عاش شعراء وموسيقيون وفنانون تشكيليون أتوا من 15 بلدا في إطار مشاركتهم في الدورة الثالثة للمهرجان الثقافي "كام توماي هوم " (10 – 16 أكتوبر الجاري) حيث عاشوا لحظات قوية وممتعة عنوانها التلاقح الثقافي والحوار البناء والانفتاح على الآخر وعلى مدى أسبوع أقام الفنانون المشاركون في هذه التظاهرة التي نظمتها مؤسسة ثقافات العالم، حفلات فنية وورشات ولقاءات للنقاش ، فضلا عن قراءات شعرية وورشات في فن الطبخ وزيارات ثقافية . ووصف كافة المشاركون في هذه الدورة اللحظات الممتعة من اللقاءات والتبادل الفني من أجل الاكتشاف والانفتاح على الآخر وإذكاء روح الإبداع ، بالبناءة والمفيدة والتي تفتح آفاقا جديدة للإبداع. وأعربت الفنانة الانجليزية الشابة إيمي هيلتون ، المعروفة ببحثها الدائم عن تعلم واكتشاف الفنون والثقافة بمختلف أنحاء العالم ، عن إعجابها بهذه التجربة الفريدة التي تتيح فرصة الاكتشاف والانفتاح على الآخر، مبرزة أن إقامتها بالمدينة الحمراء كانت مفيدة جدا وستبقى راسخة في ذهنها. وقالت إن " تظاهرة كام توم ماي هوم مكنتني من اكتشاف تنوع فني كبير وأشخاص من مختلف الآفاق وإيقاعات جديدة. لقد عشنا لحظات سحرية تبادلنا خلالها تجاربنا وأساليبنا الفنية وأطلقنا العنان لإبداعنا". بدوره نوه عازف القيثارة الإيطالي جواني سكاراموتشينو، بهذه المبادرة الهادفة إلى التلاقي والتبادل والتي سمحت له بالتعرف على أساليب موسيقية جديدة . قائلا إن " العزف إلى جانب موسيقيين من مختلف أنحاء العالم يعد تجربة رائعة ، إنه اكتشاف ممتع مكننا من تجريب أشياء جديدة في جو من التقاسم والتلاقح ". أما بادارا سيك الموسيقي والملحن السينغالي الذي يعيش بإيطاليا ، فأشاد من جانبه، بهذا المهرجان الثقافي الذي يساهم في التقريب بين الشعوب من خلال الموسيقى والفنون ، معتبرا أن تظاهرة " كام تو ماي هوم " مبادرة متميزة إذ أنها تجمع بين الشعر والموسيقى والفن التشكيلي والمسرح والسينما ، مؤكدا أن الموسيقى تعد لغة عالمية تسمح بتجاوز الحدود والدعوة إلى الحوار والتسامح والتقريب بين الشعوب من أجل عالم أفضل خال من العنف والعنصرية والظواهر التي تغذي سوء الفهم وغياب التواصل . من جانبه، نوه الفنان التشكيلي عبد الله هريري بنجاح هذه التظاهرة المتميزة التي تنظمها مؤسسة ثقافات العالم. وأضاف أن المعرض التشكيلي الجماعي "تخيلات" الذي ميز افتتاح هذه التظاهرة، كان له صدى قوي حيث ضم ثلاثة أصناف من الفنانين ويتعلق الأمر بنزلاء قرى الأطفال والهواة والمشهورين، مشيرا إلى أن المعرض مكن أيضا الجمهور من اكتشاف مواهب فنانين تشكيليين من شخصيات متعددة ضمنهم سياسيون ومغنون وغيرهم. وكانت أقوى لحظات هذه التظاهرة الحفل الشعري الذي أقيم بالمسرح الملكي بمراكش تحت شعار "قصائد شعرية عالمية" ، حيث كان الجمهور المراكشي على موعد مع شعراء وموسيقيين أتوا من بلدان مختلفة لإبراز تعدد الثقافات حيث امتزجت القصائد الشعرية من مختلف أنحاء العالم مع نغمات موسيقية لتترجمها لغة الجسد عبر رقصات. وقد عكس شعراء وفنانون من آفاق مختلفة وبدقة متناهية الحوار البناء بين الثقافات الذي يعد جوهر وروح تظاهرة "كام تو ماي هوم" . وحسب رئيس مؤسسة ثقافات العالم السيد إدريس العلوي مدغري فإن هذه التظاهرة التي تعد أرضية للإبداع الفني، تقوم على الجمع بين فنانين ومفكرين ومثقفين من مختلف الثقافات في جو من التبادل والانفتاح على الآخر من أجل تقديم إبداعات فنية (موسيقى ،شعر، فن تشكيلي) ، كما يرتكز مفهوم "كام تو ماي هوم" على إتاحة الفرصة للفنانين الأجانب للالتقاء بعائلات مغربية تحضنهم طيلة أيام مقامهم ليتقاسموا وقائع المعيش اليومي ويلامسوا عن قرب طبيعة الحياة داخل الأسر المغربية في محاولة لتقريبهم من الثقافة المحلية وخصائصها. وتسعى هذه التظاهرة إلى تعزيز وترسيخ مبدأ الحوار بين الثقافات من خلال إبداع أعمال ثقافية وفنية وكتابة شعرية ولوحات تشكيلية من شأنها تعزيز الروابط والتعارف ونشر الثقافة وإشاعة القيم المبنية على الحوار واحترام الآخر. وبدأت هذه التظاهرة تحظى بإشعاع على المستوى الدولي وخاصة بعد دورتي الدارالبيضاء في أكتوبر سنة 2012 ولوكا بإيطاليا (يونيو 2013 ) مما دفع المنظمين إلى التفكير في تنظيمها بمدن مغربية أخرى أو بلدان أخرى. وعلى غرار الدورات السابقة نظمت مائدة مستديرة حول موضوع " المدن الإبداعية" تطرق خلالها فنانون ومفكرون ومثقفون لهذا المفهوم مع إبراز نظرتهم للفن والمدينة، فضلا عن عقد لقاء حول فن الملحون والقراءات الشعرية. وسعى الفنانون المشاركون في هذه التظاهرة إلى إضفاء طابع إنساني على هذا اللقاء من خلال تنظيم ورشة حول المبادئ الأولية لعلم الفلك لفائدة الأطفال نزلاء قرية أطفال آيت أورير، إلى جانب إحياء حفل موسيقي لفائدة الأطفال المصابين بداء السرطان بالمركز الاستشفائي بمراكش. يشار إلى أن مؤسسة ثقافات العالم تهدف إلى التعريف والنهوض بالثقافة المغربية وإشاعة قيم الحوار واحترام الآخر من خلال التفاعل والتلاقي بين الحضارات ، والحوار الحر بين المبدعين في جميع انحاء العالم. وسبق للمؤسسة أن نظمت سنة 2009 منتدى الإبداع بالمغرب والذي ضم مبدعين في مجالات مختلفة من أجل وضع تصور عام للإبداع الثقافي والفني بالمغرب.