مع إطلاق مشروع إنشاء مصنع ل"بوجو سيتروين" بالمنطقة الحرة "أتلانتيك فري زون" بجهة الرباطسلاالقنيطرة في 2015، يكون المغرب قد دخل مرحلة جديدة ستعزز الطفرة الهامة التي حققها قطاع صناعة السيارات على مستوى التشغيل والتصدير خلال السنوات العشر الماضية، بما يكرس التموقع الصاعد للمملكة كرائد إقليمي في صناعة السيارات ويؤهلها لدخول مضمار المنافسة العالمية. وتميزت سنة 2015 أيضا، في إطار مخطط تسريع التنمية الصناعية 2014 - 2020 ، بتحقيق إنجازات كبيرة في القطاع مثل إطلاق سلسلة من الوحدات المندمجة، وتعزيز عدد من الفروع المرتبطة بقطاع السيارات، الذي تجاوزت قيمة صادراته لأول مرة قيمة صادرات الفوسفاط ومشتقاته.
وشملت الجهود أيضا إعادة تنظيم وهيكلة القطاعات الصناعية، بشراكة مع القطاع الخاص، انطلاقا من المقاربة القائمة على إحداث وحدات مندمجة لصناعة السيارات تتمتع بالفعالية، حيث تم فعلا إطلاق أربع وحدات مندمجة في فروع أسلاك السيارات والأجزاء الداخلية والمقاعد والألواح المعدنية وبطاريات السيارات.
وسيكون لمشروع مصنع "بوجو سيتروين"، الذي ترأس جلالة الملك محمد السادس حفل التوقيع على الاتفاقية الخاصة به بين المملكة المغربية والمجموعة الفرنسية "بي إس إي بوجو- سيتروين" في يونيو الماضي باستثمارات تقدر بستة ملايير درهم، أثر إيجابي كبير في تسريع وتيرة نمو القطاع، كثاني مركب لصناعة السيارات بالمغرب بعد مصنع رونو بطنجة.
وسيفتح المصنع، الذي سيكون جاهزا في 2019 ، آفاقا واعدة في التشغيل من خلال توظيف 1500 مهندس، وإحداث 45 ألف وظيفة مباشرة، إضافة إلى 20 ألف وظيفة غير مباشرة وسيمكن من إنتاج 200 ألف سيارة و 200 ألف محرك.
وتزامنا مع إطلاق مشروع مصنع "بوجو سيتروين"، صدرت هذه السنة دراسة حول التكوين والتشغيل وعلاقته بقطاع صناعة السيارات، لتبين أن القطاع أصبح يوفر فرصا للشغل ويساهم في تقليص نسبة البطالة في المغرب إضافة إلى توفير يد عاملة مغربية مؤهلة.
وأكدت الدراسة، التي جاءت في إطار مشروع "الحكامة في مجال التكوين المهني من أجل توظيف مثالي بمنطقة البحر الأبيض المتوسط"، أن القطاع يتوفر على 40 مهنة من بينها 26 مهنة ستحتاج في أفق سنة 2017 إلى يد عاملة مؤهلة وأطر عليا، وذلك بغرض تلبية حاجيات القطاع وتمكينه من رفع قدرته الإنتاجية.
ووضعت الدراسة بالتالي على عاتق الدولة مسؤولية توفير تكوين مهني ونظام تعليمي يكون قادرا على توفير يد عاملة تستطيع التجاوب مع التطورات الصناعية والتكنولوجية التي تعرفها صناعة السيارات.
وبالفعل يعيش قطاع السيارات بالمملكة أوج ازدهاره بعد أن سجل في 2014 رقم معاملات قدر ب 55 مليار درهم، مما خول إحداث قيمة مضافة قدرت ب 9,4 مليار درهم وتوفير 73 ألف فرصة عمل، ليتصدر بذلك باقي القطاعات الإنتاجية والصناعية عند التصدير.
وقفزت صادرات السيارات ومكوناتها في العام الماضي بنسبة تصل إلى 53 في المئة، مقارنة بعام 2013 لتصل إلى نحو ملياري دولار، وتحتل المرتبة الأولى في قائمة الدول المصدرة لمنتوجات السيارات في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط.
وسجل القطاع في الفترة ما بين 2012 و 2014 أفضل أداء عند التصدير بين باقي المهن العالمية للمغرب، حيت نمت صادرات القطاع ب 26 في المئة مقابل 11,5 في المئة مثلا بالنسبة لقطاع الالكترونيك و 8,4 في المئة بالنسبة لقطاع الصناعات الغذائية، حسب أرقام وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي.
وجاء مخطط تسريع التنمية الصناعية 2014- 2020 ، الذي تم إطلاقه في أبريل 2014 ، لتعزيز الزخم الذي يعرفه القطاع عبر تسطير أهداف طموحة تتمثل في مضاعفة إنتاج صناعة السيارات بالمغرب ليبلغ 800 ألف سيارة في أفق 2020 مقابل 400 ألف خلال 2014.
كما يتضمن المخطط تحسين وتيرة اندماج هذا القطاع محليا والتي يرتقب أن تنتقل من 45 في المئة في 2014 إلى 65 في المئة سنة 2020 ، فيما ينتظر أن ينتقل عدد فرص الشغل التي يوفرها القطاع من 73 ألف فرصة عمل سنة 2014 إلى 163 ألف في أفق سنة 2020 ، أي نحو 90 ألف منصب شغل جديد بحلول سنة 2020.
ويستفيد قطاع السيارات من عدة مؤهلات وإمكانيات بنيوية توفرها المملكة، خاصة الاستقرار المؤسساتي والسياسي والماكرو- اقتصادي، وانفتاحها على الخارج من خلال مختلف اتفاقيات التبادل الحر الموقعة والإصلاحات المهيكلة المنفذة من أجل تحسين مناخ الأعمال.
وينضاف ذلك إلى تطوير عرض نوعي وجذاب يقوم على إحداث بنية استقبال ذات جودة (المناطق الصناعية المندمجة) بتكاليف تنافسية وربط لوجيستي سككي وسيار ومينائي وجوي جيد، إلى جانب استراتيجية تكوينية مجددة وبراغماتية تقوم على أربعة معاهد للتكوين في مهن صناعة السيارات، اثنان في طنجة وواحد في القنيطرة وآخر بالدار البيضاء.
وأدى ذلك لاستقطاب عدد من أكبر شركات صناعة السيارات والمهن المرتبطة بها، باختيار العديد من مصنعي تجهيزات السيارات والمناولين ذوي الصيت العالمي الاستقرار بالمغرب.