لم يعد للنافذين في دواليب الحكم بالجزائر سوى الإقرار بالأمر الواقع وكشف الحقيقة أمام الرأي العام الجزائري والدولي، بخصوص وفاة بوتفليقة أو وضعه الصحي المحرج بعد إصابته بشلل نصفي، وبالتالي الاستعداد لانتخابات رئاسية لتعيين خلف له طبقا للفصل 102 من الدستور المعدل(الفصل 88 من الدستور القديم).. مناسبة هذا الكلام، هي الإلغاءات المتكررة للقاءات هامة كان سيلتقي فيها الرئيس بوتفليقة بشخصيات دولية، كما هو الشأن بالنسبة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير الخارجية الاسباني..
وإذا كان المسؤولون في الجزائر قد أجهدوا أنفسهم لنفي وتكذيب الأخبار التي تحدثت عن أسباب إلغاء هذه اللقاءات والتي تعود بالأساس إلى تدهور صحة بوتفليقة، فإنهم لم ينبسوا ببنت شفة أمس الاثنين بعد إلغاء اجتماع مهم كان مقررا عقده مع كل من مصر وليبيا، وكان النظام الجزائري يعول عليه، خاصة انه يأتي للتشويش وتقويض اتفاقية الصخيرات التي كان للمغرب شرف تسهيلها ودور كبير في لم شمل الفرقاء الليبيين.
الإعلان عن اللقاء الثلاثي بين مصر والجزائر وليبيا، والذي كان منتظر أن يحضره الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، جاء بمثابة القشة التي قصمت ظهر النظام الجزائري وكشفت حقيقة الوضع الصحي المتدهور لبوتفليقة الذي تحدثت مصادر إعلامية دولية عن وفاته السريرية، كما أفادت بذلك صحيفة دير شبيغل الألمانية التي سردت مجموعة من الوقائع التي جعلت النظام الجزائري يحجم عن الإعلان عن وفاة الرئيس بوتفليقة بسبب الخلافات والحروب الطاحنة بين الأجنحة المتصارعة حول خلافة الرئيس..
يشار الى أن هذا اللقاء الثلاثي، الذي تم إلغاؤه، يهدف إلى وضع "خطة للتوفيق بين أطراف الأزمة الليبية وتفادي أي انزلاق للأوضاع، في إطار مبادرة إقليمية ثلاثية تستهدف وضع إطار إقليمي لحل الأزمة في ليبيا" ، حسب ما ذكرته في السابق بعض المصادر الدبلوماسية الجزائرية..
وكان اجتماع وزاري، بداية هذا الشهر، مهد لانعقاد اجتماع على مستوى الرؤساء يجمع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والرئيس التونسي الباجي قايد السبسي والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في الجزائر..
إلا أن حالة بوتفليقة الصحية المتدهورة، أو وفاته المحتملة كما تحدثت عن ذلك بعض الصحف والعديد من وسائل الإعلام، حتمت على المسؤولين والنافدين داخل دواليب الحكم بالجزائرية إلى إلغاء هذا اللقاء دون ذكر الأسباب، وهي معروفة لدى القاصي والداني لأن أشعة الشمس لا يمكن أن تحجب بالغربال وكذلك هي حقيقة مرض بوتفليقة وأزمة الخلافة داخل النظام الجزائري، الذي لم يعد بمقدوره الاستمرار في الكذب على ذقون الجزائريين..