يبدو أن ساعةَ الصفرِ اقتربت ليُحسمَ الأمرُ بشكل واضح وشامل في العلاقات التركية الأوروبية، التي لا تعيش أفضل أيامها بسبب تباينات عميقة على مختلف الأصعدة وفي ملفات مهمة وحساسة. وبعدَ أن صرَّح الممثلُ الأعلى للسياسةِ الخارجيةِ والأمنية بالاتحادِ الأوروبي جوزيب بوريل بأنَ الوضعَ يتردّى فيما يتعلقُ بالعلاقاتِ مع تركيا، خرجت المستشارةُ الألمانية أنجيلا ميركل لتُعلِنَ أن القادةَ الأوروبيين سيَبحثون مستقبلَ العلاقاتِ بين تركيا والاتحاد في قمتهِم المقررِ عقدها في ديسمبر المقبل. التوتراتُ الأخيرةُ في شرقِ المُتوسط: ودخلت العلاقاتُ التركيةُ الأوروبية في دوامةٍ من التبايناتِ، أبرزها التوترات في شرقِ المتوسط، حيث تتصاعد الأزمةُ بين أنقرة وآثينا حول الغاز والحدود البحرية بينهما، وسط مطالبات من الجانب اليوناني بفرض عقوبات أوروبية على تُركيا بسبب المُناورات البحرية. الاستفزازاتُ التُركية: تزامنا مع هذِه التوتراتِ قام الرئيسٌ التركي رجب طيب أردوغان بزيارةِ فاروشا، المنتجعِ الساحلي المتنازعِ عليه في جزيرة قبرص، في ذكرى تأسيس "جمهوريةِ شمال قبرص"، غيرِ المعترف بها دوليا سوى من السلطاتِ في أنقرة. ويرى الأوروبيون أن التصرفَ الأخير لأردوغان، يٌضاف إلى سلسلةٍ من "الاستفزازات التركية" تجاه اليونان وقبرص وعمومِ الدول الأعضاء في الاتحاد. ليس كذلك فقط، بل إن الرئيسَ التركي قال في تصريحٍ له إنهُ ليسَ من قبيلِ المصادفة أن الساعين إلى إقصاء ِتركيا من شرق المتوسط هم أنفسهم الذين حاولوا الاستيلاءَ على أراضيها قبل قرن، في خطابٍ اعتبَره الأوروبيون مثيرا للتوتر. تصريحات ضد إيمانويل ماكرون: وفِي خضم الأزمةِ التي عاشتها فرنسا، عندمَا خرج الرئيسُ إيمانويل ماكرون بتصريحاتٍ مثيرةٍ للجدل ضد المسلمين، لم يقف الرئيسٌ التركي صامتاً، بل ردًّ بتصريحاتٍ أكثرَ جدلاً عجَّلت من استدعاءِ فرنسا لسفيرِها لدى تُركيا. وشن أردوغان هجوماً عنيفا على إيمانويل ماكرون، واصفاً ما قاله الرئيسُ الفرنسي ب"الوقاحة". وتابع: "ما هي مشكلةُ هذا الشخص الذي يُدعى ماكرون مع المسلمين والإسلام؟ إنه يحتاجُ إلى علاجٍ على المستوى النفسي". وندّد وزيرُ خارجيةِ الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل وقتها بتصريحاتِ الرئيس التركي معتبراً أنها "غيرُ مقبولة"، ودعا أنقرة إلى "وقفِ دوامةِ المواجهةِ الخطيرة". هي تبايناتٌ تتشعبُ جذورُها وتذهبُ في مختلِف الاتجاهات، فبين سياساتٍ مختلفةٍ في سوريا وليبيا، وخلافٍ واضحٍ في أزمةِ شرق المتوسط، ومواقفَ متضاربةٍ من الصراع بين أرمينيا وأذربيجان، تقفُ العلاقاتُ التركية الأوروبيةُ في قمةِ ديسمبر أمامَ لحظةِ حقيقةٍ، ربما تٌغير من مستقبلِها بشكل كبير.