شعب بريس- صالح قمران بالأمس القريب وقبل شهور قليلة خلت ارتدى الرجاء البيضاوي ثوب البطل وخرج مكللا ومتوجا بتاج ودرع البطولة المغربية باستحقاق وجدارة في أخر نفس من أنفاس عهد الهواية، لكنه مع بداية الموسم الكروي الجاري –الموسم الذي أسال الكثير من الحبر والمداد باعتباره الموسم المدشن لزمن الاحتراف الكروي بالمغرب- تقلب المزاج الكروي للرجاء البيضاوي في وقت عولت عليه أقلام الكثيرين من المهتمين بالشأن الرياضي والمتتبعين لمشهدنا الكروي ليكون قاطرة لقطار الاحتراف بالنظر لعطاءاته وإنجازاته وقيمة ألقابه على المستوى الوطني والقاري والعالمي، فبالبارحة فقط كان يجاري ريال مدريد في البرازيل في بطولة العالم للأندية. غريب أمرك يا رجاء الشعب،فمن المحبط أن تعلن مبكرا فشل نبوءة الأب جيكو ذات يوم حين فكر في إنجاب مولود كروي وأراد من صرح كروي اسمه الرجاء أن تتنفس البيضاء ومعها المغرب أكسيجينا وهواء رجاويا إلى جانب الغريم التقليدي وداد الأمة وأن تقتسم الجماهير العاشقة ولهها وعشقها لقطبين من أقطاب الكرة المغربية، اليوم وبعد نكسات في دوري المجموعات الإفريقية أمام فرق متوسطة الحجم الكروي لا ترقى إلى مستوى أمجادك وطموحات جمهورك ،وفي مقابلة تمهد لزمن الاحتراف تخلع متواضعا جلباب البطل وتتواضع كرويا ويخبو توهجك الكروي المعتاد وتكبو كبوة البداية. قد يجمع كل الأخصائيين والمحللين أن الرجاء البيضاوي فريق كبير كباقي الفرق الكبرى تمرض ولا تموت ،لكن واقع هذا النادي العريق يطرح حزمة من الأسئلة الحارقة والمؤرقة ويحتم وضع أصابع اليد بكاملها على موطن الداء ،فالمعزوفة الكروية المغربية لا تستقيم وفيها عملاق رياضي اسمه الرجاء يعزف في بداية الاحتراف نغمة كروية نشاز خارجة عن اللحن والمقام. إن مباراة الرجاء البيضاوي والنادي القنيطري رغم ما قدمته من فرص يتيمة للتهديف لا تؤشر بأن زمن الاحتراف الحقيقي قد دارت رحاه وتحركت عقاربه وانطلقت عربات قطاره المكوكي ،بل إنها مباراة متواضعة الجودة التقنية ،بلغت ما بلغت من الضعف والرتابة، لا تخدم بأي شكل من الأشكال صورة منتو جنا الكروي الذي نتوق لأن نراه أكثر توهجا وأكثر جودة وجاذبية ،فالعين الكروية لا ترى اليوم في زحام الكرة العالمية إلا اللمحة الكروية الجذابة والممتعة خدمة لمالكي حاسة التذوق والجمال الكرويين. إن هذا التواضع الكروي الذي أصاب الرجاء البيضاوي طيلة مبارياته الأخيرة العجاف-ومن عين متتبعة فاحصة- يجرنا إلى الحديث عن أن مسؤولية النكسة الكروية الرجاوية هي مسؤولية فاعلين كروين اثنين لا ثالث لهما: 1. المدرب: الروماني إيلي بالاتشي رغم سيرته الرياضية الحافلة بالألقاب ، بلغ عمر الشيخوخة الكروية ،فغريب أن تسند مأمورية التدريب لمدربين أمست خططهم مستهلكة عارية مفتقدة للتجديد، فإذا هرم الربان وكثرت أخطاءه وزلاته فعلى الطائرة السلام، خاصة إذا علمنا أن الكرة اليوم أضحت عالما يتجدد باستمرار، فبالاتشي ليس هو مدرب المرحلة تماما، فبالاتشي زمن فريق الحليب –ألأولمبيك البيضاوي-أيام أوزوغات وبالاتشي اليوم ،بينهما برزخ لا يبغيان. 2. غياب الانضباط التكتيكي لدى اللاعبين، فالرجاء أصبحت تلعب بمزاج لاعبيها في حين أن زمن الاحتراف، اللاعب كالجندي ينضبط لخطة مدروسة صارمة تتيح له الاجتهاد في مساحات ضيقة خاصة في الدفاع الرجاوي الذي أمسى مكشوفا و مفتوحا به شوارع سيارة. وعليه فإن العلاج الآني هو إحداث تلك الرجة النفسية-طبعا مع تعديلات تقنية ضرورية – في كل مكونات الفريق الرجاوي مع الاعتقاد الجازم أن لحن الفوز سيعزف من جديد وستتكلم الكرة "رجاوي" انسجاما مع القول المأثور: لولا الأمل لبطل العمل ،فالرجاء من اسمها هي عنوان الأمل. أما فريق النادي القنيطري فرغم انتصاره في الدقيقة (90) من المقابلة إثر ضربة خطأ ثابتة نفذها بإتقان اللاعب أشرف العربي وجسمها ب" سماتش" وبرأسية رائعة على طريقة مهاجمي الكرة الطائرة اللاعب مامادو ديانغ ،هذا الفريق ظفر بنقط النصر الثمينة لكنه مازال بعيدا عن ماض كروي تليد لفريق المواهب ،فبين حواري وأزقة القنيطرة كان يصول ويجول موهبة كروية إسمها البوساتي ومازال رقمه القياسي كهداف للبطولة الوطنية عصيا على أقدام المهاجمين المغاربة من زمن الهواية حتى لحقهم زمن الإحتراف.
إن أماني المهتم بالشأن الرياضي المغربي هي أن تصحو الفرق المغربية لأداء موسم كروي يليق بسمعة المغرب الرياضية التي بدأت تسترجع أنفاس تألقها وأن لايكون الإحتراف قد ولد بعملية قيصرية أو خرج إلى الوجود مولودا خديجا قبل أوانه ،فالإحتراف ليس إسما يلفظ على عواهنه إنما هو منظومة متكاملة تسمو بالرياضة إلى أعلى مراتبها وبمنتوجنا الكروي إلى أعلى مؤشراته في بورصات التداول الرياضي العالمي،فاللهم ارحم لاعبي رجاءك بشآبيب رحمتك وغيثك لعل أقدامهم تمطر على عشاقهم إبداعا كرويا وألقابا تعيد في الرجاء الأمل والرجاء.