تم مساء أمس الإثنين خلال ندوة بباريس حول القيم الفرنسية المغربية، إبراز الدور الملهم للمغرب لفائدة الحوار بين الاديان ومساهمته في النهوض بقيم التسامح واحترام الآخر. وتمحورت الندوة التي نظمت في موضوع " الحوار بين الاديان في خدمة الوئام المدني" حول تجربة ممثلي الاديان السماوية الثلاثة، الذين تم مؤخرا توشيحهم بأوسمة ملكية انعم عليهم بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، وهم خليل مرون، محافظ مسجد ايفري كوركورون وميشيل سرفاتي حاخام ري -أورانجيس وميشيل ديبوست اسقف ايفري-كورباي ايسون، وكلهم مزدادين بالمغرب.
وسلطت الندوة التي نظمها الموقع الاخباري (أوبينيون أنترناشيونال) الضوء على تقليد التعايش السلمي والحوار بين الاديان الذي ساد على الدوام بالمغرب، والذي ألهم هذه الشخصيات الدينية الثلاث، من أجل القيام بمبادرات للوئام والاعتراف المتبادل بين مختلف الطوائف الدينية بفرنسا.
وأشاد الناطق باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال في تدخل له خلال الندوة ، بتوشيح هذه الشخصيات الثلاث باعتباره "لحظة اخوة بين المغرب وفرنسا وبين تيارات روحية محترمة" ، معتبرا ان هذا التوشيح اظهر بالفعل كيف يمكن للاديان ان تتعايش في ما بينها بشكل تام في اطار الاحترام المتبادل.
واكد ان المغرب برهن من خلال دستوره على درجة تجذر قيم التسامح في صلب تاريخ الشعب المغربي، مبرزا ان ديباجة هذا الدستور تعكس تشبث المغرب بتنوع روافده الثقافية .
كما نوه رومان نادال باستئناف التعاون المغربي الفرنسي ،مضيفا ان التعاون الثنائي يحبل بعبر تشكل نموذجا لما يمكن ان تكون عليه "نظرتنا لمجتمع دولي ملتف حول المبادئ والقيم المشتركة".
من جهته، قال سفير المغرب بفرنسا شكيب بنموسى ان توشيح هذه الشخصيات الثلاث بهذا الوسام الملكي الرفيع، شكل فرصة لتكريم ممثلي الاديان التوحيدية الثلاثة، الذين تجمعهم خاصية مشتركة تتمثل في ولادتهم بالمغرب، وتشبثهم بقيم السلام والسخاء والتسامح.
وأكد بن موسى أن توشيح هؤلاء بوسام أنعم به عليهم صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وسلمته لهم صاحبة السمو الملكي الاميرة للا مريم بحضور الوزير الاول الفرنسي مانويل فالس، يشكل تعبيرا عن الاعتراف والتشجيع لهذه الشخصيات التي شرفت بلدها الاصلي، والتي تحاول من خلال معركتها اليومية تقديم إيجابات شافية من خلال حث الناس على فعل الخير والتقارب في ما بينهم وزرع الامل.
وأضاف ان المغرب يكرم أيضا من خلال هذه الشخصيات الثلاث الجالية المغربية المقيمة بفرنسا، التي تساهم في تنمية واغناء العلاقات الثنائية، وتعمل عبر اعمالها ومبادراتها على الحفاظ على اسلام التسامح والتضامن والسخاء ، بما يتلاءم وقيم الجمهورية والقيم الكونية ، ويعكس توجه المغرب ارض للحوار والثقافات والتعايش.
واضاف بنموسى ان المغرب جعل من الدين عاملا للسلام والحوار، من اجل ان يعيش الجميع في سلام واحترام لقيم التعايش مشيرا الى ان هذا النموذج الذي عززه دستور 2011 ، يستند الى مؤسسة امارة المومنين التي يجسدها صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، والتي هي الضامن للوحدة وممارسة العبادة ،ومجنبة البلاد السقوط في مزايدات دينية وطائفية.
من جهتهم، عبر خليل مرون وميشيل سرفاتي وميشيل ديبوست عن تشبثهم بالمغرب، مؤكدين ان عملهم والتزامهم الذي يصب لفائدة الحوار بين الاديان، يمتح من اصولهم المغربية وقيم اسلافهم في مجال التسامح والتعايش الذي تسود في المملكة.
وقال خليل مرون في هذا الصدد انه استلهم التزامه من تقليد الحوار بين الاديان بالمغرب، من اجل القيام بمبادرات لفائدة العيش المشترك بفرنسا .
من جانبه، قال ميشيل سرفاتي الذي قضى السنوات ال22 الاولى من عمره بالمغرب انه يتوخى من خلال مبادراته تيسير الاعتراف المتبادل والعيش المشترك ، واعادة انتاج النموذج التربوي الذي تلقاه في بلده الام، مؤكدا تشبث الطائفة اليهودية المغربية بالخارج ببلدها الاصلي، وبذكرى المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه الذي انقذ اليهود المغاربة من الابعاد اثناء حكم نظام فيشي.
من جهته، اشاد ديبوست في رسالة تم بثها بالمناسبة بتقليد العيش المشترك بالمغرب مبرزا انه في مرحلة تشهد تنامي التطرف بالمنطقة، اقر المغرب دستورا يكرس تنوع روافده الثقافية .
واكد ان الحوار بين الاديان يبدأ باحترام الاخر مشيرا الى ان هذا الاحترام ييسر الحوار ويقود الى تعزيز التآخي بين الشعوب والاديان.
وعرفت الندوة مشاركة السيناتور كريستيان كامبون رئيس مجموعة الصداقة المغربية الفرنسية بمجلس الشيوخ الفرنسي، وعدد من الشخصيات التي سلطت الضوء على القيم المشتركة بين البلدين لفائدة السلام وحوار الحضارات.