قضى محمد غيور، القيادي السابق في الاتحاد المغربي للشغل، ليلة الأربعاء الماضي في ضيافة الشرطة القضائية بعد التقرير الأسود الذي أنجزته المفتشية العامة للمالية سنة 2009 بخصوص الفضائح والاختلالات الخطيرة التي رصدت في التعاضدية العامة للتعليم. وكشفت مصادر مطلعة أن الاعتقال طال أيضا ثلاثة أشخاص، من بينهم مسؤولان سابقان بالتعاضدية، إضافة إلى مسؤول في الموارد البشرية قبل أن يتقرر الإفراج عنهم بكفالة مع اتخاذ قرار منعهم من السفر. ووفق المصادر ذاتها، فإن اعتقال القيادي النقابي والرئيس السابق لتعاضدية التعليم، البالغ من العمر 80 سنة، والذي اقترن اسمه بفضائح مالية جعلت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تدخل على الخط للتحقيق فيها، هو مقدمة للشروع في متابعة قضائية قد تسقط المزيد من الرؤوس، بعد أن تفجرت فضائح مدوية إثر صدور تقرير للمفتشية العامة كشف أن التعاضدية كانت تسير مثل ضيعة، مما مكن عددا من المسؤولين من الاستفادة من امتيازات وتوظيفات غير قانونية، إضافة إلى كشف تلاعبات خطيرة همت مجموعة من الصفقات. وفي اتصال هاتفي مع مليودي موخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، قال: «لا تعليق لي على هذا الخبر»، مضيفا بأن الأمر «لا يهم النقابة من قريب ولا من بعيد لأن غيور لم تعد له صفة ولم يعد يحضر اجتماعاتها منذ مدة». وأضاف بأن هذا الملف لا يعني النقابة، نافيا أن يكون هدا الإجراء قد شمل نقابيا آخر في الاتحاد. وكانت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية قد استمعت في فبراير من سنة 2012 إلى مجموعة من المسؤولين داخل التعاضدية العامة للتربية الوطنية، في مقدمتهم محمد غيور، رئيس التعاضدية، بناء على ما ورد في تقرير المفتشية العامة للمالية لسنة 2009، الذي يتهم غيور بالاستفادة من تعويض غير قانوني يصل إلى 4 ملايين سنتيم في الشهر، منذ سنة 1987، رغم أن الظهير الصادر في 1963 المنظم للتعاضد وكذا القانون المنظم للتعاضدية، يؤكدان أن «العمل داخل التعاضديات تطوعي». كما يتهم غيو،ر الذي شغل أيضا منصب الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم، ب»الاستحواذ» على أزيد من مليارين وثلاثمائة وأربعين مليون سنتيم من مالية التعاضدية العامة للتربية الوطنية. وسجل تقرير المفتشية العامة للمالية أيضا «احتيال» التعاضدية على المستفيدين من الخدمات الطبية، بعد إجبار المرضى على أداء مبلغ 70 درهما، مع أن النظام الأساسي للتعاضدية لا يلزم المنخرطين بأي مساهمة للاستفادة من العلاج. كما سجل التقرير أن التعاضدية استطاعت أن تحصل من ذلك على أزيد من 300 مليون سنتيم. وفي مجال الصفقات العمومية اتهم تقرير المفتشية العامة للمالية غيور بتفويت أغلب الصفقات التي تبرمها التعاضدية العامة للتربية الوطنية لشركة في ملك ابنه. كما كشف التقرير قيام غيور بتوظيف أخيه مقابل مبلغ مالي قدره 32 ألفا و500 درهم، وكذا تشغيل ابنه بأجر سخي دون أن يكلف نفسه عناء الحضور. وسجل تقرير المفتشية العامة للمالية أن عمليات التوظيف داخل التعاضدية كانت تخضع لمنطق «الزبونية والمحسوبية»، حيث تم توظيف عدد كبير من أبناء وبنات وأقارب مسؤولين بالتعاضدية، التي قامت أيضا بتحويلات مالية لأشخاص لم يؤدوا أي خدمة للتعاضدية، ودون وجود أي سند قانوني لذلك، وهي الفضائح التي جعلت غيور يفضل التنحي سنة 2013 عن مسؤوليته بالتعاضدية، التي قضى على رأسها 25 سنة بعد أن شعر بقرب سقوطه في المتابعة القضائية.