توقع صندوق النقد العربي أن يشهد معدل نمو الاقتصادات العربية كمجموعة ارتفاعا في عام 2022 ليسجل نحو 5.0 في المائة، مقابل 3.3 في المائة للنمو المسجل في عام 2021. ووفقا لتقرير أصدره الصندوق، أمس، يأتي ذلك مدفوعا بعديد من العوامل أبرزها التحسن النسبي في مستويات الطلب العالمي، وارتفاع معدلات نمو قطاعي النفط والغاز، ومواصلة الحكومات العربية تبني حزم للتحفيز لدعم التعافي الاقتصادي التي بلغت قيمتها 396 مليار دولار خلال الفترة 2020 – 2022. وذلك علاوة على الأثر الإيجابي لتنفيذ العديد من برامج الإصلاح الاقتصادي والرؤى والاستراتيجيات المستقبلية التي تستهدف تعزيز مستويات التنويع الاقتصادي، وإصلاح بيئات الأعمال، وتشجيع دور القطاع الخاص، ودعم رأس المال البشري، وزيادة مستويات المرونة الاقتصادية في مواجهة الصدمات. وأكد صندوق النقد العربي أن التقديرات الأولية للعام الجاري تشير إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للسعودية بمعدل 7.4 في المائة في عام 2022، مدفوعا بارتفاع في الناتج المحلي الإجمالي النفطي اتساقا مع زيادات كميات الإنتاج المقررة في إطار اتفاق "أوبك +"، وتحسن الطلب العالمي على المشتقات النفطية، فضلا عن التحسن المتوقع في الناتج المحلي غير النفطي مدعوما بشكل أساسي بنمو الأنشطة غير النفطية كنتيجة لاستمرار تنفيذ برامج ومشاريع "رؤية السعودية 2030 التي ستعزز من مساهمة القطاع الخاص ليكون المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي بافتراض استمرار التعافي التدريجي من آثار جائحة كوفيد – 19. كما تضمنت العوامل الدور الداعم للمالية العامة للنمو الاقتصادي، مستفيدة من ارتفاع الأسعار العالمية للنفط 48 في المائة خلال الربع الأول من عام 2022. وأوضح الصندوق أن الإصلاحات الاقتصادية والمالية في السعودية لعبت دورا مهما في تعزيز قدرة المملكة على مواجهة أزمة جائحة كوفيد – 19، حيث شكلت التدابير الصحية الحاسمة خلال الجائحة حجر الأساس في احتواء الجائحة بوتيرة أسرع من المتوقع، مشيرا إلى انعكاس هذا التقدم على زيادة نسب التحصين كما أثبتت البنية التحتية الرقمية جدارتها في مواجهة الأزمة. وتشير التوقعات إلى استمرار نمو القطاع الخاص بوتيرة أعلى من السابق ليقود النمو الاقتصادي في المدى المتوسط، من خلال الجهود الحكومية المبذولة لتعزيز دور القطاع، ودعم نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة، تزامنا مع دور الإنفاق الحكومي في تحقيق تحولات هيكلية تدعم النمو طويل المدى. وتوقع الصندوق أيضا تراجع وتيرة النمو الاقتصادي للدول العربية ليسجل 4 في المائة في عام 2023 بما يتواكب مع انخفاض معدل النمو الاقتصادي العالمي، إثر الانسحاب التدريجي من السياسات المالية والنقدية التوسعية الداعمة لجانب الطلب الكلي. وفيما يتعلق بالدول العربية المصدرة للنفط، ذكر الصندوق أن هذه الدول ستستفيد في عام 2022 من ارتفاع كميات الإنتاج النفطي في إطار اتفاق "أوبك +"، وتتواصل الزيادة في أسعار النفط والغاز في الأسواق الدولية بما سيدعم مستويات الإنفاق العام المحفز للنمو في هذه الدول ليرتفع معدل نمو المجموعة إلى 5.6 في المائة في عام 2022، مقابل 3.2 في المائة لنمو المجموعة المحقق في عام 2021. وفي هذا الإطار، توقع الصندوق ارتفاعا كبيرا لمعدلات نمو دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في عام 2022 ليسجل نحو 5.8 في المائة، مقابل 3.1 في المائة لمعدل النمو المسجل في عام 2021، بفعل محصلة من العوامل الداعمة للنمو في كل من القطاعات النفطية وغير النفطية والتأثير الإيجابي لزخم الإصلاحات الاقتصادية المطبقة لزيادة مستويات التنويع الاقتصادي، وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، علاوة على الاستمرار في تبني حزم للتحفيز داعمة للتعافي من جائحة كوفيد – 19، في حين توقع انخفاض وتيرة نمو دول المجموعة إلى 3.6 في المائة في عام 2023. أما على صعيد الدول العربية المستوردة للنفط، فقد توقع الصندوق تسجيل دول المجموعة وتيرة نمو معتدلة تقدر بنحو 3.7 في المائة في عام 2022 مقابل 2.5 في المائة لمعدل نمو المجموعة المسجل في عام 2021، بما يعكس التحديات التي تواجه دول المجموعة على صعيد توازناتها الداخلية والخارجية. فيما يتوقع تحسن ملموس لمعدل النمو الاقتصادي لدول المجموعة العام المقبل ليسجل 5 في المائة في عام 2023 بما يعزى إلى توقع تحسن مستويات الطلب الكلي في هذه البلدان، وانحسار تدريجي للضغوط التي تواجه أوضاع الموازنات العامة، وموازين المدفوعات نتيجة الانخفاض المتوقع لأسعار السلع الأساسية العام المقبل.