تسعى الحكومة المغربية للتقليص من النسب المرتفعة لوفيات الأمهات عند الإنجاب باعتماد عدد من الإجراءات عبر البلاد. وبمعدل 132 وفاة في كل 100 ألف ولادة حية، تواجه البلاد أزمة حقيقية ذلك أن نفس العدد من النساء ينجب دون مراقبة طبية وخاصة في المناطق القروية. وخلال اجتماع يوم 7 نوفمبر نظمه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالرباط، قالت المستشارة البرلمانية زبيدة بوعياد إن غياب البنية التحتية والموارد البشرية يزيد من حدة المشكل. وأكدت على أهمية تكثيف الجهود لمواجهة المشكل خاصة بتوظيف أطباء مؤهلين وتأسيس وحدات متنقلة للولادة. ومن جهتها قالت نادية بلكاري مندوبة الصحة بجهة الغرب-الشراردة- بني حسن إن وفيات الأمهات والأطفال تُعزى أيضا لعوامل اجتماعية-ثقافية خاصة المحيط الأسري المغلق. سميرة قاسمي، متخصصة في علم الاجتماع، أوضحت أن "الفقر والبعد عن أقرب مستشفى يعني أن العديد من النساء المغربيات لا يستفدن من أية رعاية صحية أو مراقبة خلال الحمل والولادة. وتواصل الكثيرات الإنجاب في المنزل بالاستعانة بخدمات المُولدات التقليديات اللواتي لم تتلقين أي تكوين رسمي". وتعتقد قاسمي أنه رغم التقدم المحرز في المغرب في ما يخص تطوير البنى التحتية للمستشفيات إلا أنه لا يزال هناك الكثير يجب القيام به للحد من وفيات الأمهات والأطفال. وترى أن محاربة الفقر محورية لتحقيق أي هدف. سميرة روحاني لديها ذكريات أليمة عن وفاة أختها سعاد عند الولادة. وقالت "كان حملها الأول. ولم تُجر أي فحص طبي لأنها كانت تعيش في دوار بعيد ببني ملال. لم يتمكن زوجها من اصطحابها إلى المستشفى. مما دفعها للاستعانة بمولدة التي لم يكن بإمكانها القيام بأي شيء للمساعدة لأن وضعها كان يتطلب إجراء عملية قيصرية. ماتت في عز شبابها أمام عيني أمها". ثريا أديمي عن جمعية "اليد في اليد" قالت "طبعا علينا محاربة الفقر وتحسين البنية التحتية للمستشفيات. لكن علينا أيضا محاربة المواقف القدرية عندما يتعلق الأمر بالنساء الحوامل. في بعض الأوساط هناك شعور بأن المراقبة الطبية لا تأثير لها باعتبار أن كل شيء بيد الله. لهذا لا يبذلون الكثير لنقل نسائهن لمركز طبي". واستطردت أن المجتمع المدني يقوم بجهود جبارة لمساعدة النساء وبالأخص في المناطق القروية من خلال التوعية والإمداد بالموارد. ومن ناحية أخرى تعترف وزيرة الصحة ياسمينة بادو بأنه لا يزال هناك عمل كثير يجب القيام به للتقليص من معدلات وفيات الأمهات والأطفال وتحسين مستويات الرعاية الصحية لفائدة الأمهات والمولودين الجدد. وبحسب بادو فقد نجح المغرب في توفير المراقبة الطبية لأزيد من 455 ألف إمرأة عند الولادة في القطاع العام مما يمثل زيادة تعادل 19 في المئة بالمقارنة مع 2007. وتسعى الوزارة إلى رفع عدد الولادات التي تتم داخل وسط مراقب بشكل لائق إلى 500 ألف بحلول 2012. وعلى المدى البعيد يهدف المخطط الوطني إلى تقليص وفيات الأمهات إلى 50 وفاة من أصل كل 100 ألف ولادة حية. وقالت بادو "هناك ارتفاع كبير في عدد العمليات القيصرية وتم بلوغ الهدف المرسوم المتمثل في 7 في المئة من هذه العملية". وتوفر وزارة الصحة أصلًا وبالمجان الرعاية الصحية خلال الولادة والعمليات القيصرية والنقل إلى وحدات التوليد. كما سيتم تمديد أقسام التوليد الخاصة من قبل خدمات الرعاية الصحية المستعجلة إلى 24 ولاية مع نهاية السنة. وقالت بادو "هذا البرنامج الجديد سيساعدنا على الحد من التأخير في الاستفادة من الرعاية الصحية في أزيد من 1500 موقع. وفي المناطق القروية، تم إطلاق حوالي 143 وحدة متنقلة للتوليد". إلى جانب ذلك، ستُنظم برامج تكوينية لفائدة المولدات. ومنذ 2007، تم تعيين 700 مولدة و63 طبيب توليد فقط. ووعدت الوزيرة بخفض وفيات الأمهات بأزيد من 75 في المئة ووفيات الأطفال بحوالي الثلثين. سارة الطواهري من الرباط لموقع مغاربية