قال عبد الله ساعف، الباحث في العلوم السياسية والاجتماعية، إن مسألة حقوق الإنسان في المغرب عرفت منذ السنوات الأخيرة من القرن الماضي تطورات تدريجية، مؤكدا أنه يتم استغلال هذه الحقوق في موضوع القضية الوطنية من قبل من لا علاقة لهم بالمنظومة الحقوقية ككل. وأوضح ساعف، في ندوة عقدت تحت عنوان "مرحلة التحولات الاجتماعية .. مرحلة التحولات المفتوحة"، مساء أمس الأربعاء بمدينة آسفي، أنه يتم استغلال حقوق الإنسان في المغرب، خاصة في ما يتعلق بقضية الوحدة الترابية، من طرف من لا علاقة لهم بالمنظومة الحقوقية على الإطلاق، ما يجعل الفاعل الحقوقي في المغرب يصطدم بعقليات وسلوكيات تستخدم مصطلحات حقوق الإنسان في ما هو سياسي بالأساس. وأضاف أن منظومة حقوق الإنسان بالمغرب شهدت منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي إلى اليوم تطورات مهمة بدء من الإعلان عن تأسيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والمجلس الوطني لحقوق الإنسان مرورا بهيئة الإنصاف والمصالحة وجبر الضرر الجماعي والفردي، وهي المرحلة التي اصطلح عليها بمرحلة العدالة الانتقالية والانتقال الديمقراطي. وأشار ساعف إلى أن تطور الوعي بالحق والقانون في المغرب وتعمقه في الظرف الحالي أكثر من السابق يبرزان من خلال ما تم إنتاجه في العديد من القضايا مثل قانون الشغل ومدونة الأسرة وبروز عدد من الهيئات والمنظمات الحقوقية التي تسعى إلى تكريس هذه الحقوق وتعميقها. واستعرض الباحث لمحات عن مراحل تطور النظام السياسي في المغرب منذ ما بعد الفترة الاستعمارية، مضيفا أن دستور 2011 شكل نقلة نوعية في العلاقة بين السلط من حيث تحديد الصلاحيات واعتبار البرلمان مصدرا للتشريع. وأكد أن تموقع المغرب خارج دائرة الاهتزازات، التي لا تزال تعيش فيها بعض بلدان الحراك العربي منذ سنة 2011، جعل منه مرجعية سياسية نموذجية في نظر العديد من البلدان الغربية والإفريقية على حد سواء، في تدبير الخلافات السياسية الداخلية وتوفير أجواء الاستقرار بأبعاده الاجتماعية والأمنية والسياسية. يشار إلى أن عبد الله ساعف، الذي شغل منصب وزير أسبق للتربية الوطنية، يشتغل أستاذا لعلم السياسة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد الخامس بالرباط ورئيسا الجمعية المغربية للعلوم السياسية، أدار مجلة "أبحاث" منذ صدورها في يناير 1983 كما كان عضوا في هيئة تحرير مجلة "أبعاد فكرية" ونشر العديد من المقالات في مجلات مغربية. ومن مؤلفات الأستاذ عبد الله ساعف "كتابات ماركسية حول المغرب" (1985)، و"صور سياسية من المغرب" (1987)، و"المعرفة والسياسة" (1990)، و"إصلاح نظام التربية والتعليم" (2001)، وغيرها باللغتين العربية والفرنسية.