لا أحد ينكر ما آل إليه الوضع الاقتصادي من تأزم اصبح يهدد معه مستوى عيش الاسر ويضرب القوة الشرائية لمجمل الشعب المغربي، فضلا عن تعميق ازمة البطالة التي تطال اغلبية حاملي الشهادات، وتراجع الاستثمارات الداخلية والخارجية.. وقد اعترفت الحكومة نفسها بهذا الوضع، سواء عن طريق رئيسها او عن طريق وزير الاقتصاد والمالية نزار بركة، في اجوبته على اسئلة البرلمانيين بحر هذا الاسبوع. إلا ان مقاربة الوضع يجب ان يتم بكل موضوعية بعيدا عن أي رهانات سياسوية ضيقة، وخاصة من طرف الاعلام العمومي، الذي يفترض فيه ان يقوم بدور تنويري للرأي العام في هذا المجال وذلك بنهج الحياد والتحلي بالنزاهة، واستضافة مختلف الفعاليات لتدلي بدلوها في الموضوع..
ويمكن القول ان قناة 2M قد حادت عن جادة الصواب في هذا المجال، وخاصة خلال الحلقة الاخيرة من برنامج "مباشرة معكم"، حيث اقدمت على إنجاز وإدراج ريبورتاج أثناء ذات الحلقة، استضافت خلاله أرباب مقاولتين، الأولى متخصصة في البناء والثانية في صناعة مكيفات الهواء، للإدلاء بموقفهما من قرار تجميد 15 مليار من نفقات الاستثمار برسم ميزانية سنة 2013.
ويتضح من خلال الريبورتاج غياب حس الموضوعية والبعد عن النزاهة لدى معديه والمشرفين عليه، بالنظر إلى تركيزهما على المقاولين فقط دون استقاء آراء الفاعلين الاقتصاديين في المجال المقاولاتي، وذلك لتكتمل الصورة وتتضح اكثر لدى المواطنين الذي يشاهدون البرنامج..
ضيفا الريبورتاج ركزا على وضعهما الاقتصادي الشخصي، واعتبرا ان تجميد 15 مليار من نفقات الاستثمار سيؤدي إلى تراجع نسبة الاستثمار العمومي، وهو ما يجعلهما غير قادرين على تحقيق الأرباح، وبالتالي سيكونان مضطرين لمغادرة المغرب والعمل على إغلاق مؤسستيهما..
صاحبا الورشتين الصناعيتين، نسيا في غمرة حديثهما عن الازمة التذكير بما كانا يحققانه إلى وقت قريب من ارباح، وما يقتضيه ذلك من ادخار سيمكنهما من ترشيد النفقات، ومن تم البقاء في الأسواق، وهو ما يكشف غياب حس المواطنة لديهما وتسابقهما وراء الربح...
يشار إلى ان نزار بركة، وزير المالية والاقتصاد، الذي كان صيفا على حلقة مباشرة معكم، لم يكن راضيا على ما جاء في الريبورتاج، الذي أنجزته القناة الثانية، واستغرب من طريقة تصوير تلك المقاولتين، محتجا في نفس الوقت على المعد والمشرف على البرنامج وعاتبهما، معتبرا طريقة بث الريبورتاج بالمغرضة، ولا تخدم مصالح الوطن والمواطنين، مؤكدا على أن الصفقات العمومية التي تمت، والتي هي في طور الانجاز، لن تتضرر من قرار الحكومة، كما أن المشاريع المبرمجة لن تتوقف، نافيا في السياق ذاته أن تكون هناك نية في تقليص استثمار المنشآت العامة، والمقاولات العمومية، والجماعات المحلية، التي تقدر ب 120 مليار درهم.