لا أحد ينكر أن طنجة تحولت كثيرا في السنوات العشر الأخيرة وتغيرت ملامحها من خلال مشاريع جعلت من عروس الشمال وجهة الكثيرين من داخل المغرب وخارجه , ولا أحد ينكر أيضا هذا الإقبال الكثيف للزوار على المدينة يغرقها في نقم كثيرة , نقم طنجة في الصيف كنعمها ، كثيرة ومتنوعة , منها ما يظهر ليلة السبت و يختفي صباح الأحد , جولة صغيرة في شوارع طنجة ليلا كافية لتتعرف على مدينة أخرى مختلفة عن مدينة طنجة خلال باقي الأيام , وكأن للسبت طقوس خاصة , تستعد لها طنجة بما أوتيت من جمال وقبح فتصير حانة مفتوحة للسكارى, وقبلة مفروشة بالورد للراغبين في الاستمتاع بهوس الليل على الكورنيش , ليلة السبت تصير فيها طنجة شارعا لا بداية له ولا نهاية , حتى من يبحث عن بائعة هوى سيجد طنجة فاتحة ذراعيها له متعطشة للحظة تنسيه فيها برودة الشتاء , أما من يبحث عن مكان يختفي فيه فسيجد في طنجة الكبرى وبالضبط في سبتها وطنا آخر يخفي كل شيء … إن ما يزيد من غموض ليالي السبت في طنجة , تلك الزحمة التي تحدثها السيارات الفارهة والعادية في الشوارع الصغرى – فلا وجود لشوارع كبيرة في طنجة – والتي تضيق أكثر فأكثر عاما بعد عام . متاجر الخمور بالمدينة تحقق أرباحا يمكن وصفها بالكبيرة , فهي تعمل جاهدة كي تستجيب لحاجيات زبنائها الأوفياء وغير الأوفياء ، الأسواق العصرية هي الأخرى تنال حظها من الحركة الغير العادية التي تعرفها طنجة يوم السبت ، فيما يصبح الكورنيش ومارينا طنجة باي وساحة سور المعكازين … ساحات لقضاء سويعات من الفرح والمرح حيث يمر الوقت بسرعة وتعقد الصفقات العاطفية والغير العاطفية بطريقة سلسة ، وتتحقق أمنيات الكثيرين في الحصول على عشيقة مؤقتة .. إنها طنجة التي يراها الكثيرون مدينة لم تكرر في زمان آخر أو مكان آخر , مدينة لربما هناك من يحلم بأن يقضي بها ساعة واحدة ثم يعود ليحكي عنها , فيما يراها آخرون عروسا اغتصبت حتى أصبحت لا تطيق الحياة على هذا النحو , إنها طنجة بكل نعمها ونقمها ، جميلة وقبيحة ، عالية ودانية ، كبيرة وصغيرة في الآن ذاته ، فيها يرتاح التناقض ، كما يرتاح المتوسط والأطلسي على ذراعها . أشياء كثيرة تغيرت في المدينة ولا زالت ماكينة التغيير تشتغل بها في كل المجالات وعلى كل الأصعدة ، ولا زال السبت يخفي عنا الكثير من أسرار طنجة .