تكاثرت خروقات المديرية الاقليمية للتعليم بجرسيف وبلغت أشدها، فلم يسلم من العبث المستشري حتى الأستاذ الذي استنزفت الدولة الظالمة قواه الجسدية والنفسية في حرب أزلية أبدية ضد الجهل والأمية.. فما يفوق 28 سنة من حياته كرسها مدرسا بين المدارين القروي والحضري في سبيل تعليم الأجيال وتربية الناشئة، يُرْمى رمي "الجوطابل" مباشرة بعد الاستهلاك،فقد هشم التعليم العمومي سلامته البدنية والمعنوية بقبضته التمييزية، سنوات طوال من العمل المتواصل في اي مكان او زمان، في كل الظروف المناخية والطبيعية،وشتى التحولات الادارية والحكومية. هو نموذج لعدد من الموظفين العموميين الذين وجدوا انفسهم رهن اشارة منظومة ادارية تعيش على توازن مختل، انه استاذ يدعى "سعيد لحمر" حاصل على إجازة في الفيزياء، يمارس مهامه بمدرسة عمر بن الخطاب الابتدائية التابعة لنيابة التعليم بجرسيف الملحقة بأكاديمية جهة الشرق،يحمل رقم التأجير عدد 744171.. اشتغل كمدرس في السلك الابتدائي لمدة تزيد عن 28 سنة باستقامة،يشهد له ملفه المهني الخال من أدنى تنبيه او توبيخ او انذار، او اي عقوبة ادارية او جنائية،الى ان سيطر المرض الخبيث على بِنْيَتِه الجسدية،فقرر البحث عن التداوي والعلاج داخل وخارج ارض الوطن بطرق قانونية، فكان ان كلفه ذلك توقيف راتبه الشهري وهو في وضعية صحية مزرية.. تذرعت المديرية الاقليمية للتعليم انه تغيب عن مقر عمله دون سابق اشعار او مبرر قانوني،الشيء الذي يستوجب تطبيق مقتضيات المادة 75 من قانون الوظيفة العمومية،سيكون "الفصل" كاخر إجراء اداري بعد توقيف الأجر ،رغم ادلاء الموظف المعني بهذا القرار الجائر على مايكفي لاثبات عكس ذلك.. ورغم ان رجل التعليم يعتبر مدنيا لاينتمي إلى مؤسسات حاملة للسلاح، وله حق السفر بقوة الدستور ويزداد منسوب الانسانية حينما يتعلق التنقل خارج البلاد لهدف العلاج من مرض عضال اصابه أثناء مزاولته لوظيفة نبيلة تعتبر عماد الدول وركيزة الأوطان. قصد "المعلم المريض" مقر عمالة اقليمجرسيف واستخلص رخصة لمغادرة التراب الوطني نحو فرنسا لهدف التطبيب، موقعة من طرف رئيس قسم الشؤون الداخلية نيابة عن عامل عمالة جرسيف،متوجها بعد ذلك صوب المديرية الاقليمية للتعليم لاشعارها بحالته المرضية، طالبا منها رخصة ادارية أخرى، فالمادة 44 من قانون الوظيفة العمومية تمنح للموظف حق الاستفادة من عطلة طويلة الأمد لهدف التداوي.. رفضت المديرية الاقليمية للتعليم بجرسيف منحه رخصة المغادرة تحت حجة انه يتوفر على ترخيص من أعلى سلطة في الاقليم،كأن قطاع التعليم أصبح تابعا رسميا لوزارة الداخلية دون علم العالمين،ثم رخصت له شفهيا بالسفر خارج الحدود مع ارسال الشواهد الطبية لرئيسه المباشر لضمها إلى ملفه المهني.. وكذلك كان،وداخل الآجال القانونية راسل"الأستاذ المريض" مدير مدرسة عمر بن الخطاب عبر البريد الإلكتروني وتوصل، وأكد له عن طريق تطبيق الواتساب، ارساله للشواهد الطبية، فرد المدير بالدعاء له بالفرج الشفاء.. مر يوم واحد وانطلقت المديرية الاقليمية في تنزيل خطة العقاب في حق "المدرس المعلول" الذي استأصل الطب كليته اليسرى المصابة بالسرطان، والذي مد الادارة بشتى وسائل التواصل، سواء عن بعد او قرب، مستعينا حتى بعائلته وبمفوض قضائي.. رفض مدير المدرسة التسلم والاقرار بالاستيلام،وابل عرمرم من الاثباتات الطبية المسلمة للمريض من طرف المستشفيات الفرنسية العمومية المختصة في علاج أمراض السرطان بباريس، وصور فوتوغرافية فوق سرير المرض بالمصحة الاستشفائية الأجنبية.. لم تشفع "للأستاذ المريض" سنوات عمله الطوال،ولا سمعته الجيدة ولا وضعيته الصحية الحرجة التي تستحق التضامن عوض التحامل والتنكر باستعمال التحايل، بل حتى النقابة التعليمية المسماة قيد حياتها "الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT)" التي ينضوي تحت لوائها لمدة تزيد عن عقد من الزمن، باعت وابتاعت وانصاعت.. فالنقابات في المغرب عامة نوع من انواع المتلاشيات، وفي الجهة الشرقية خاصة لاتعدو ان تكون جزءا لا يتجزأ من النفايات، فلا تفتح فمها المقرف إلا في سبيل المطالبة بالزيادات او التعويضات او لمواجهة الضعفاء من المواطنين والمواطنات.. وكعادتها دون محاباة او معاداة لأي جهة، راسلت "قناة كاب 24 تيفي" مدير مدرسة عمر بن الخطاب الابتدائية "الاستاذ بنشريفة" الذي لم يتجاوب مع رسالتها النصية،فقررنا التواصل مع المديرية الإقليمية للتعليم فتجاوب معنا "الاستاذ الغليمي" مشكور، الذي صرح بعد الاضطلاع، ان الموظف المعني تغيب عن مقر عمله دون مبرر شرعي الشيء الذي أدى إلى توقيف راتبه،وبعد ان اخبرنا المسؤول كون الموظف استعمل شتى الوسائل المتاحة منها الإلكترونية والعادية. وعمل على اشعار الادارتين المحلية والاقليمية بوضعيته الصحية قبل وبعد مغادرته البلاد قصد العلاج،أجاب ذات المتحدث ان الطرق التي استعملها المعني بالأمر لتبليغ الإدارة غير قانونية،وانه غادر التراب الوطني دون رخصة ادارية من الجهة الوصية، زيادة على ان الشواهد الطبية المدلى بها من طرف الاستاذ لاتتوفر فيها شروط المصداقية.. فعندما تشكك نيابة شبه تعليمية تقبع داخل بقعة جغرافية متخلفة بئيسة،في مصداقية تقارير وشواهد طبية صادرة عن مستشفيات عمومية فرنسية متخصصة في علاج أمراض السرطان، متذرعة بمبررات واهية تخلو من الصدق والموضوعية والإنسانية. وتستعمل أساليبا هلامية وغير منطقية لمهاجمة استاذ مريض بورم خبيث استأصل المرض كليته اليسرى، وتمضي نحو عزله من سلك الوظيفة التربوية بعد توقيف راتبه في مثل هكذا ظرفية صحية مؤلمة ومزرية،فاعلم ان الفساد قد توغل والاصلاح اندثر والإفساد انتشر والنزاهة في عداد الموتى والاستقامة اصبحت رفاة،في مدينة يحكمها الفاسدون والجهلاء لا وجود للانسانية، ولا للقانون ولا للأخلاق، فهل يتدخل وزير التعليم لتطهير القطاع من القُطّاع وانصاف استاذ مريض لاسترجاع حق منه بقوة الفساد ضاع.