كشف تقرير للمجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حول الاختفاءات القسرية في الجزائر، عن وجود 3104 قضية اختفاء ماتزال غامضة وترفض الحكومة الحديث عنها. وأعاب المجلس الدولي على السلطات رفضها السماح للفريق الأممي العامل على الاختفاءات القسرية زيارة الجزائر خلال السنة الماضية. ويبرز التقرير المنشور على الموقع الإلكتروني للمجلس الدولي لحقوق الإنسان الذي يوجد مقره جنيف، تفاصيل جديدة بشأن قضية الاختفاءات القسرية في الجزائر، فقد عرض هذا التقرير خلال الدورة ال30 لدورة المجلس منذ أيام قليلة. وأهم ما ورد فيه إشارته إلى وجود 3014 قضية غامضة عن أشخاص اختفوا قسرا، خلال الفترة المُمتدة من 1980 إلى 2015.
ويوضح التقرير أن "هذه الأرقام تشير أيضا إلى وجود 20 امرأة وسط المفقودين، وحسب التحقيقات اُكتشف أيضا 11 شخصا يقبعون في السجون وقد أطلق سراحهم، فيما توفي من إجمالي المفقودين 8 أشخاص". ورغم هذا العمل الذي قدمه الفريق الأممي العامل على التقرير، إلا أنه عبّر عن خيبة أمله من السلطات الجزائرية التي "لم تقبل التواريخ المختلفة لزيارة الفريق الجزائر".
وتابع التقرير في هذه النقطة: "على الرغم من الخطاب الرسمي الجزائري الذي تلقاه الفريق الأممي في فبراير 2014، بشأن السماح لأعضائه بزيارة الجزائر بعد مارس من نفس السنة، إلا أن هذه الوعود لم تلتزم بها السلطات، وعليه يأمل الفريق العامل قريبا أن يسمح له بالقيام بزيارة إلى البلاد".
وبناء على هذه المعطيات "السلبية"، قرر مجلس حقوق الإنسان في قراره رقم 27/21، أن يُعيّن لفترة ثلاث سنوات، مقررا خاصا معنيا بمسألة التأثير السلبي للتدابير القسرية الانفرادية في التمتع بحقوق الإنسان في الجزائر. وطلب المجلس أيضا، حسب نشرة إعلامية له، من المقرر الخاص أن يقدم سنويا تقريرا إلى مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة.
ويبقى ملف الاختفاء القسري شوكة في حلقة الحكومة، حيث يرى متابعون حقوقيون للملف أن سياسة المصالحة قد أعاقت ضحايا الاختفاءات القسرية، بخصوص حقهم في التمكن من الحقيقة والعدالة وجبر عادل وكامل للضرر، كما جاء في الميثاق البديل من أجل الحقيقة والسلم والعدالة، المحرر من طرف تحالف جمعيات ضحايا سنوات التسعينات، الذي يقترح تدابير لصالح حل عادل ومنصف لكل ضحايا نزاع سنوات التسعينات.
في المقابل، تشير تقديرات للجمعية الجزائرية "أس.أو.أس مفقودون"، أن "7200 مفقود بفعل أعوان الدولة معترف بهم رسميا بالجزائر". وتفيد الجمعية بأنه "في الواقع، يحتمل أن العدد الحقيقي أكبر من ذلك، فحسب السلطات، تم حل وغلق ملفات الضحايا، دون حقيقة ولا عدالة، ببساطة لأنها تقترح على العائلات تعويضات مالية مقابل حكم وفاة".
وتدافع الجمعية عن ضحايا الاختفاءات القسرية، من خلال تنبيهها المستمر للسلطات العمومية إلى أن المعاهدة الدولية من أجل حماية جميع الأشخاص ضد الاختفاءات القسرية، المُوقعة من طرف الجزائر في 2007، تكرس حق الضحايا وعائلاتهم في العدالة، معرفة الحقيقة وجبر عادل وتام للضرر. وهذه المعاهدة تقر في موضع آخر، بأن ممارسة عامة أو بصفة نظامية للاختفاءات القسرية تشكل جريمة ضد الإنسانية.