هتف متظاهرون عند قصر الرئاسة المصري الخميس أثناء كلمة ألقاها الرئيس محمد مرسي بعد يومين من العنف في احتجاجات بالشوارع "قاتل.. قاتل" و"الشعب يريد إسقاط النظام" ورفعوا أحذية.
ورفض معارضون بارزون ضمتهم جبهة الإنقاذ الوطني أي حوار مع مرسي إلا إذا أوقف الاستفتاء على مشروع الدستور وحل جمعية تأسيسية كتبته وتشكيل جمعية أخرى. كما طالبوا مرسي بسحب إعلان دستوري أصدره الشهر الماضي وسع سلطاته.
لكن المتحدث باسم الجبهة حسين عبد الغني قال إن الجبهة تدرس عرض الحوار الذي أعلنه مرسي.
وهتف المتظاهرون أيضا "باطل باطل" و"مش هنمشي هو يمشي". والهتاف الأخير ردده المتظاهرون خلال الانتفاضة التي أسقطت الرئيس السابق حسني مبارك مطلع العام الماضي.
واعل مرسي في خطاب مساء الخميس، غداة صدامات دامية بين مؤيديه ومعارضيه، استعداده للحوار مع المعارضة السبت ولإلغاء مادة في الإعلان الدستوري تمنحه صلاحيات مطلقة، ولكنه أكد إصراره على إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور في موعده في الخامس عشر من الشهر الجاري.
ولم يتضمن خطاب مرسي استجابة لمطلبي المعارضة الرئيسيين وهما الغاء الاعلان الدستوري وتأجيل الاستفتاء على مشروع الدستور الذي يرفضونه ويؤكدون انه لا يحظى بتوافق وطني.
وبعد ان اتهم مرسي في خطابه "الذين ينفقون أموالهم الفاسدة التي جمعوها بفسادهم من جراء أعمالهم مع النظام السابق (...) لحرق الوطن وهدم بنيانه"، اكد انه "يميز بينهم وبين كل انواع المعارضة".
واكد ان الاشتباكات الدامية التي أوقعت ستة قتلى وأكثر من 600 جريح الأربعاء استخدم فيها السلاح مضيفا "بعض المقبوض عليهم المستخدمين للسلاح لديهم روابط بقوى سياسية وبعضهم من المستأجرين مقابل مال دفع لهم".
غير ان مرسي قدم تنازلا جزئيا اذ اعلن استعداده للتراجع عن المادة السادسة في الإعلان الدستوري التي تمنحه صلاحيات مطلقة.
وقال "اذا كانت هذه المادة (السادسة) تمثل قلقا لأحد فإنني غير مصر عليها، لست مصرا على بقائها اذا انتهى الحوار مع القوى السياسية الى ذلك".
وتنص هذه المادة على انه "لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد ثورة 25 يناير أو حياة الأمة أو الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها أن يتخذ الإجراءات والتدابير الواجبة لمواجهة هذا الخطر على النحو الذي ينظمه القانون".
ودعا مرسي المعارضة الى حوار وطني السبت، وهو يوم بدء الاستفتاء للمصريين في الخارج، غير انه حدد سلفا سقف هذا الحوار مؤكدا انه سيتناول قضايا ما بعد الاستفتاء "مثل القانون الانتخابي او خارطة الطريق في حال رفض الشعب مشروع الدستور في الاستفتاء.
وطالب مرسي المعارضة باحترام الديموقراطية وقال "لا بد ان ننزل جميعا على ارادة هذا الشعب وتلك الارادة لا تعبر عنها التجمعات الغاضبة وانما تتحقق بالحكمة والتعقل والسكينة التي تمنح الفرصة للتفكير السوي والقرار الصائب الذي تنزل فيه الاقلية على رأي الاغلبية، اليست هذه هي الديموقراطية؟".
وادلى مرسي بهذا الخطاب فيما كان الاف من المتظاهرين يرددون هتافات ضده بالقرب من قصر الرئاسة الذي اقام الحرس الجمهوري طوقا امنيا حوله عصر الخميس.
وكان الجيش المصري نشر دبابات في محيط القصر الرئاسي وامهل المتظاهرين حتى الساعة 15,00 (13,00 تغ) "لاخلاء محيط قصر الرئاسة" وقرر حظر التظاهر تماما حوله واقامت قوات الحرس الجمهوري طوقا كاملا من الحواجز والاسلاك الشائكة حول القصر.
ومع حلول المساء، كان انصار الرئيس المصري وجماعة الاخوان المسلمين انسحبوا تماما من محيط قصر الرئاسة في حين وصل الاف المعارضين في ثلاث مسيرات وتجمعوا خلف الحواجز الامنية، بحسب صحافي من فرانس برس.
وردد المتظاهرون هتافات ضد الرئيس المصري مثل "يسقط يسقط حكم المرشد" في اشارة الى المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها الرئيس مرسي.
وبعيد خطاب مرسي مساء الخميس، قال المتحدث باسم جماعة الاخوان المسلمين محمود غزلان ان متظاهرين معارضين للرئيس المصري احرقوا مقر جماعة الاخوان في القاهرة بعدما هاجموا المبنى.
وقال غزلان ان نحو "مائتين من البلطجية هاجموا المقر وحاول الامن منعهم لكن بعضهم نجحوا في دخوله من المدخل الخلفي حيث قاموا بأعمال تخريب وأضرموا النار، والحريق مستمر حتى الان".
وأفاد صحافي في المكان ان مواجهات نشبت قرب مقر الاخوان في القاهرة بين متظاهرين وقوات الامن التي استخدمت الغاز المسيل للدموع.
وقال مصدر امني ان الحريق كان محدودا وانه تم صد المتظاهرين.
وتشهد مصر منذ اصدار الاعلان الدستوري في 22 نوفمبر الماضي اسوأ ازمة سياسية منذ انتخاب الرئيس المصري في يونيو الماضي.
وإضافة الى احتجاجات المعارضة التي وصفته ب "الاستبدادي"، اثار هذا الاعلان غضب القضاة الذين علقت غالبيتهم العمل في المحاكم وأعلنت نسبة كبيرة منهم رفضها الاشراف على الاستفتاء على مشروع الدستور.
كما طالب مجمع البحوث الإسلامية في الازهر وهو أعلى سلطة فيه الرئيس المصري محمد مرسي ب"تجميد الاعلان الدستوري" و"الدعوة لحوار وطني فورا".
وقال مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر في بيان تلقت فرانس برس نسخة منه انه يتعين "معالجة الموقف بما يضمن وحدة الوطن وسلامة أبنائه" و"تجميد الاعلان الدستوري الأخير ووقف العمل به" و"الدخول في حوار وطني يدعو اليه السيد رئيس الجمهورية فورا وتشارك فيه كل القوى الوطنية دون استثناء ودون شروط مسبقة".
ودعت المعارضة المصرية الى تظاهرات الجمعة لمواصلة الاحتجاج على الإعلان الدستوري وعلى تنظيم الاستفتاء على مشروع الدستور المثير للجدل.
وانفجرت الأزمة السياسية في البلاد عقب إصدار الرئيس المصري إعلانا دستوريا في 22 نوفمبر الماضي حصن بموجبه قراراته من الرقابة القضائية كما حصن الجمعية التأسيسية و مجلس الشورى من أي قرار قضائي محتمل بحلهما.
وتطالب المعارضة بسحب الإعلان الدستوري وإرجاء الاستفتاء المقرر في 15 ديسمبر على مشروع الدستور الذي ترفضه مؤكدة انه لا يحظى بتوافق وطني.
ودعا نبيل العربي أمين عام الجامعة العربية مساء الخميس جميع أطراف الأزمة في مصر إلى "التحلي بالحكمة وضبط النفس" للتوصل الى "حل توافقي" للازمة.
وجاء في بيان "ناشد الدكتور العربي الأطراف والقيادات المصرية التحلي بالحكمة وضبط النفس لمعالجة المسائل الخلافية المطروحة والخروج بحل توافقي للازمة الراهنة يتفق مع المبادئ الأساسية لنظم الديمقراطية التي تضمن سيادة القانون والفصل بين السلطات".
في الاثناء اعلن المذيع خيري رمضان الذي يقدم برنامجا مسائيا في قناة "سي بي سي" المصرية الخاصة مساء الخميس، ان ادارة القناة قررت في اللحظة الاخيرة إلغاء مقابلة كانت مقررة مع المعارض حمدين صباحي.
وقال خيري رمضان على الهواء مباشرة انه قرر عدم استكمال حلقة برنامجه احتجاجا على قرار إدارة القناة الذي اتخذ، بعد ان وصل صباحي بالفعل إلى مقرها.
ولم يوضح رمضان أسباب قرار ادارة قناة "بي بي سي" بمنع ظهور صباحي.
وجاء هذا المنع غير المسبوق بعد دقائق من خطاب الرئيس المصري محمد مرسي الذي اكد فيه ان بعض الأشخاص المسلحين المتورطين في الاشتباكات التي وقعت في محيط قصر الرئاسة الأربعاء "ينسبون أنفسهم إلى القوى السياسية".
ووسط هذا الاحتقان شهد المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية اليوم تراجعا بنسبة 4,6 بالمائة.