في مبادرة إعلامية سياسية هي الأولى من نوعها في تاريخ تدبير المنافسة على المواقع الحزبية بالمغرب. التأم المرشحون لمنصب الكتابة الأولى لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اليوم الثلاثاء بالرباط في مناظرة إذاعية على أمواج (راديو بلوس). شكلت فرصة لكشف أوراق ورهانات المتنافسين.
ولئن كانت المناظرة الإذاعية . التي تغيب عنها المرشح الخامس محمد الطالبي. قد كشفت حدود الالتقاء والاختلاف بين المرشحين وعمق الأزمة التي اتفق المرشحون على أنها الأصعب في تاريخ الحزب. فإنها وفرت شروط حوار هادئ وناضج في أفق المؤتمر التاسع الذي سينعقد أيام 14 و 15 و 16 دجنبر ببوزنيقة. والذي تم الاتفاق على أن سياقه وظروفه شبيهة بالمؤتمر الاستثنائي الذي عقده الحزب في سنة 1975
المرشحون الأربعة الذين اتفقوا. وإن بدرجات متفاوتة. في مداخلات رتبت بحسب قرعة أجرتها الإذاعة وبتوقيت زمني متحكم في. على أن الوضع الداخلي للحزب ليس بخير. نتيجة تقاطع عوامل عديدة أبرزها "تواري القيم الاتحادية التي أسس لها رموز الاتحاد الاشتراكي والمتمثلة في النزاهة والمصداقية وسمو الفكر والأخلاق والمصداقية".
سجلوا في الوقت ذاته " بروز ممارسات لا علاقة لها بحزب أسسه مناضلون كبار من أمثال المهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد. من قبيل التناحر وطغيان المصلحة الشخصية على المصلحة العامة. وسيطرة المركزية التي أفقدت القرار الحزبي قوته ومصداقيته وديمقراطيته".
وبغض النظر عن نقط الالتقاء في تشخيص الأزمة فإن تقييم المستوى التنظيمي عرف مجموعة من الاختلافات خصوصا من جانب إدريس لشكر الذي اعتبر أن الحزب " ليس آلة تعاني من عطب وفي حاجة إلى إصلاح. ولكنه كائن حي يتفاعل ويصيبه ما يصيب محيطه من أزمات " معتبرا أن الأزمة " ليست تنظيمية بل نابعة من سياسة الاحتراز المبالغ فيه " وهو الطرح الذي دحضه احمد الزيدي الذي أشار إلى أن الحزب فقد مواقعه وتوارى إلى مراتب لا تليق بحجمه وتاريخه بفعل توقفه عن إنتاج القيم وانغلاقه في وجه المجتمع وهو وضع يلخص برأيه "الجمود الفكري والتنظيمي".
أما ولعلو. الذي كان يتوسط لشكر والمالكي بالمنصة. فعزا التراجع الذي يعرفه الحزب إلى ما قبل حكومة التناوب الأولى ليتعمق بعد المشاركة في حكومة ادريس جطو بسبب الابتعاد عن انشغالات المجتمع. وهي الفكرة التي وجدت صدى لها لدى المالكي الذي أضاف أن تدبير القرار الحزبي ساهم في الأزمة التي يعرفها الحزب.
وفضلا عن هذه الأعطاب التي جعلت الحزب يبتعد عن نبض المجتمع. فإن تدبير المشاركة في الحكومة وتسيير الشأن العام شكل نقطة التقاء بين المرشحين الذين أبرزوا أن هذه العملية لم تكن تتسم بكثير من الحكمة وكانت تحسم خارج القواعد على الرغم من حساسيتها الكبيرة خصوصا مشاركة الحزب في حكومة 2002 "بقيادة شخصية تكنوقراطية وبعيدا عن المنهجية التوافقية التي أسست لها التجربة الاولى بقيادة عبد الرحمان اليوسفي سنة 1998".
اختيار قرار الخروج إلى المعارضة شكل محط إجماع أيضا خلال هذه المناظرة. التي عرفت حضور نخبة من المتتبعين للشأن الحزبي وعدد من الصحافيين والتي استغرقت أزيد من ساعتين. بحيث أجمع المرشحون على أن هذا الموقع يجب أن يكون محطة لإعادة بناء الحزب على أسس تحافظ على استقلالية القرار الحزبي والمصداقية وربط الفكر بالممارسة وتوضيح الهوية والخط السياسي والإيديولوجي وفتح المجال للجهات والأقاليم للمشاركة في اتخاذ القرار.
كما أن المناظرة التي اتسمت بنقاش هادئ نأى عن المناورات الكلامية الاستفزازية. كشفت عن نقط التقاء أخرى بين المرشحين ومنها الحرص على وحدة الاتحاد والاتحاديين وبصفة خاصة في سياق وطني "عرف صعود قوى محافظة تهدد بحدوث تراجعات " وفي سياق دولي يتسم بمنافسة اقتصادية قوية.