بعد أن ظل الكلام حبيس المجالس والمقاهي، تأكد ما كان يروج منذ سنوات من إشاعات حول الاختلاسات المقترفة بالتعاضدية العامة للتربية والوطنية. إذ كشفت تقارير محققي المفتشية العامة لوزارة المالية، عن اختلالات كبيرة بخصوص التدبير المالي لتعاضدية رجال ونساء التعليم، وهو ما دفع بالشرطة القضائية إلى إيقاف رئيس التعاضدية السابق السيد محمد غيور، رفقة المسؤول السابق عن الموارد البشرية، إضافة إلى أحد المسيرين، بالدار البيضاء، قبل أن يتم إخلاء سبيلهم بكفالة، مع منعهم من مغادرة التراب الوطني من أجل مواصلة التحقيق القضائي معهم. وجاء توقيف الرئيس السابق لتعاضدية رجال التعليم محمد غيور، الذي كان يشغل أيضا مهمة وعضوية الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل، والكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم لنفس المركزية النقابية، بناء على ما ورد في تقرير مفتشية المالية، والذي اكتشف وجود توظيفات بالتعاضدية تمت بناء على العلاقات العائلية والحزبية والنقابية، إلى جانب التلاعب في رواتب الموظفين، علما أنه تم رصد كون 36 في المائة من الموظفين بالتعاضدية لا يتوفرون على مستوى تعليمي، نسبة كبيرة منهم ألحقوا بالمصحات الطبية.
وأوضح تقرير المفتشية أنه تمت ملاحظة أن مدير التعاضدية يمنح لنفسه أجرا يصل إلى 40 ألف درهم، أقر به في تصريح سابق، مؤكدا تقاضي موظفين آخرين لهذا الأجر. وهو ما بتنافى مع ما جاء في الظهير الصادر في 1963 المنظم للتعاضد وكذا القانون المنظم للتعاضدية، اللذان يؤكدان أن "العمل داخل التعاضديات تطوعي".
كما جرى تسجيل وجود عيوب في مساطر إبرام صفقات من خلال توجيهها نحو مقاولات محددة، فضلا عن وجود اختلالات إدارية، إلى جانب صرف ميزانية من أجل إصلاح معدات معلوماتية لم تستعمل قط منذ اقتنائها.
وتشهد عدد من المؤسسات التعاضدية والتأمينية الخاصة بأسرة التعليم اختلاسات كبرى وسوء مهولا في التسيير، ومن ضمن هذه الهيآت نذكر "التضامن الجامعي المغربي"، التي يسيرها منذ أزيد من أربعة عقود شخص واحد، ورغم إحالته على التقاعد ما يزيد عن عقد ونصف، فإنه يستمر في السيطرة على هذه الهيأة الخاصة بأسرة التعليم، ويسرها كملكية من أملاكه، إذ لا يتردد في تعيين ومباركة من يريد من رؤسائها وأعضاء مكتبها، محتفظا لنفسه بمهمة أمين المال منذ سنة 1972. وتتحدث مصادرنا عن الثراء الفاحش الذي يعيشه هذا المعلم السابق، الذي أصبح بفضل انخراطات رجال ونساء التعليم من الأثرياء.
وسنعود لاحقا إلى تفاصيل أوسع لمتابعة هذا الملف المثير.