كتب فقيه مغربي يقيم في البرازيل رسالة إلى عبدالسلام ياسين، مرشد "العدل والإحسان" يصف فيها مواقف ياسين ب"الخزعبلات". وقال الشيخ الصادق العثماني، وهو مغربي يرأس مؤسسة الإمام مالك للشؤون الإسلامية بالبرازيل، في رسالته وهي بعنوان "طاعة السلطان واجبة بالسنة والقرآن"، "نقذف بعض الأسئلة المحرجة في وجه أستاذنا الكريم عبد السلام ياسين الذي يستهزئ بنا هذه الأيام، لأننا نقبل يد ملكنا وأميرنا، وأقول: هل تعلم بأن مريديك ومحبيك يعتبرونك نبيا ورسولا يوحى إليك!! ولك كرامات ومعجزات، منها أنك خرجت مرة من آسفي ورجال الأمن يطوقون مكان إقامتك، ولم يستطيعوا رؤيتك لأنك اخترقت الحيطان ووصلت إلى مدينة سلا "قبل أن يرتد إليك طرفك"..؟؟!!. وأضاف "كما أنك تعلم بأن حاشيتك وأتباعك لا يكتفون بتقبيل يديك- وهذا مقبول ومتعارف عليه ولا بأس بذلك- بل الطامة الكبرى والمصيبة العظمى هي عندما يشربون بقايا الماء الذي تتوطأ به، ويتبركون بالتراب الذي تطأه!؟ ويتمسحون بثيابك بغية الشفاء من أمراضهم وأسقامهم التي عششت في رؤوسهم بسبب أفكارك وخزعبلاتك!! ؟؟". وزاد العثماني، في الرسالة التي خص بها موقع لكم، في انتقاده لياسين قائلا "تعيب علينا وأنت تستقبل مريديك وضحاياك الجدد وهم يزحفون إليك على البطون كالحيات في البراري، ولا يجرؤون على رفع رؤوسهم إليك..!!؟ كما يروون بحضرتك منامات، التي تعتبرها أنت مبشرات ومعجزات ما أنزل الله بها من سلطان ولم تغير ذلك لا بقول ولا بفعل..!!، بل توافقهم عليها وتزكيها تعميما لتعمية الشباب المغربي والزج به في الخرافات والشعوذة والخمول والكسل والاتكالية..!!". كما أشار العثماني إلى شهادة امرأة قالت "إنها رأت فيما يرى النائم الشياطين تهاجمها، وأنها قرأت عليها القرآن ولم تتراجع، ولكن عندما نادت على (سيدي عبد السلام) صغرت الشياطين، وقالت لها امرأة: أتعرفين هذا الاسم التي ناديت عليه؟ فأجابت نعم، فقالت لها: هل تعلمين أن أمه قالت بأن من رأى سيدي عبد السلام ياسين يدخل الجنة، ومن سمع به يدخل الجنة، على حد قول الرواية؟ والغريب في الأمر أن أستاذنا ياسين أقر رواية هذه المرأة المسكينة مؤكدا فيما بشرت به، وقال في جواب صوتي تم بثه عبر موقعه الخاص: بأن بعض أعضاء الجماعة يزورون قبر والدته ويكلمونها ويسمعون منه..!!". كما أشار إلى "بشرى" أخرى يرويها أحد أعضاء الجماعة بدون حياء من شخص رسول الله (ص) مفادها "أنه رأى جسد الرسول مقطوع الرأس، وبحث بين كومة من الرؤوس إلى أن وجد رأس الشيخ ياسين فوضعه على جسد النبي (ًص) فبدأ يمشي..!!". وخلص العثماني إلى أن جماعة ياسين تعتقد أن المسلمين لم يعرفوا أية خلافة بعد علي، وأن أشكال الحكم التي أتت بعد ذلك كان مجرد ديكتاتورية جبرية مغلفة بعباءة الإسلام، والخلافة الحقيقية التي ستتلو خلافة علي هي خلافة الشيخ عبد السلام ياسين، "وهذا ما أكده منير الركراكي في إحدى محاضراته، وتواترت الكثير من الروايات في هذا الاتجاه ومافتئ أعضاء مكتب الإرشاد يرددون في كل لقاءاتهم بمريدي الجماعة أن عبد السلام ياسين هو الخليفة المنتظر ليس للمغرب فحسب، وإنما خليفة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، كما ادعى بعض الأعضاء أن الرسول بشر أتباع ياسين بالنصر وأنه تصفح كتابه (المنهاج النبوي) وأثنى عليه، وأن هذا الكتاب هو أصح كتاب بعد القرآن الكريم..!!". ................. فيما يلي نص الرسالة كاملة: عندما يتحدث تاريخ الإنسانية عن الذكريات والأحداث التي صنعت على مدار الدهر، هي محطات لزم أن يتوقف عندها المرء بتأن ورويه، لكي يستجلي منها جملة من عبر الأيام ودروس الماضي، وليبني عليها بالتالي دعائم المستقبل انطلاقا من رؤية متبصرة بالواقع المعاش، حينها ينبغي له أن يرجع بذاكرته بكل إجلال وإكبار لصفحات المملكة المغربية الشريفة، وتاريخها المشرق حقا، والتي كللت جبين الدنيا بأزاهير التسامح والسلام والتعايش الحضاري والإنساني بين مكونات شعبها وشعوب العالم ؛ بحكم موقعها الجغرافي وتميزها الثقافي وخصوصياتها الدينية المتنورة... فكأنما باتت أسطورة من نسج الخيال، ابتدأت مع قصة رجل فقيه عالم ينتسب إلى بيت الأشراف، وهو المولى إدريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى، بن الحسن بن علي ابن أبي طالب، بن خالد بن العاص، بن هشام بن المغيرة المخزومي ؛ ولعلمه ونسبه الشريف فبمجرد ما وطأت قدماه أرض المغرب قادما من بلاد الحرمين الشريفين، بايعه المغاربة على سنة الله ورسوله يوم الجمعة 4 رمضان سنة 172 الموافق 6 فبراير789م، ومن تلك الحقبة الزمنية وجيلا بعد جيل وسنة بعد سنة ظلت إمارة المؤمنين رباطا يجمع شمل المغاربة، ويحقق استمرار مرجعيتهم الدينية ووحدة جغرافيتهم الترابية والمذهبية، كما حمت أمن المغاربة الروحي والثقافي والفكري والقانوني..، وعليه امتازت الأمة المغربية بخصوصيات ومميزات انفردت بها عن باقي دول العالم الإسلامي والعربي، ومنها البيعة الشرعية وإمارة المؤمنين، كمنهج ومدرسة ونظام لحكمهم وتدبير شؤون دينهم ودنياهم، لن يرضوا غيره بديلا، ولا يبغون عنه حولا، مع الأخذ بالطريف المفيد والمبتكر الجديد من اجتهادات أهل العلم والمعرفة، التي لا تتعارض ومقاصد الشريعة الغراء، نسوق هذا الكلام لكثرة الهرج واللغط هذه الأيام من قبل بعض الحداثيين والمتأسلمين؛ بتداولهم وترويجهم لأفكار دخيلة عبر الصحافة الوطنية والأجنبية والشبكات العنكبوتية العالمية، تصب جلها في محاولة التشويش على معتقد أهل السنة والجماعة في مشروعية إمارة المؤمنين، وفي مقدمة المهرجين مرشد جماعة العدل والإحسان عبد السلام ياسين، وابنته المدللة وولية عهده نادية ياسين، والدكتور الريسوني والرميد، والداودي، وبعض تلامذة "ماركس" و"لينين" و"سطالين"..!! أقول لهؤلاء جميعا وبكل صدق ومحبة؛ بأن إمارة المؤمنين والبيعة الشرعية وما يتبعها من تقديم الطاعة والاحترام والتبجيل لشخص السلطان (الملك) ؛ بكونه أميرا للمؤمنين والأب الروحي للمغاربة أجمعين، وتقبيل يده والدعاء له وعدم الخروج عليه سواء بالقول أو الفعل، هي من مستلزمات وواجبات الدين الإسلامي، الذي يحثنا على طاعة أولي الأمر فينا مصداقا لقوله تعالى :(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم..) وفي الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم يقول (ص): (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) ويقول (ص): (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم....) وفي حديث آخر (إذا مررت بأرض ليس فيها سلطان فلا تدخلها إنما السلطان ظل الله ورمحه في الأرض). ويقول شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في كتابه: (السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية) في فصل من فصول الكتاب سماه: "وجوب اتخاذ الإمارة: "يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من واجبات الدين، بل لا قيام للدين إلا بها، فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع، لحاجة بعضهم إلى بعض، ولابد لهم عند الاجتماع من رأس". فطبع بنو آدم على حب الانتصاف وعدم الإنصاف، فلو لم يكن عليهم سلطان يسوس أمورهم، لكانوا كوحوش الغابة، وحيتان البحر يأكل القوي الضعيف..!! ولا حصانة للمغرب ولا تقدم ولا نماء ولا استقرار إلا في ظل إمارة المؤمنين؛ لأنها هي الضامن لوحدتنا الدينية والثقافية والجغرافية، وكل من حاول البلبلة وخلط الأوراق تحت أسماء ومسميات إنما يكون يحفر قبر الفتنة بيده، والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها كما قال إمامنا مالك رحمه الله، وفي هذا السياق تحضرني فقرة من كتاب "غياث الأمم" لإمام الحرمين الجويني ومما جاء فيها: .. ولا يرتاب من معه مسكة من عقل أن الذب عن الحوزة، والنضال دون حفظ البيضة، محتوم شرعا، ولو ترك الناس فوضى لا يجمعهم على الحق جامع، ولا يزعهم وازع، ولا يردهم عن إتباع خطوات الشيطان رادع، مع تفنن الآراء وتفرق الأهواء- لانتثر النظام، وهلك الأنام، وتوثبت الطغام والعوام، وتحزبت الآراء المتناقضة، وتفرقت الإرادات المتعارضة، وملك الأرذلون سراة الناس، وفضت المجامع، واتسع الخرق على الراقع، وفشت الخصومات، واستحوذ على أهل الدين ذووا العرامات، وتبددت الجماعات، ولا حاجة إلى الإطناب بعد حصول البيان، وما يزع الله بالسلطان، أكثر مما يزع بالقرآن.." كلمات للإمام الجويني يجب أن تكتب بماء الذهب، كما ينبغي أن يعيها بعض الحمقى من اليساريين والمتأسلمين الذين يحاولون ما استطاعوا أن يجعلونا نفكر بعقول فرنسية غربية أو "أفغانية" طالبانية، ونكنس بجرة قلم ثقافتنا وحضارتنا وخصوصياتنا الإسلامية المغربية المتنورة، المتميزة بالوسطية والاعتدال والانفتاح على الشرق والغرب بإيجابية وتعقل ورزانة وحكمة؛ لذا أوضح خصوصا لأستاذنا المبجل عبد السلام ياسين الذي زمر وطبل هذه الأيام في بعض حواراته وخصوصا مع قناة "الحوار" معلنا من خلالها الحرب على إمارة المؤمنين وتقبيل يد الملك، معتبرا ذلك عبودية ومذلة وانحطاط للكرامة الآدمية..!! أقول لك أستاذي الكريم: فالشعب المغربي حينما يقبل يد جلالته لا يعتبر هذا عيبا أو نقصا ومذلة؛ بل يعتبرون ذلك من واجب دينهم ومن سنة نبيهم (ص). ماذا يقول الماركسي واليساري عموما عندما يشاهد صورة "جوزيف ستالين" وهو يقبل "ليون تروتسكي" على فمه كأصدقاء وأحباء وإخوة..؟!! وبماذا نفسر كذلك عندما نشاهد ساسة الغرب وعلى رأسهم الرئيس الفرنسي ساركوزي، وجاك شيراك، وخوسي ماريا أزنار، والمستشار كول،عندما استقبلوا من طرف البابا وقبلوا يديه بخشوع وسكينة ووقار..؟ أو بماذا يفسروا لنا أصحاب حملات (عدم تقبيل اليدين) عندما يقبل ساسة لبنان من مسيحيين ومسلمين، سنة وشيعة يدي الكاردينال نصر الله بطرس صفير عندما يزورونه في "بكيركة"؟؟ أو بماذا نشرح تقبيل يد الأم والأب والشيخ الطاعن في السن والمدرس ونحو ذلك..!!؟؟ هل هي إهانة ومذلة للأبناء أم عادات حميدة وسنن حسنة..!!؟ يجيبنا عن هذه الاستفسارات المفكر والعالم الاجتماعي الحسن الثاني رحمه الله في إحدى حواراته إذ يقول: "..إن التحليل الأوربي والفرنسي على الخصوص ليس متسامحا الى حد بعيد، وهذا ما حذا بي لأن أكون متشبثا في موقفي وأبدو متماديا في عنادي. فالأجنبي يريد أن يعلمني كيف أعيش، ويرسخ في ذهني تقاليد أخرى، ويريد أن يجردني من عقليتي العربية والعلوية والمغربية.. وباختصار يريد تجريدي من كل ما هو أصيل، كما تمنى هذا الأجنبي إعطائي دروسا في نمط حياتي السياسية، وهذا بالطبع شيء أرفضه كل الرفض لأنني عنيد جدا، نعم سأظل متفتحا لكوني أحبذ الطرق البيداغوجية؛ لكن لا أقبل أن تفرض علي دروس الأستاذية..". فالحسن الثاني رحمه الله، عندما كان يتحدى ثقافة الغرب في حواراته وكتاباته، كان يعي ما يقول، ويعلم علم اليقين مميزات وخصوصيات شعبه، الذي تربى وترعرع بين أحضان هدي الإسلام وسنة النبي العدنان صلوات الله وسلامه عليه، الذي أمرنا ببر الوالدين وجعل الجنة تحت أقدامهم؛ لذا ترى الرجل المغربي المسلم ينكب على تقبيل يد والده ووالدته بعفوية وتلقائية ومحبة جامحة طلبا لرضاهم، كما ترى الطفل يقبل يد فقيهه الذي يحفظه سور القرآن الكريم، ويحترم أصحاب العاهات والمسننين وحجاج بيت الله الحرام،لدرجة تقبيل أيديهم وأكتافهم، ويضمر حبا عميقا للشرفاء وحفدة رسول الله (ص) ويتبرك منهم بتقبيل أيديهم الشريفة.. وما تقبيل يدي السلطان ومحبته والدعاء له إلا تطبيقا لتعاليم الإسلام وسنة النبي العدنان (ص) الذي أمرنا بتوقير وتبجيل أمير المؤمنين واحترامه وتعظيمه؛ بحيث جعل طاعة أولي الأمر بطاعة الله ورسوله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع الأمير فقد أطاعني، ومن عصى الأمير فقد عصاني). ففي هذا الحديث الشريف بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن طاعة السلطان هي من طاعة الله وطاعة رسوله (ص) والعكس صحيح، ففي الحقيقة الأمر خطير جدا على عقيدة كل مسلم وخاصة الذي يهين أو يعارض السلطان ويحمل بين جوانحه الحقد والكراهية تجاهه، فهي شارات دالة على شيطنة العقول ودنس القلوب، وضعف الإيمان بالله، وبنبيه وعدم اتباع سنته (ص). جاء في الحديث عن أبي بكرة الثقفي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من أهان السلطان أهانه الله) وإهانة السلطان لها عدة صور وأشكال وألوان، منها أن يسخر بأوامره ومجهوداته ونشاطاته، وهندامه، وخطبه، فإذا أمر بشيء قال انظروا ماذا يقول على سبيل التهكم والإهانة؟ ومنها، التشهيربه والافتراء والكذب عليه بين الناس، والهمز واللمز أثناء التحدث عن مناقبه أو أخلاقه أو إصلاحاته وعدله..، أو كتابة تقارير مزورة وملفقة ضده، ونشرها في مواقع أو جرائد ومجلات غربية معادية؛ بالإضافة إلى إعطاء حوارات لجهات معادية؛ بغية حلحلة وزعزعة مكانته بين مواطنيه وشعبه..! ومنها كذلك عدم الدعاء له عمدا على منابر الجمعة وفي الاجتماعات العامة!! ناهيك عن رسم بعض الصور"الكاريكاتيرية" لا تليق بشخصه..!! أو رفع له وشايات كاذبة، أو بعض التقارير الرسمية من مؤسسات معنية تكون غير صادقة ومفبركة لتصفية حسابات شخصية ضيقة، أو لتغطية عيب ما..!! والهدف من هذا كله هو تحريض الغوغاء والحمقى ضده، وتهوين أمره على الناس، لأنه إذا هون أمر السلطان على الناس استهانوا به، ولم يمتثلوا توجيهاته وتعليماته..، كما تتلاشى المحبة بينه وبين شعبه، ويكثر القيل والقال وكثرة السؤال، وبالتالي تدخل البلاد والعباد في فوضى وفتن مظلمة لا يعلم ضررها إلا الله سبحانه وتعالى؛ ولهذا من يهين السلطان بنشر أخطائه ومعايبه بين الناس، وذمه والتشنيع عليه والتشهير به يكون عرضة لغضب الله وسخط رسوله، وسيهينه الله في الدنيا قبل الآخرة ؛ لأنه كان السبب في نشر الشر والفتن في المجتمع المسلم المتماسك والله سبحانه وتعالى يخبرنا في كتابه بقولة: (والذين فتنوا المومنين والمومنات فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق..). نجد في الجانب الآخر كذلك من أعان السلطان على الخير والصلاح وإقامة العدل بين الناس ومساعدة المحتاج وإرجاع الحقوق لأصحابها عن طريق القضاء ونحو ذلك، أعانه الله، لأنه أعان السلطان على الخير وعلى البر والصلاح، فإذا بينت للناس مثلا، ما يجب عليهم للسلطان وأعنتهم على طاعته في غير معصية فهذا خير كثير؛ بشرط أن يكون إعانتة على البر والتقوى وعلى الخير، مصداقا لقول الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على لإثم والعدوان..). ولحكم عظيمة ومصالح كثيرة لا تعد ولا تحصى في احترام السلطان وطاعته أشار لبعضها الإمام القرافي بقوله: "قاعدة: ضبط المصالح العامة واجب، ولا تنضبط إلا بعظمة الأئمة في نفس الرعية، ومتى اختلف عليهم أو أهينوا؛ تعذرت المصلحة..". وقد أخرج ابن عبد البرفي التمهيد أن أمير المؤمنين عثمان بن عفان كان يقول: "ما يزع الإمام أكثر مما يزع القرآن" وسئل الإمام مالك: ما يزع؟ قال يكف. هذا مما اعتبر ابن خلدون في المقدمة بأن السلطان هو نائب عن الله في تطبيق الشريعة، وقال: "إن السلطان نائب عن صاحب الشريعة في حفظ الدين وسياسة الدنيا"؛ لأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة، وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل، وإقامة الحج والجمع والأعياد ونصر المظلوم.. لهذا روي: "أن السلطان ظل الله في الأرض" لذا كان سلفنا الصالح رضوان الله عليهم كالإمام أحمد بن حنبل، والفضيل بن عياض يقولون: "لو كان لنا دعوة مجابة لدعونا بها للسلطان" وقال بعض السلف: "ستون سنة من إمام جائر أصلح من ليلة بدون سلطان" ومن عايش الحروب والفتن التي مرت على الشعوب والأمم عبر تاريخهم، يعرف هذا جيدا، فواقع بعض الدول العربية والإسلامية اليوم يكفينا في البحث عن كثير من الأدلة في هذا الأمر، ومن لم يقتنع فما عليه إلا أن يسأل أبناء أفغانستان وباكستان، والعراق وفلسطين وليبيا وسوريا أخيرا، أكيد سيلقى الجواب واضحا وضوح الشمس في كبد السماء..!!؟ وأخيرا وليس آخرا نقذف بعض الأسئلة المحرجة في وجه أستاذنا الكريم عبد السلام ياسين الذي يستهزئ بنا هذه الأيام، لأننا نقبل يد ملكنا وأميرنا، وأقول: هل تعلم بأن مريديك ومحبيك يعتبرونك نبيا ورسولا يوحى إليك!! ولك كرامات ومعجزات، منها أنك خرجت مرة من آسفي ورجال الأمن يطوقون مكان إقامتك، ولم يستطيعوا رؤيتك لأنك اخترقت الحيطان ووصلت إلى مدينة سلا "قبل أن يرتد إليك طرفك"..؟؟!! كما أنك تعلم بأن حاشيتك وأتباعك لا يكتفون بتقبيل يديك- وهذا مقبول ومتعارف عليه ولا بأس بذلك- بل الطامة الكبرى والمصيبة العظمى هي عندما يشربون بقايا الماء الذي تتوطأ به، ويتبركون بالتراب الذي تطأه!؟ ويتمسحون بثيابك بغية الشفاء من أمراضهم وأسقامهم التي عششت في رؤوسهم بسبب أفكارك وخزعبلاتك!! ؟؟ تعيب علينا وأنت تستقبل مريديك وضحاياك الجدد وهم يزحفون إليك على البطون كالحيات في البراري، ولا يجرؤون على رفع رؤوسهم إليك..!!؟ كما يروون بحضرتك منامات، التي تعتبرها أنت مبشرات ومعجزات ما أنزل الله بها من سلطان ولم تغير ذلك لا بقول ولا بفعل..!!، بل توافقهم عليها وتزكيها تعميما لتعمية الشباب المغربي والزج به في الخرافات والشعوذة والخمول والكسل والاتكالية..!!. وإذا أردنا الاستشهاد بها وهي موثوقة بالصوت والصورة يطيل المقال بنا؛ لكن معذرة سنعرج على البعض منها، وهي شهادة امرأة قالت إنها رأت فيما يرى النائم الشياطين تهاجمها، وأنها قرأت عليها القرآن ولم تتراجع، ولكن عندما نادت على (سيدي عبد السلام) صغرت الشياطين، وقالت لها امرأة: أتعرفين هذا الاسم التي ناديت عليه؟ فأجابت نعم، فقالت لها: هل تعلمين أن أمه قالت بأن من رأى سيدي عبد السلام ياسين يدخل الجنة، ومن سمع به يدخل الجنة، على حد قول الرواية؟ والغريب في الأمر أن أستاذنا ياسين أقر رواية هذه المرأة المسكينة مؤكدا فيما بشرت به، وقال في جواب صوتي تم بثه عبر موقعه الخاص: بأن بعض أعضاء الجماعة يزورون قبر والدته ويكلمونها ويسمعون منه ..!! وهناك بشرى أخرى يرويها أحد أعضاء الجماعة بدون حياء من شخص رسول الله (ص) مفادها أنه رأى جسد الرسول مقطوع الرأس، وبحث بين كومة من الرؤوس إلى أن وجد رأس الشيخ ياسين فوضعه على جسد النبي (ًص) فبدأ يمشي..!! وفي هذا السياق من المبشرات والأحلام الخرافية تعتقد جماعة ياسين أن المسلمين لم يعرفوا أية خلافة بعد علي، وأن أشكال الحكم التي أتت بعد ذلك كان مجرد ديكتاتورية جبرية مغلفة بعباءة الإسلام، والخلافة الحقيقية التي ستتلو خلافة علي هي خلافة الشيخ عبد السلام ياسين، وهذا ما أكده منير الركراكي في إحدى محاضراته، وتواترت الكثير من الروايات في هذا الاتجاه ومافتئ أعضاء مكتب الإرشاد يرددون في كل لقاءاتهم بمريدي الجماعة أن عبد السلام ياسين هو الخليفة المنتظر ليس للمغرب فحسب، وإنما خليفة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، كما ادعى بعض الأعضاء أن الرسول بشر أتباع ياسين بالنصر وأنه تصفح كتابه (المنهاج النبوي) وأثنى عليه، وأن هذا الكتاب هو أصح كتاب بعد القرآن الكريم..!! أستاذي العزيز عبد السلام ياسين ومن باب النصيحة والخوف عليك من ميتة جاهلية، لأنك ليس في عنقك بيعة، نهمس في أذنيك وأذن مريديك وأقول لكم جميعا، لقد حاول الشرق والغرب وأصحاب المهمات القذرة القيام بزرع بذور الفتنة والانشقاق في كيان الشعب المغربي ما استطاعوا إليه سبيلا؛ لأن الأمة المغربية المسلمة بكل بساطة تعلم علم اليقين أن طاعة السلطان واجبة بالسنة والقرآن، ولا يكتمل إيمان المؤمن الوطني الحق، إلا بمحبتهم وطاعتهم والدعاء لهم، وهذا هو سر محبة الشعب المغربي لملكه وأميره، ويتسابقون على تقبيل يديه، ويقفون على جنبات الطرقات بتلقائية وعفوية بغية التبرك بطلعته البهية، وكما جاء في الحديث: "من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية"؟ ونترك لك الخيار في البحث عن ماهية ومفهوم الميتة الجاهلية. *الشيخ الصادق العثماني مؤسسة الإمام مالك للشؤون الإسلامية بالبرازيل