سألني أحد الأصدقاء باندهاش كبير عندما سمع بالتحالف العربي الواسع ،لماذا لم نرى مثل هذا التحالف عندما كانت غزة تقصف وتدمر بيوتها على رؤوس ساكنيها واستطرد إنها سابقة أن يجتمع العرب على ضرب بلد عربي .ويتناسون القضية المركزية والاحتلال الإسرائيلي . أجبته فعلا إنها تعد سابقة وتدعو للتأمل والحزن في ﺁن واحد على حال أمة لا تجتمع إلا بأمر أمريكي إسرائيلي لتحويل الكره العربي لإسرائيل إلى كره لإيران.
لكن السؤال الأهم هو ماذا بعد القصف هل سينسحب الحوثيين من عدن ، هل المطلوب هو إعادة منصور هادي للحكم ، وأسئلة كثيرة تندرج تحت الموقف الأهم وهو أن عاصفة الحزم هذه عادت بي 25 سنة لعاصفة الصحراء عندما استفاق العرب لتحرير الكويت من الغزو الصدامي الذي قام باحتلالها وأطلق بضع صواريخ اتجاه إسرائيل بحجة أنه سيحرر القدس عن طريق الكويت ، وقال العرب حينها إن الهدف من تحرير الكويت هو تمكين الحكم الشرعي ، والآن استفاقوا لضرب اليمن لاستعادة السلطة بعدما سيطر عليها الحوثيين بمساعدة الرئيس السابق عبد الله صالح وبدعم خارجي واضح ومعلن . اليمن والذي منذ نشأته ومنظمة الأممالمتحدة تصنفه ضمن قائمة 48 دولة هى الأفقر في العالم على الإطلاق ،فهو يعتمد أساسا على المساعدات الخارجية ولا يوجد فيه أكثر من السلاح والعشائر، وكما هو مألوف فإن الدول الغربية لم تتأخر في إعلان تأييدها للعملية العسكرية ووقف الزحف الحوثي كما أسموه باتجاه مناطق الجنوب اليمني المحادي للسعودية.
ورغم أن طائرات التحالف العربي كانت تقصف مواقع تم تحديدها مسبقا واستهدفت مقرات وقوات الحوثيين فإن الحل السياسي لم يتم استبعاده لأن حسب قول ممثل الأممالمتحدة فإن الهدف ليس التخلص من الحوثيين أو المعارضين الأخرين لأن هذا أمر مستحيل وليس مطلوبا أيضا ، بل الهدف هو الدولة اليمنية نظاما ومؤسسات ، وكيفما كان الهدف المعلن وغير المعلن فإن الحل أكيد لن يكون عسكريا لأن من يعرف طبيعة اليمن أرضا وشعبا سيفهم ، فالجغرافيا اليمنية والتجارب التاريخية السابقة والحاجة إلى الحفاظ على البلد موحدا وجامعا لكافة مكوناته تتطلب الحل السياسي وجلوس كافة الفرقاء حول طاولة المفاوضات السريعة، وإلا فإن البلد والذي بات قاب قوسين أو أدنى من العودة إلى التقسيم كما كان سابقا دولتين واحدة في الشمال وأخرى في الجنوب مما قد يغرق البلاد في آتون حرب أهلية مدمرة قد سبق لها واكتوت بنارها في الماضي أكثر من مرة، إذا تقاطعت العوامل الداخلية مع الأجندات الخارجية الباحثة عن تعزيز مصالحها في هذا البلد الذي يحتل موقعا استراتيجيا .
هذه التطورات الخطيرة التي تعرفها اليمن قد تغير الجغرافيا السياسية في المنطقة.