزير (الطيب الفاسي الفهري) ليس له علم بهذا الاتصال"، هكذا قال عبد اللطيف بندهان، مدير قسم إفريقيا بوزارة الخارجية لأحد موظفي السفارة الأمريكية بعد أن أبلغه، خلال لقاء جرى في فبراير 2009، بأن "المجلس الأعلى للدولة" بموريتانيا يطلب تطبيع علاقات البلاد مع الولاياتالمتحدة، تلك العلاقات التي تم تجميدها منذ انقلاب الجنرال محمد عبد العزيز على الرئيس المنتخب الشيخ ولد عبد الله في صيف 2008.
وتحكي وثيقة من السفارة الأمريكيةبالرباط، مؤرخة في 24 فبراير 2009، أن المسؤول المغربي، الذي وصفته ب " our contac" (رجلنا أو وسيطنا)، طلب مقابلة مسؤول بالسفارة وأبلغه بأن وزير خارجية موريتانيا آنذاك، محمود محمد ولد محمدو، قام بزيارة سرية إلى الرباط ما بين 9و13 فبراير والتقى بالملك محمد السادس مرتين، وبعد ذلك قابل بندهان، الذي زصف علاقته بالمسؤول الموريتاني بأنها وطيدة، وقال إنهما "مثل الأخوين"، وإن والدتيهما تربكهما علاقة قرابة قبلية وعائلية. وخلال هذه المقابلة طلب منه إبلاغ الأمريكان برغبة الحاكمين في موريتانيا في التطبيع مع واشنطن. ولمح المسؤول المغربي إلى أن هذه "رغبة الحكومة المغربية على أعلى مستوى".
ووصفت الوثيقة عبد اللطيف بندهان بأنه وثيق الصلة بمحمد ياسين المنصوري، مدير "لادجيد"، وأنه "كونتاكت نقل على مدى سنين معلومات حساسة ومن مستوى عال"، تفوق أهمية "ما نسمع من وزير الخارجية ووزارة الخارجية"!
الخوف من تغلغل الشيعة في غرب إفريقيا ومن المس بالمصالح الاقتصادية للمغرب ساهما في ذلك: هذه أسرار قطع العلاقات مع إيران
تفيد وثيقة سرية للبدلوماسية الأمريكية تعود إلى منتصف السنة الماضية بأن المغرب قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران بإيعاز من السعودية، وأنه انخرط في حملة ضد الأقلية الشيعية، مشيرة إلى أن إيران استخدمت سفارتها في العاصمة المغربية الرباط لأنشطة في دولتي مالي والسنغال.
وحسب دبلوماسي مصري، يدعى طارق دروع، فإن الهدف من الحملة المغربية ضد الشيعة كان هو سعي محمد السادس إلى تأكيد موقفه كزعيم ديني وللحد من قوة الجماعات الإسلامية في الانتخابات البلدية.
وأشارت الوثيقة إلى أن القصر الملكي كان على اتصال شبه يومي بالرياض وأن المشاورات بين الجانبين كانت مكثفة، قبل أن يتم الإعلان بشكل رسمي عن قطع العلاقات بين المغرب وإيران في السادس من مارس 2009.
وأوضح الدبلوماسي المصري أن السعودية قامت بتعبئة الملك محمد السادس وليس الحكومة المغربية، التي فوجئت مثلها مثل باقي دول العالم بالقرار.
وفي مقابل الدعم الفعال للمغرب، فإن السعودية التزمت بضمان استمرار تدفق النفط المدعوم للمغرب وسد الفراغات التي يعاني منها بخصوص الاستثمار الأجنبي المباشر وسحب مجموعة من دول الخليج العربي لمشاريعها الكبرى بسبب الأزمة المالية العالمية.
وقال دروغ إن محمد السادس ضرب عدة عصافير بحجر واحد عندما قوى موقفه كأمير للمؤمنين ووضع استراتيجية من شأنها أن تكون ذات مكاسب عظمى، مقابل قطع العلاقات مع إيران، البلد الذي كانت فيه المصالح الاقتصادية محدودة.
وورد في الوثيقة الدبلوماسية: "وفقا لدروغ فإن إيران سعت إلى تقوية نفوذ المذهب الشيعي في غرب إفريقيا، وأن طهرن استخدمت المغرب كنقطة انطلاق لأنشطته في مالي والسنغال، وأن السفير الإيراني السابق كان يسافر إلى طنجة وتطوان ومدن أخرى لإلقاء محاضرات لصالح طلبة مغاربة من الطائفة الشيعية وأنه وعدهم بالقيام بزيارات استطلاعية أخرى وأن يضمن لهم المزيد من التدريبات في إيران".
وكتب في الوثيقة ذاتها أن الملك محمد السادس نظر إلى ما حدث على أنه بمثابة إهانة شخصية له وتحد مباشر لسلطته الدينية والاقتصادية. وتلت هذه الجملة ملاحظة وضعت بيت قوسين جاء فيها: "المساهمات الآتية م قبل الطائفة التيجانية الثرية في السنغال ومالي تساعد على الزيادة في خزائن القصر، وكثير من المسلمين في غرب إفريقيا ينظرون إلى ملك المغرب كزعيمهم الديني".
واستنادا إلى الوثيقة، فإن القصر كان متخوفا كذلك من أن يكون المقاتلون المغاربة العائدون إلى بلدهم بعد مشاركتهم في حرب العراق، قد تم استقطابهم من قبل الشيعة وتدريبهم في إيران ليشكلوا خلية إيرانية نائمة في المغرب.
وأوضح الدبلوماسي المصري كذلك أن الحملة ضد الشيعة كانت أيضا موجهة إلى جماعة العدل والإحسان التي انشقت وعبرت عن رغبتها في أن تكون حزبا سياسيا مشروعا، وشرح أن القصر كان يسعى إلى أن يبدو محافظا أكثر من الأصوليين للحد من قوة الجماعة وشعبيتها في أوساط الطبقتين الفقيرة والمتوسطة.
قائد أفريكوم: عندكم ضيوف مهمون
فجأة قال الجنرال وليام وورد، قائد "أفريكوم، القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا، لمضيفيه المغاربة (الجنرال عبد العزيز بناني، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية ومعاونوه) إن المغرب يحتضن ضيوفا مهمين. رد الجنرال بناني مستفسرا العسكري الأمريكي إن كان يقصد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أم سلفه جاك شيراك، لكن الجنرال وورد أوضح أنه يقصد الحاكم العسكري لغينيا، الضابط موسى داديس كامارا، ووزير دفاعه سيكوبا كوناتي.
هذا اللقاء جرى، حسب وثيقة سرية أمريكية أخرى، في 30 من دجنبر 2009. في تلك الفترة كان داديس كامارا قد نقل إلى المغرب في حالة خطيرة بعد أن تعرض لمحاولة اغتيال.
والمثير أن المفتش العام للقوات المسلحة المغربية لم تكن لديه معلومات وافرة حول حالة موسى كامارا، بل لم يكن يعلم حتى بوجود وزير الدفاع الغيني سيكوبا كوناتي –الذي سيخلف الحاكم المصاب على رأس بلاده بعد أيام- بالمغرب!
طلب الجنرال الأمريكي من نظيره المغربي عدم السماح لكامارا بمغادرة المغرب، والاحتفاظ به أطول مدة ممكنة ريثما يتم انتقال السلطة في بلاده. وكان كامارا، الذي وصل إلى المغرب في حالة صحية صعبة للغاية، يريد العودة إلى السلطة في غينيا رغم وضعه الصحي المقلق.
واكتفى الجنرال بناني بالإشارة إلى أن كامارا حل بالمغرب في إطار إنساني، مبرزا أن عددا من القادة الأفارقة يأتون إلى المستشفى العسكري محمد الخامس بالرباط للحصول على العلاج "مجانا".
كما أشار الجنرال عبد الله حمدون، مدير المخابرات العسكرية المغربية، إلى أن سيكوبا، الذي جاء ليتأكد من عدم قدرة كامارا على الإمساك بزمام السلطة، ليس بدوره أهلا للحكم لفترة طويلة نظرا لاعتلال صحته، وقد خضع لعدة فحوصات طبية أثناء إقامته بالمغرب.
وتقول وثيقة أخرى للسفارة الأمريكية إن سيكوبا يعاني من مشاكل حادة في الكبد بسبب إفراطه في الشرب.
السفير الأمريكي السابق: الجيش المغربي يشكو من الفساد وشيوخه لا يريدون التقاعد
قال إن محمد السادس حاول عصرنته وطبق بعض الإصلاحات
من بين الوثائق السرية التي سربها موقع ويكيليكس حول المغرب، هناك تقرير مفصل عن الجيش المغربي يحمل تاريخ 4 غشت 2008 وتوقيع السفير الأمريكي السابق طوماس رايلي.
ويصف التقرير القوات المسلحة المغربية بأنها "تعاني من الفساد والبيروقراطية غير العالة، ومستوى تعليمي متواضع، وخطر تطرف بعض جنودها، والتهميش السياسي". وقال كذلك إن هذه مؤسسة الجيش "في طور العصرنة" ولكنها "مثقلة بمشاكل قديمة"، مشيرا إلى أن الملك محمد السادس، "الذي ورث جيشا في حاجة إلى الاحترافية"، أنجز "بعض الإصلاحات" المطلوبة.
ويرى السفير رايلي، في تقريره السري الطويل، أن هذا الوضع "ربما يعكس صفقة كبيرة عقدها الملك الحسن الثاني بعد محاولتين انقلابيتين: كونوا أوفيا واستفيدوا".
ويعتبر التقرير السري أن الجيش المغربي يشكو كذلك من رفض الضباط الشيوخ التقاعد وفسح المجال للضباط الآخرين للتقدم في الرتب، مبرزا أن هذا الأمر "يؤثر على معنويات القادة العسكريين ذوي الرتب المتوسطة (mid level militaryb leaders)".
ويضيف السفير رايلي في تقريره السري، الذي جاء في تسع صفحات، أن محمد السادس، بحكم أنه القائد الأعلى ورئيس أركان القوات المسلحة، يلعب دورا مركزيا في المؤسسة. ولا يمكن أن تتحرك أي قوات أو يقام أي تمرين، بل لا يمكن للضباط السفر سواء داخليا أو خارجيا، بدون موافقة الملك.
وأورد التقرير أرقاما حول حجم القوات المسلحة المغربية وقال إن تعدادها يقارب 218 ألف رجل،منها 175 ألف رجل بسلاح الطيران و7800 رجل في البحرية، أما الدرك الملكي فيصل عدد رجاله إلى حوالي 22 ألفا.
وتبقى الصحراء هي أهم انشغال للجيش المغربي، إذ يحتفظ فيها "بما بين 50 و70 ألف رجل".
38 مغربيا فجروا أنفسهم بالعراق
ما بين 2003 وفبراير 2008 (تاريخ لقاء المنصوري بالمسؤولين الأمنيين الأمريكيين)، كشف محللو "لادجيد" للأمريكيين، حسب وثيقة السفارة الأمريكية أن حوالي 139 مغربيا حاولوا الالتحاق بالعراق، مؤكدين أن 40 منهم فعلا وصلوا إلى بلاد الرافدين، وأن 38 منهم شاركوا في عمليات انتحارية هناك.
وقالت لادجيد للأمريكان إن 65 في المائة من الذين حاولوا الالتحاق بالعراق من الدارالبيضاء، و19 في المائة من تطوان، و11 في المائة من طنجة، و4 في المائة من تارودانت.
وكان كل من السفير المكلف بمكافحة الإرهاب في الخارجية لشؤون الشرق الأوسط آنذاك، غوردن غري (صار سفيرا لواشنطن في تونس فيما بعد)، قد قدما الإحصاءات المتوفرة لديهما حول المقاتلين الأجانب بالعراق في ذلك الوقت. وقال ديلي إن الوثائق التي حصلت عليها الإدارة الأمريكية في شتنبر 2007 تتحدث عن وجود 800 مقاتل أجنبي، 40 في المائة منهم قدموا من الجزيرة العربية و40 في المائة من شمال إفريقيا.
ولم يخف ياسين المنصوري اندهاشه من العدد المهم للمغاربة بينهم، وخاصة المنحدرين من الدارالبيضاء.
الجنرال وورد يطلب مساعدة المغرب في محاربة القاعدة
لما جاء وليام وورد، قائد المنطقة العسكرية الإفريقية (أفريكوم)، إلى المغرب في أواخر السنة الماضية، لم يتردد في أن يطلب من السلطات المغربية السماح للطائرات الأمريكية بالمرور عبر الأجواء المغربية في إطار العمل الاستخباراتي للقوات الأمريكية الرامي إلى تتبع آثار القاعدة في منطقة الساحل.
وهو ما رد عليه الجنرال عبد العزيز بناني بالإيجاب، مشددا على ضرورة محاصرة القاعدة، ووعد مساعدو مفتش القوات المسلحة الملكية ببحث تفاصيل الطلب الأمريكي والرد عليه بسرعة.
أمريكا تساعد المغرب عسكريا حفاظا منها على حليف رائد في شمال إفريقيا
في وثيقة موقعة من قبل سفير الولاياتالمتحدةالأمريكية في المغرب، صامويل كابلان، وصف المغرب بأنه حليف استراتيجي لأمريكا في مكافحة الإرهاب وفي النعاون وتبادل الخبرات في العديد من المجالات خاصة العسكرية منها.
وورد في هذه الوثيقة، الموقعة بتاريخ العاشر من نونبر من السنة الماضية، أن أمريكا والمغرب يحافظان على حوارات أمنية عدة ويتقاسمان حوارات ثنائية حول مراقبة الحدود، وأنهما يتبادلان مشاورات عسكرية ويجمعهما برنامج شراكة مع الحرس الوطني لولاية يوتا الأمريكية.
وجاء في التقرير الذي حرره كابلان أن البلدين لديهما اتفاق رسمي مشترك لتبادل المعلومات الاستخباراتية، وأن هذه الحوارات تدعم أهداف السياسة الخارجية للولايات المتحدة في المغرب، وتساعد كذلك على ضمان بلد حليف مستقر في المنطقة. وأشارت الوثيقة إلى أن المغرب وأمريكا حافظا على المشاورات العسكرية بهما لسنوات عديدة تحت رعاية اللجنة الاستشارية للدفاع، وأن المناقشات بينهما تجرى مرة كل عام ونصف (18 شهرا). وفي الشق المتعلق بتبادل المعلومات الاستخبارية بين الجانبين، أكدت الوثيقة أن البلدين يجمعهما اتفاق طويل الأمد، يتم تجديده كل خمس سنوات، لتبادل المعلومات الاستخباراتية العسكرية، وتوازيه مشاورات سنوية يحتضنها المغرب أو أمريكا، يتم خلالها تدارس كيفية تحسين تبادل وتقاسم المعلومات. في الجانب العسكري كذلك، أوضحت الوثيقة أن الوكالة الأمريكية التعاون الأمني للدفاع تجتمع سنويا بتمثيلية عن وزارة إدارة التراب الوطني لاستعراض الجوانب المالية من المبيعات العسكرية الخارجية والتمويل العسكري الأجنبي.
وفي سياق خطة التعاون الأمني، تطرقت الوثيقة إلى المؤتمر السنوي الذي ينعقد بين الجانبين لاستعراض الخطط الإستراتيجية والسياسات. وكتب السفير الأمريكي في المغرب في تقريره أن برنامج الشراكة الذي وقع في سنة 2004 بين المغرب وولاية يوتا يشمل زيارات سنوية للقائد العام للحرس القومي لولاية يوتا، تاربت، لعقد اجتماعات مع مسؤولين عسكريين مغاربة وللإشراف على التدريبات.
وفي نهاية التقرير كتب كابلان أن المغرب شريك مثالي في مجال مكافحة الإرهاب وأنه نموذج إقليمي للإصلاح السياسي والاقتصادي، وجاء في الوثيقة كذلك أن الاستمرار في مساعدة المغرب سياسيا وعسكريا سيساعد على إحداث تغييرات إيجابية وعلى ضمان أمريكا لحليف استراتيجي مستقر ورائد في منطقة شمال إفريقيا.
مسؤولة إسرائيلية: المغاربة يتكلمون كثيرا ولا يفون بوعودهم!
"إنهم يحبون الكلام الكثير ولكنهم لا يفون بوعودهم أبدا"، قالت إينات شيلين ميكايل، معلقة على تأجيل السلطات المغربية إنهاء تفاصيل الاتفاق على تحليق طائرات شركة "العال" الإسرائيلية في الأجواء المغربية في طريقها إلى البرازيل. فقد كان يوسف العمراني، الكاتب العام لوزارة الخارجية، قد وعدها، في يونيو 2009، بأن الاتفاق سيكون جاهزا في اليوم الموالي، في إطار حل القضايا العالقة مع الإسرائيليين.
ورغم إقرارها بأن يوسف العمراني استقبلها بكل حفاوة، وحرص على الاجتماع بهابيد أن السفارة الأمريكية قالت، في التعليق الذي تذيل به وثائقها السرية، إن ما تقوله المسؤول الإسرائيلية لا يتماشى مع "ما سبق وسمعناه من المغاربة"، وأبرزت أن المغرب يدعم بقوة السلطة الفلسطينية ضد حماس.
يوسف العمراني: مستعدون لاستقبال تسيبي ليفني
"نحن مستعدون لاستقبالها"، هكذا تحدث يوسف العمراني، الكاتب العام لوزارة الخارجية، لإينات شلين ميكايل، مديرة قسم المغرب العربي وسوريا ولبنان بوزارة الخارجية الإسرائيلية على هامش مؤتمر مكافحة الإرهاب النووي بالرباط في يونيو 2009. وبالفعل، حلت وزيرة الخارجية السابقة بالمغرب بعد شهور للمشاركة في منتدى"ميديز" بطنجة، وهو ما أثار موجة من الغضب في العديد من الأوساط السياسية والحقوقية المغربية.
بل إن العمراني قال، حسب ما ذكرته الوثيقة السرية للسفارة الأمريكية، إنه "عار" ألا تتم الزيارة التي كانت تعتزم تسيبي ليفني القيام بها إلى المغرب منذ شهور.
بيد أن المسؤولة الإسرائيلية أبدت، آنذاك، حسب المصدر الأمريكي دائما، شكوكا في صدق كلام الكاتب العام للخارجية المغربية، وقالت إنه تم تجميد أي فكرة تتعلق بأي زيارة وزارية إسرائيلية للمغرب منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي يقودها بنيامين نتانياهو.
محاكمة بلعيرج لم تكن عادلة
وفي وثيقة أخرى مخصصة لخلية بلعيرج، نقلت المصالح الدبلوماسية بالمغرب عن "يوهان جاكوب"، المستشار في السفارة البلجيكية، قوله إن محاكمة بلعيرج ومن معه لم تكن "عادلة"، وقال إنها "كانت مطبوخة سلفا (precooked)". وتساءل المسؤول البلجيكي، حسب الوثيقة، "كيف يمكن لقاض مستقل أن يصل إلى حكم، ويحدد الأحكام ل35 متهما في أقل من 12 ساعة بعد نهاية المرافعات".
وكشف جاكوب أن السلطات البلجيكية مدت المحكمة بأدلة مكتوبة بالفرنسية والهولندية، ولم تتم ترجمة سوى مقاطع منها وشفويا فقط وأثناء المحاكمة.
ساركوزي يؤيد مقترح الحكم الذاتي
من ضمن ربع مليون وثيقة دبلوماسية للخارجية الأمريكية التي كشف عنها موقع ويكيليكس هناك واحدة سرية نشرتها الصحيفة "الغارديان، أول أمس، ويرجع تاريخها إلى 29 أكتوبرمن 2007، حيث كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في زيارة رسمية للمغرب ما بين 22 و24 من نفس الشهر. هذه الزيارة اعتبرها كل من المغرب وفرنسا نجاحا كبيرا، حيث أبدى ساركوزي دعما رسميا لمقترح الحكم الذاتي المغربي، وضرورة تبني المجتمع الدولي له كأساس لحل قضية الصحراء. واصفا المقترح المغربي بأنه "جاد وذو مصداقية"، وبأنه "عنصر جديد" في عملية طويلة وصلت إلى طريق مسدود. وحسب ويكيليكس، فإن تصريحات ساركوزي الداعمة للمقترح المغربي أغضبت قيادة البوليساريو، في حين تفهمتها الدبلوماسية الأمريكية.
وحسب الوثائق التي نشرها موقع ويكيليكس، فإن فشل الرئيس ساركوزي في إقناع السلطات المغربية بصفقة شراء طائرات "رافال"، حيث فضل المغرب شراء المقاتلة الأمريكية "إف 16"، لم يمنع من إبرام عقود عسكرية أخرى خلال زيارته للمغرب، شملت بيع فرقاطات فرنسية وطائرات هليكوبتر و140 عربة مدرعة.
زيارة الرئيس الفرنسي للمغرب، التي تمت في مجملها حسب السفارة الأمريكية بشكل جيد، تركت الكثير من القيل والقال في الصالونات المغربية بسبب التراخي المريح لساركوزي أثناء جلوسه إلى جانب الملك محمد السادس، عندما وضع ساقه في اتجاه الملك بطريقة لا تراعي التقاليد المتبعة.
المغرب يعارض حصول إيران على السلاح النووي ويتخوف من البرنامج النووي الجزائري
خلال لقاء مع السفير الأمريكي بالرباط، في أواخر نونبر 2006، قال عمر هلال، الذي كان يشغل منصب الكاتب العام لوزارة الخارجية، إن المغرب بعارض حصول إيران عل السلاح النووي، وعبر عن أمله في أن تنجح المجموعة الدولية في إقناع إيران بالتراجع عن مشروعها النووي، سواء بالمفاوضات أو "بكل الوسائل" المتاحة للمجموعة الدولية و"المقبولة" من القانون الدولي.
ولم يفته خلال هذا اللقاء التعبير عن قلق المغرب من غياب الشفافية في البرنامج النووي الجزائري وارتباطه بالجانب العسكري.
وقال هلال: "إذا نجحت إيران في غضون عشر سنوات (في الحصول على السلاح النووي)، فإن بلدانا أخرى في الشرق الأوسط ستحصل على القنبلة (النووية) والجزائريون سيتبعونها فورا".