حينما تطأ قدمك مرتيل، تلك المدينة الشاطئية الجميلة بطرقاتها الجديدة وتهيئتها العمرانية والمجالية التي أعيد النظر فيها بأمر من جلالة الملك، تتيقن انك في أيقونة الشمال التي أضحت تنافس وتضاهي المدن الاسبانية، المعروفة بسياحتها على المستوى العالمي، فالارتقاء بالمستوى الحضري والعمراني للمدينة جعلها لا تقل شأنا عن مدن شبه الجزيرة الايبيرية أو على الأقل هكذا أريد لها أن تكون، لكن مقابل هذه الصورة الجميلة وانت تدخل مارتيل، سرعان ما تتفاجأ بوضع اخر، وانت تتوغل داخل ازقتها ودروبها واسواقها ومطاعمها الشعبية، فتظهر لك صور البؤس التي لا تسر الناظر، ويسعى بالطبع الى محيها عبر انتقادها وتغييرها. وفي هذا الروبورتاج حاولنا ابراز الوجه الاخر لايقونة الشمال، وأملنا ان نعود في العام المقبل وتختفي هذه المظاهر "الوسخة". يحز في النفس ويؤلم القلب أن تتحول هذه المدينة إلى وكر للدعارة بكل أصنافها، والى مسرح للجريمة وتغدو مخبأ للهاربين من العدالة، ويعتبر المجمع السكني "ميكسطا"نموذجا لما نقول، فهذا الكارتيل أصبح يضرب به المثل قي القوادة بجميع أشكالها، معروفة هي أحياء مرتيل التي حولها بعض الانتهازيين الى سوق نخاسة بامتياز بالاضافة الى الجريمة التي تصاعدت بكل مخيف .. فوضى عارمة في عرض الأسماك سطول متسخة وعفونة وثلاجات معطلة المدينة لاتتوفر ولو على مطعم واحد في مستوى مكانتها وسمعتها لدى المغاربة والسياح الأجانب، الأوساخ تنتشر في كل مكان الأزبال تتكدس بطريقة عشوائية يمنة ويسرة وأينما ولّيت وجهك ثمة قاذورات، حاملة معها كل أصناف الحشرات والميكروبات والأمراض.
أسماك على قارعة الطريق وطباخون من درجة رديئة جدا إلى ميناء المضيق حيث تتوزع المقاهي الصغيرة المختصة في بيع سمك السردين... هنا يمكنك أن تصل بسرعة إلى المستعجلات إن غامرت بتناول وجبة لتخفف وطأة الجوع .... هنا المطاعم بدون مرافق صحية، أما بالوعات "الواد الحار" فهي مفتوحة على صحون "البّيصر" كما يسميها اخوتنا في الشمال..
عشوائية لامثيل لها واستهثار بصحة المواطنين هنا طباخ بشعر أشعث وملابس متسخة.. وبين الطاولات التي اختارها الزبناء لتناول وجبات الأكل، يتنقل النادل بأظافر طويلة ومتسخة وارجل عارية ومتسخة حاملة قاذورات متعددة الأصناف والأنواع، تتبعه رائحة عرق عطنة تنبعث من إبطيه المتسخين..
بدون تعليق روائح كريهة تنشرها قنوات الصرف الصحي، "القوادس" كما نسميها، تنساب بشكل عادي بجنبات طاولات الأكل أمام أعين الزبناء، الذين أضحوا عرضة لجشع ولامبالاة أصحاب المطاعم المغامرون بمستقبل المدينة..
مراحيض مغلقة على العموم كل الأوساخ والقاذورات تجمعت في جنبات وطرق مارتيل، في غياب المسؤولين عن النظافة والمراقبة الصحية بموازاة الإهمال واللامبالاة التي يبديها أصحاب المطاعم والمقاهي.
أسماك معدة للاستهلاك توضع على مقربة من الواد الحار إنهم يستغلون فترة الصيف وتدفق المصطافين على المدينة لممارسة هوايتهم في نهش و"ترييش" الزبناء، حيث أثمنة وأسعار الوجبات والمشروبات والخدمات المقدمة في هذه الأماكن تفوق بكثير تلك التي يؤديها الزبناء في أرقى الأماكن السياحية في المغرب وحتى في العالم..
الفوضى وفي هذا الصدد، يقول أحد السياح متذمرا انه أدى 200 درهما مقابل وجبة رائعة، اشترك فيها مع أربعة من أفراد أسرته، اشتملت على صحن كبير من السمك المتنوع (فريتير) بالإضافة إلى السلاطة وطبق من الفواكه والمشروبات الغازية، داخل مطعم راقي بمدينة طنجة التي لا تبعد إلا بأقل من 50 كلمترا على مارتيل.
أزبال متراكمة ولامن يحرك ساكنا فيما دفع مقابل وجبة بئيسة بالمضيق مبلغا يضاهي ميزانية الاصطياف لمدة 10 أيام أو أكثر في إحدى المدن الشاطئية الأخرى.
هكذا غدت المدينة التي أرادها جلالة الملك أن تكون مدينة نموذجية على ساحل البحر الأبيض المتوسط وشملها جلالته برعايته السامية كي تجلب السياح من المغرب والخارج، لتضاهي وتنافس بذلك المدن الشاطئية في الجنوب الاسباني..