بعد أن تداول نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي ، لفيديو مصور وثق بالصوت والصورة ، طبيعة الإعتداء الذي تعرض له مواطن أثناء تدخل رجال القوات المساعدة لفرض حالة الطوارئ، حيث ظهر هذا الأخير وهو يستعطف ، بين أيادي عنصرين من القوات المساعدة، قبل أن يقوما معا بصفعه وتعنيفه، وذلك بشكل حاط من كرامة مواطن ، بل وتحت عدسات كاميرا رصدت تفاصيل الحادث من ألفه إلى يائه ،هي اليوم الذليل المادي الذي يثبث مسؤولية جهاز في ارتكابه ما يخالف أصل تفعيل آلة الزجر ، وما يقتضيه سماحة القانون في ذلك . اليوم وبالموازاة مع جائحة كورونا ، لا زالت مواقع البحر الأزرق تمطرنا ، بفيديوهات تبرز المفارقة الشاسعة بين الممارسة والخطاب ، بين التدبير المعقلن وبين آخر يحمل في مبدئه شراسة التفعيل ،والمتمثلة أساساً في لحظات التدخل التي هي اليوم تحاكي واقع أقل ما يمكن وصفه بالمرير ، ربما سيكون فيها البلد لقمة مستهلكة عند الأعداء ، وحجتهم في ذلك هاته التدخلات الهمجية الضاربة في بعض المكتسبات الحقوقية المتعارف عليها دولياً ، مستغلين حينها حالة الطوارئ ، التي تحتاج إلى نوع من الحكمة والرزانة والتبصر ، والتريث وكبح جماح المكبوتات الداخلية التي تفرغ على حساب القضية المدنية، وذلك عن طريق الدور الرقابي الذي ، عكر صفو التدخلات الميدانية المتعارف عليها قانوناً ،والتي سنامها حماية الأملاك والأرواح، لا ترهيبها و ترويعها بشكل يساءل المفهوم الأمن الإستثبابي ، ضد مواطن مغلوب عن أمره ،وهي الأفعال التي تخالف منطق التدخلات الأمنية بمفهومها الإستثبابي ، الذي يراعي في أصله كرامة الذات والعدالة والإجتماعية ،لا إستبدال ذلك بالشطط في تفعيل سلطة الزجر، التي يضبط تفاصيلها القانون المنظم للوظيفة العمومية ،خصوصاً من موقعهم الحمائي الأمني في أصله ، لا ما شاهدناه أسفا من تسيب وقلة الإحترام وانتهاك لحرمة الكرامة المدنية. وعلى ضوء ذلك وبعد استنكار مدني ودرءا للحرج ، فقد تم توقيف عنصرين من القوات المساعدة عن العمل، وعرضهما على أنظار المجلس التأديبي،نظرا لما ترتب عنه من شطط في استعمال السلطة ، ولما خلفه ذلك من آثار نفسية لدى عموم المواطنين أو الرأي العام ،وهو ما جعل هيئآت حقوقية تدخل من جهتها على خط الدعم والمؤازرة، وكذا التنديد بهذا الفعل المرتكب ،والذي يلطخ سمعة البلد عند أهل الجوار ، وما يمكن أن يضعه مستقبلاً في موقع الحرج من الجانب الحقوقي، كبلد لا يحترم الإتفاقيات المبرمة دولياً ،من خلال تدخلاته الأمنية،عند فرضه حظر التجول، وما يمكن أن نتوقعه ما بعد كورونا و ،التي ستساءل البلد لا محالة ،بل وستضعه في حرج من الجانب الحقوقي ،بعد أن البلد أشيد بإستراجيته الحكيمة بمواجهته لجائحة كورونا (ملكا وشعباً) . الأمر هنا يتعلق بعملية اعتقال المعني بالأمر بسبب خرقه لحالة الطوارئ الصحية والهروب من دورية مشتركة تتكون من 3 عناصر من الدرك الملكي و3 عناصر من القوات المساعدة، أول أمس الأربعاء، بدوار بلعكيد بجماعة واحة سيدي إبراهيم التابعة لجهة مراكشآسفي والتي يمكن فيها تفعيل المسطرة القانونية ،دون المساس بسلامته النفسية والجسدية . وعلى ضوء ذلك فقد تم تقديم القاصر، الذي تبين أنه كان موضوع مذكرة بحث، أمام السلطات المختصة التي قررت متابعته في حالة سراح بتهم السرقة وخرق حالة الطوارئ الصحية. وكان فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمراكش، طالب في بلاغ له، ب"فتح تحقيق قضائي عاجل حول ما ورد في الشريط المتداول، وترتيب الجزاءات القانونية اللازمة". واستنكرت الهيئة الحقوقية "بشدة المقاربة القمعية والممارسات العنيفة والماسة بالكرامة باعتبارها خرقا لحقوق الإنسان وتجاوزا للقانون. مشيرة إلى أنها سجلت "منذ إعلان حالة الطوارئ الصحية، عدة تجاوزات من طرف السلطة العمومية وأعوانها والقوات المساعدة في عدة مناطق متفرقة من مدينة مراكش ونواحيها". وبما أن تقييد الحريات العامة هو إجراء إداري يفرضه وجود خطر داهم على سلامة المواطنين (الكوارث الطبيعية وحالات الأوبئة)، يستعصى مواجهته ضمن حدود القوانين ووفقا للمساطر القانونية المعمول بها، فإنه يفترض فيه أن يكون استثنائيا ومحدد قانونيا، من حيث المدى الترابي والفترة الزمنية، بما يفرض على السلطات العمومية عدم الشطط في استعماله، خصوصا وأنه، من حيث الشكل والمضمون، يظل ماسا بالحقوق والحريات الأساسية للأفراد.