وصف البروفيسور ستيفان تومبلين، من جامعة نيوفاوندلاد، بسانت جونز بكندا، المبادرة المغربية للحكم الذاتي ب "الجدية وذات المصداقية" التي تهدف إلى "التوصل لتوافق جديد لحل النزاع المدمر الذي عمر طويلا". وقدم البروفيسور تومبلين، خلال ندوة نظمتها البعثة الدائمة للمغرب بالأمم المتحدة الأسبوع الماضي بمقر المنظمة الأممية بنيويورك، دراسة تحليلية مقارنة لتاريخ ممارسة الحكم الذاتي الإقليمي والجهوية بكندا ومميزات المقترح المغربي للحكم الذاتي باعتباره "حلا ترابيا" للنزاع حول الصحراء.
وأشاد البروفيسور، أمام حضور حاشد بالقاعة متكون من دبلوماسيين وخبراء مشهورين، بانعقاد هذه الندوة التي "تناقش موضوعا راهنا في عهد ضعفت فيه البنيات والهياكل القارية، وحيث تتسارع أشكال جديدة من اللامركزية والجهوية والتعددية الترابية".
واعتبر أن "المشاورات حول اللامركزية الترابية أو الجهوية وتأثيرها على النماذج المستقبلية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية استأثرت بكثير من الاهتمام، ليس فقط في المغرب، لكن أيضا في المملكة المتحدةوكندا وبلجيكا وإسبانيا وبلدانا أخرى".
وأضاف أنه من الواضح أنه "لا يوجد نموذج وحيد للتعددية الترابية، ولا لمجموعة من الممارسات الجيدة التي يمكن أن نرتكز عليها".
بالفعل، أوضح أنه على ما يبدو اليوم أن "كل حالة تعتبر فريدة، لأنها متأثرة بسياقها التاريخي وسياستها ومؤسساتها واقتصادها وقيمها السوسيو-ثقافية. كما أن هناك مجموعة واسعة من النماذج والإطارات المتوفرة لتأسيس ممارسة ترابية محددة حسب السياق الكائن".
بالمقابل، يرى البروفيسور تومبلين أن نماذج التعددية الترابية لها نقطة مشتركة، تتمثل في احترام سيادة الدولة، معتبرا أنه ب "كندا، كانت هناك تحديات حول أفضل الطرق لتوحيد السيادات وحماية نظم الحكم الذاتي الترابي بكل الأقاليم عن طريق بنيات وعمليات رسمية".
في حالة المغرب، شدد الخبير الكندي على أن مبادرة الحكم الذاتي تحدد بوضوح في فقرتها الثانية أنها تدخل ضمن "سيادة المملكة ووحدتها الوطنية".
علاوة على ذلك، سجل أن الطريقة الأكيدة لنجاح أي نموذج للجهوية أو الحكم الذاتي الترابي تكمن في "الانخراط في مشاورات مفتوحة وواضحة والتي تسمح ليس فقط بتبادل الأفكار حول الأشكال الجديدة للحكم الذاتي الترابي، لكن أيضا بدراسة النماذج السابقة لاتخاذ القرار"، لافتا إلى أن هذا بالضبط ما ينطبق على المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي جاءت كثمرة لمشاورات واسعة وبناءة، على المستويين المحلي والوطني، في إطار مسلسل ديموقراطي وشفاف وواقعي ومتوافق بشأنه.
بخصوص الصلاحيات الدستورية لمناطق الحكم الذاتي، أوضح البروفيسور تومبلين أن "الأراضي بالشمال الغربي، لونونافو و يوكون" على سبيل المثال تعتبر من "مسؤولية الحكامة الوطنية في المجالات التي لا تدخل ضمن الرقابة المجالية الإقليمية".
وأضاف أن هذه "الأراضي لا تحصل على سلطاتها بشكل مباشر من الدستور" كما هو شأن الأقاليم، "بل من الأقاليم التي فوت لها برلمان كندا ذلك الأمر"، مبرزا أنه بالرغم من ذلك، ف "القدرة الترابية والحكم الذاتي على مستوى الحكومة الإقليمية زادت بشكل ملموس على مستوى الممارسة على مر السنين".
وفي حالة منطقة الصحراء، عدد البروفيسور تومبلين مجموعة من الضمانات المرتقبة للحرص على استدامة الحكم الذاتي وحل الخلافات التي قد تبرز مستقبلا، مشيرا إلى أن الضمانة الأولى تتعلق ب "الدستور المغربي، الذي ستتم مراجعته، ووضع الحكم الذاتي الذي سيدرج كضمانة للاستقرار بهدف ضمان استدامته".
وأضاف في السياق ذاته أن الضمانة الثانية توجد على مستوى الجهة، من خلال إحداث "محكمة جهوية عليا، أي أعلى محكمة بمنطقة الحكم الذاتي بالصحراء"، والتي سيعهد إليها "التفسير النهائي لقانون المنطقة، دون المساس باختصاصات المحكمة العليا والمجلس الدستوري للمملكة"، في إشارة إلى الفقرة 23 من المبادرة المغربية للحكم الذاتي.
وفي الأخير، أكد تومبلين أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي تهدف إلى ضمان تمكين كل ساكنة جهة الصحراء من الاضطلاع بدور أساسي في أجهزة ومؤسسات الجهة، دون ميز ولا إقصاء، موضحا أن هذه الأهداف أكدها بشكل واضح نص مبادرة الحكم الذاتي