انسحبت أغلب الدول العربية من القمة الإفريقية العربية، المنعقدة في غينيا الاستوائية، بسبب إقحام الجمهورية الافتراضية للبوليساريو في هذا المنتدى، الذي من المفروض فيه أن يكون منبرا للحوار بين العرب والأفارقة، لكن الموقف المثير صدر من تونس "الشقيقة"، التي يوليها المغرب كامل الاعتبار وتحدى جلالة الملك محمد السادس الإرهاب وخرج يتجول في الشارع دون حراسة، مما ساعد على عودة السائح الأجنبي لهذا البلد، لكنها فضلت الاستمرار في فعاليات المؤتمر جنبا إلى جنب مع جمهورية غير موجودة سوى في العالم الافتراضي. إنها إهانة كبرى أن يوضع علم تونس، علم المناضلين الشرفاء رفاق المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة وأصدقاء الملك الإفريقي محمد الخامس، جنبا إلى جنب مع خرقة حفنة من المرتزقة أقحمتها الجزائر بفضل رشاوى "المازوت" في منظمة الوحدة الإفريقية.
تونس التي تعيش وضعا متذبذبا ما زالت تعول على أوهام السيولة الجزائرية التي نضبت بفعل التراجع المهول لأسعار النفط في السوق الدولية، كما تخاف من أن يتسرب إليها الإرهابيون تحت أعين الأمن الجزائري، المتواطئ مع الإرهابيين من أجل ضرب دول الجوار.
في الواقع نعتقد أن المشكل ليس في تونس ولكن فينا نحن. فمنذ إزاحة الحبيب بروقيبة من رئاسة الجمهورية التونسية، لم تعد العلاقات بين الرباطوتونس على ما يرام، ولم يدون التاريخ موقفا معتبرا لتونس تجاه المغرب، بل مواقفها دائما هشة، وفي أحسن الأحوال تدعو للحوار بين أطراف النزاع حول الصحراء وهي تعرف أكثر من غيرها أن الصحراء مغربية بحكم العلاقات التاريخية التي جمعت بين المقاومة بالبلدين.
موقف تونس الأخير يقتضي وقفة حازمة من المغرب، كي يميز بين الخبيث من الطيب، وبين الصديق وبين الذي يختبئ وراء قناع الصديق وهو في حكم الأعداء، وهؤلاء هم الذين يمكن أن تأتي منهم الضربة القاضية، وعلى الديبلوماسية المغربية أن تكون واضحة تجاه تونس وتعتبره بلدا لا ينتمي للحلف المغربي.
المغرب اليوم قوي في إفريقيا بفضل الإستراتيجية الملكية والاستثمارات الضخمة التي وضعها في هاته القارة، حيث تعرف البلدان الإفريقية تحولات في موقفها من قضية الصحراء، وإذا كنا كسبنا إفريقيا ماذا نريد أن نفعل بأفريقية (اسم تونس حاليا) التي اقتطعها مروان بن الحكم لنفسه؟