علي مسعاد الاستياء العام، الذي عبر من خلاله، المشاهد المغربي على البرمجة الجديدة، التي أتحفتنا بها القناة الثانية، ضمن دخولها التلفزي الجديد، لم يأت من فراغ أو عدم، أو النقد من أجل النقد ولكن، من عدة أسباب، لعل أبرزها هي الصورة "المنحطة" التي ظهرت بها الأسرة المغربية، خلال الحلقات الأولى للبرنامج. وهو تذمر عام، امتد من الشارع إلى المنتديات والمواقع الالكترونية إلى البيوت والمساجد، لكنه لم يعرف طريقه إلى الصحافة الورقية، لأسباب غير مجهولة. فخطيب الجمعة، بمسجد "الخليل" بحي القدس، بسيدي البرنوصي، خص خطبته لهذا اليوم، حول البرنامج، الذي برأيه يضرب في الصميم، ثوابث الأسرة المغربية، التي تقوم على التكامل وليس على الصراع بين الرجل والمرأة، على دور الزوجة في بناء أسرة متينة وليس في تخريب البيوت، باسم الحضارة والتقدم. فالرجل الذي يترك زوجته، تسافر وحيدة، دون محرم و يرضى على نفسه أن يكون أضحوكة، أمام المشاهدين من أجل الفوز و التظاهر بالتقدمية و الحداثة، فهو لا ينتمي لصنف الرجال، الذين يعول عليهم في الدفاع عن العرض والشرف والأرض، وناقص للرجولة وهي منه براء. لم يكن ليخص الخطيب موضوع خطبته، عن دور الأسرة لولا الإحساس بالمسؤولية أمام زحف التخريب و الهدم، الذي يهدد الأسرة المغربية، في عقر دارها، عبر برامج تهدف إلى الربح والسخرية، من كل القيم والثوابت الإسلامية. لأن الصورة التي ظهر بها "الرجال" تجاوزا، خلال هذا البرنامج، لا تعكس في الحقيقة، الواقع كما هو، لأن هناك صنف من الرجال لا يرضى على نفسه أن يكون موضوع سخرية من الآخرين أو أضحوكة بين الرجال، أما القلة القليلة التي ترضى على نفسها، أن تجلس في البيت عوض النساء، فهم غيض من فيض. فالمرأة الحرة، لا ترضى على نفسها أن تكون في كنف شبه رجل، لا غيرة له و بلا أنفة، لأنها تريد رجلا حقيقيا، يخاف عنها وعليها، يدافع عنها وعن شرفه و محيطه، مهما كلفه ذلك من ثمن، لأنه دوره الذي خلق من أجله أن يكون مسؤولا عن رعيته، المسؤولية التي سوف يحاسب عليها، أمام الله. أما نقاد التلفزيون، الذين فضلوا "الصمت" و التواطؤ على ما يجري، من حرب ضروس، من ضرب الشهامة والرجولة، والتي لم تبدأ ببرنامج "المدام مسافرة" بل بالمسلسلات و الأفلام المدبلجة، التي لا علاقة لها بالقيم الإسلامية و ثوابت الدين الإسلامي بقدر ما تسعى إلى خلف وعي سطحي تافه لا هم له إلا المظاهر و حب البروز ضد الثقافة الجادة والرصينة. قد يقول قائل، بأن الرافضين لصورة "الرجل" في برنامج "المدام مسافرة"، رجعية و تخلف و عدم مواكبة لتطلعات العصر، وهو قول مردود على قائليه، لأنه ما معنى أن تكون تقدميا و حداثيا، بلا رجول؟ا وأي معنى "للحداثة" و "للحضارة" إن لم يحمل مشعلها الرجال الأحرار؟ا وهل هناك تعارض بين أن تكون رجلا حقيقا و أن تكون تنويريا و تقدميا؟ا لأن المتأمل، في ما يحدث في الشارع، من انتشار للدعارة و أبناء الشوارع و الأمهات العازبات وغيرها من الظواهر، مبعثه تفكك الأسرة المغربية، أولا وأخيرا، فلو كان الرجل يقوم بدوره والزوجة بدورها، لما إتشرت كل تلك الفضائح في الصفحات الأولى للجرائد، الأكثر رصانة بله صحافة الرصيف و لما تفجرت كل تلك الظواهر ، بشكل لافت للنظر. لأنه، في الوقت الذي تراجع فيه الرجل، عن القيام بدوره، وترك للزوجة كل شيء، حضرت الجريمة و القتل وزنا المحارم و عزوف الشباب عن الزواج و انتشرت الدعارة السطحية منها و الاحترافية و ما لا يعد ولا يحصى من الظواهر الاجتماعية، التي تدور في فلك واحد ووحيد، هو غياب دور الرجل كرجل وليس كديكور لتأثيث المشهد الأسري، وهذا للأسف، ما ساهم بشكل كبير في وجود برامج ك "المدام مسافرة" وغيرها من البرامج التافهة و السطحية، التي تتصدر القناة الثانية، في موسمها التلفزي الجديد.