والي بنك المغرب يؤكد على أهمية الاستقرار المالي في إفريقيا    هيئة حقوقية تنادي بحماية النساء البائعات في الفضاءات العامة    تخريب يوقف عمالا زراعيين باشتوكة‬    إسرائيل تصعد عدوانها على لبنان قبل اتفاق محتمل لوقف النار    دراسة: سوق العمل في ألمانيا يحتاج إلى المزيد من المهاجرين    أساتذة اللغة الأمازيغية يضربون ضد تهميش "تيفيناغ" بالمدارس العمومية    رغم قرار "العدل الأوروبية".. بروكسل ومدريد تتعهدان بحماية مصالح المغرب    وفاة أكبر رجل معمر في العالم عن 112 عاما    "نعطيو الكلمة للطفل" شعار احتفالية بوزان باليوم العالمي للطفل    النظام العسكري الجزائري أصبح يشكل خطرا على منطقة شمال إفريقيا    الجنائية الدولية :نعم ثم نعم … ولكن! 1 القرار تتويج تاريخي ل15 سنة من الترافع القانوني الفلسطيني    سعد لمجرد يصدر أغنيته الهندية الجديدة «هوما دول»    الاعتداء على مدير مستشفى سانية الرمل بالسلاح الأبيض        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    معاملات "الفوسفاط" 69 مليار درهم    المغرب جزء منها.. زعيم المعارضة بإسرائيل يعرض خطته لإنهاء الحرب في غزة ولبنان    دين الخزينة يبلغ 1.071,5 مليار درهم بارتفاع 7,2 في المائة    النقابة الوطنية للإعلام والصحافة … يستنكر بشدة مخطط الإجهاز والترامي على قطاع الصحافة الرياضية    المغرب التطواني يندد ب"الإساءة" إلى اتحاد طنجة بعد مباراة الديربي    الجزائر و "الريف المغربي" خطوة استفزازية أم تكتيك دفاعي؟    في حلقة اليوم من برنامج "مدارات" : عبد المجيد بن جلون : رائد الأدب القصصي والسيرة الروائية في الثقافة المغربية الحديثة    العائلة الملكية المغربية في إطلالة جديدة من باريس: لحظات تجمع بين الأناقة والدفء العائلي    نزاع بالمحطة الطرقية بابن جرير ينتهي باعتقال 6 أشخاص بينهم قاصر    التوفيق: قلت لوزير الداخلية الفرنسي إننا "علمانيون" والمغرب دائما مع الاعتدال والحرية    الجديدة مهرجان دكالة في دورته 16 يحتفي بالثقافة الفرنسية    توقيف ستة أشخاص في قضية تتعلق بالضرب والجرح باستعمال السلاح الأبيض ببن جرير    اللحوم المستوردة تُحدث تراجعا طفيفا على الأسعار    توهج مغربي في منافسة كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي بأكادير    مسرح البدوي يواصل جولته بمسرحية "في انتظار القطار"    شيرين اللجمي تطلق أولى أغانيها باللهجة المغربية    اتحاد طنجة يكشف عن مداخيل مباراة "ديربي الشمال"        برقية شكر من الملك محمد السادس إلى رئيس بنما على إثر قرار بلاده بخصوص القضية الوطنية الأولى للمملكة        القنيطرة.. تعزيز الخدمات الشرطية بإحداث قاعة للقيادة والتنسيق من الجيل الجديد (صور)    الأمم المتحدة.. انتخاب هلال رئيسا للمؤتمر السادس لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    غوارديولا قبل مواجهة فينورد: "أنا لا أستسلم ولدي شعور أننا سنحقق نتيجة إيجابية"    مواجهة مغربية بين الرجاء والجيش الملكي في دور مجموعات دوري أبطال أفريقيا    حوار مع جني : لقاء !    الدولار يرتفع بعد تعهد ترامب بفرض رسوم جمركية على المكسيك وكندا والصين    المناظرة الوطنية الثانية للفنون التشكيلية والبصرية تبلور أهدافها    عبد اللطيف حموشي يبحث مع المديرة العامة لأمن الدولة البلجيكية التعاون الأمني المشترك    تزايد معدلات اكتئاب ما بعد الولادة بالولايات المتحدة خلال العقد الماضي    اندلاع حريق ضخم في موقع تجارب إطلاق صواريخ فضائية باليابان    ملتقى النقل السياحي بمراكش نحو رؤية جديدة لتعزيز التنمية المستدامة والابتكار    إطلاق شراكة استراتيجية بين البريد بنك وGuichet.com    صقر الصحراء.. طائرة مغربية بدون طيار تعيد رسم ملامح الصناعة الدفاعية الوطنية    الرباط.. انطلاق الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة        لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقيقة سلطان علوي اشتهر بتصوير نسائه وحريمه وصعق عبيده
نشر في نيوز24 يوم 09 - 08 - 2015

نسجت العديد من الكتابات التاريخية الكثير من الأخبار الطريفة والغرائبية عن أحد أشهر سلاطين الدولة العلوية، وهو عبد العزيز بن الحسن، الملقب بمولاي عبد العزيز، وهو السلطان الثامن عشر في سلسلة سلاطين العلويين، حيث حكم البلاد في الفترة الزمنية الممتدة بين 1894 و 1908، أي زهاء 14 عاما فقط.
ونُسبت لهذا السلطان العلوي، الذي ولد عام 1878 في مدينة فاس، وتوفي سنة 1943، سلوكات غريبة تخرج عن المألوف في حياة الحكام، من قبيل تسليته بصعق عبيده بالكهرباء التي كان مهووسا بها، كما كان مفتتنا باقتناء الدراجات والألعاب والآلات الأوربية، لكن كل هذه الأخبار لا تزال في حاجة إلى إلقاء شعاع من الضوء بشأنها.
تصوير وكهرباء
هسبريس اتصلت بالأكاديمي والمؤرخ، الدكتور إبراهيم القادري بوتشيش، والذي أورد أن أبرز السلوكات الغريبة المنسوبة لهذا السلطان تتمثل في شغفه الزائد عن الحدّ بالمخترعات التكنولوجية التي أبدعها الغرب في بداية القرن العشرين، خاصة ولعه الشديد بالدراجات الهوائية والنارية، والسيارات الثلاثية العجلات، فضلا عن الكهرباء الذي وصلت أسلاكه إلى القصر السلطاني، والهاتف، وآلات التصوير..
وأفاد الأستاذ بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس أن الكتابات التاريخية التي وصلتنا حول ولع السلطان عبد العزيز بهذه المخترعات، تعبّر عن إعجابه بها واستخدامها للتسلية واللهو، واقتطاع فواتير اقتنائها من خزينة الدولة، بدل توظيفها في تحقيق المشاريع الإصلاحية بالمغرب".
وأكمل المتحدث بأن "السلطان لم يكن يستثمر الطاقة الكهربائية كتقنية جديدة تفيد في إنارة أزقة ودروب المدن المغربية، بل كان يستعملها كأداة للتسلية في صعق عبيده، ولم يكن يستثمر السكة الحديدية التي طلبها من الشركة الفرنسية لتحديث وتطوير بنية وسائل النقل والمواصلات بين الحواضر المغربية، بل للمتعة والتنزّه في حدائق أكدال.
واستطرد ذان الأكاديمي بأن هذا السلطان كُتب عنه أنه استعمل آلات التصوير لتصوير نسائه وحريمه، بدل استعمالها لتأسيس مشروع إنتاج سينمائي، بل الأدهى من ذلك أنها صوّرت ولعه بهذه المخترعات ما يظهره كسلطان متصابي، غارق في اللهو واللعب في ظرف عصيب كان ينذر بكارثة سياسية خطيرة".
في حميمية السلطان
ونبه بوتشيش إلى أن المصدر الرئيسي الذي نسب إليه هذه السلوكات يتمثل في المذكرات التي كتبها كابرييل فييرGabriel Veyre، وجمعها في كتاب تحت عنوان "في حميمية السلطان " Dansl´intimité du Sultan الصادر سنة 1905 والمترجم للعربية بعناية عبد الرحيم حزل، تحت عنوان "في صحبة السلطان".
وتساءل بوتشيش عن حدود مصداقية ما نسب إلى السلطان المذكور، وقال إن كابرييل فيير لم يكن مؤرخا بالمعنى الاحترافي، بل كان خبيرا متمرسا في التصوير والسينما التي كان يتم الترويج لها بحكم نشأتها آنذاك من قبل إحدى الشركات الباحثة لها عن أسواق، فكلّفت كابرييل بالسفر إلى عدد من البلدان ليجد فيها المبتغى.
وكانت الجالية الفرنسية بالمغرب قد بعثت إلى "فيير" تحثه على القدوم والاتصال بالسلطان مولاي عبد العزيز، وأبلغته بشغفه بالمخترعات التقنية، فحلّ ضيفا على المغرب سنة 1901، واتصل بالسلطان الذي جعله صديقا حميما ومهندسا تقنيا يسدّ حاجاته من الوسائل التقنية إلى حدود سنة 1904.
وتأسيسا على هذا المعطى، يضيف بوتشيش، يمكن القول بأن كابرييل فييرلم يكن مؤرخا محترفا، بل تقنيا بارعا، لذلك لم يخلف لنا نصّا تاريخيا بمعنى الكلمة. إلا أنه ترك مذكرات لها قيمتها المعرفية باعتبارها ذاكرة أجنبية تلقي الضوء حول زمن تاريخي معقّد، وحول مكان محاط بالأسرار والألغاز، وهو "القصر السلطاني".
وتابع الأكاديمي أن "القصر السلطاني" غالبا ما حجبته الكتابات التاريخية المغربية من التداول، وسيّجت أحداثه وكواليسه بأسوار منيعة يصعب تجاوز النظر إلى ما ورائها"، مضيفا أن مذكرات فيير تخترق الخطوط الحمراء لتصل إلى الحياة الحميمية للسلطان، وكواليس صنع القرار، وتمدنا بمادة خبرية نادرة، ولحظات تزخر بالإيحاءات والدلالات".
ولفت بوتشيش إلى أن الكتابات الأجنبية في تلك المرحلة التي كان يحضّر فيها لاستعمار المغرب تجعل الباحث يأخذ روايات فيير بنوع من الحذر والتحرّز، باعتبار أن الذات التي كانت تهيء للاحتلال كانت تسعى بكل السبل إلى استصغار الذات المحتلة بما في ذلك إهانة سلطانها الذي هو بمثابة الرأس من الجسد ، وذلك تمهيدا لقبول فكرة الحماية أو الاحتلال.
البوح بأسرار البلاط
واعتبر المؤرخ المغربي أن وضع نصوص كابرييل فيير تحت مبضع النقد والمساءلة والاستنطاق، تنحو بنا نحو الإقرار بصدقية أقواله بناء على عشر مؤشرات وقرائن، الأول أنه كانت ل"فيير" صداقة حميمية مع السلطان، وعاش في بلاطه مدة 4 سنوات كانت كافية لرصد سلوكاته وتسجيلها بدقة.
والمؤشر الثاني، وفق بوتشيش، أن المتن الأجنبي عموما، بخلاف المصدر المغربي، يتسم بالجرأة، وعدم القبول بالمساومة أو التستّر عن ذكر الحقائق والبوح بأسرار البلاط، كما أنه لا يخشى خدش رمزية السلطان وهيبته، ويتعامل معه كغيره من البشر الذين يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، ويذكر أخطاءه وزلاته التي يمكن أن يرتكبها أي شخص عاد.
والمؤشر الثالث، تبعا للأكاديمي ذاته، الذي يرجح مصداقية أحكام كابرييل حول انغماس السلطان مولاي عبد العزيز في اللهو والتسلية بالمخترعات الأوروبية، أن السلطان تولى مقاليد الحكم صبيا دون الرابعة عشر من عمره، وعاش السنوات الست الأولى من حكمه تحت وصاية الرجل النافذ أحمد بن موسى الملقّب "بباحماد" وأمه "للارقية".
وبعد وفاة "باحماد" في سنة 1900، سيخضع لحجر سياسي آخر من قبل رجل الدولة القوي آنذاك السيد المنبهي الذي استغل فتوة سنه ليجعل بينه وبين عالم السياسة حجابا سميكا، وتعتيما جعله لا يقدّر الأمور بما ذلك القضايا الداخلية الحساسة، حيث كان يجهل خطر ثورات بوحمارة والريسوني وغيرهما من الثوار والمتمردين.
والمؤشر الرابع أنه عرف عن السلطان مولاي عبد العزيز بإيثاره الإقامة في قصر مراكش الذي كان فضاء يوفّر له كل أدوات اللهو والاستمتاع، بعيدا عن قصر فاس الذي كان مقرّ الحكم الإداري، وسرّة الحكم التي منها توجه القرارات وتعالج القضايا المصيرية، مما جعله غير مطّلع على موازين القوى السياسية والعسكرية.
وأما المؤشر الخامس، يقول بوتشيش، أن الأوروبيين عرفوا كيف يوظفون الطفرة التكنولوجية التي شهدها الغرب في تمرير مشاريعهم الاستعمارية، ونجحت فرنسا وأنجلترا في إغراق المولى عبد العزيز بمنتجات الغرب التكنولوجية الترفيهية لإلهائه تمهيدا للاحتلال.
سلطان متصابي ودولة هشة
والسادس أن فتاوى من قبل علماء المغرب صدرت تحرّم التعامل مع الأجانب والتشبّه بعاداتهم، ورغم أن هذه الفتاوى تعبّر عن انغلاق في العقلية التقليدية، فإنها تعبّر أيضا عن تبرّمها من سلوكات السلطان التي كانت مقلدة للطراز الغربي، من خلال شغفه باختراعاتهم واقتنائها بأموال باهظة، مما يقوم دليلا على أن روايات فيير تتساوق مع فتاوى العلماء.
والمؤشر السابع، يردف بوتشيش، أن خلع السلطان مولاي عبد العزيز ومبايعة أخيه مولاي عبد الحفيظ، هي عملية تحمل دلالات حول عدم رضى خالعي البيعة عن السلوكات التي كان ينهجها السلطان، إذ أنه من الشروط التي تضمنتها البيعة الحفيظية عدم التعامل مع الكفار، وهو شرط يشي بتذمر الرعية من سلوكات مولاي عبد العزيز، المتمثلة في الإقبال على اقتناء منتوجات الغرب ،وترك فريضة الجهاد.
والقرينة الثامنة، يتابع بوتشيش، أن وضع السلطان مولاي عبد العزيز في هذه الصورة السلبية هو انعكاس أمين لصورة الدولة المغربية نفسها في تلك الفترة، باعتبار أنها دولة هشّة ومهترئة، أنهكتها الأزمات المتعددة، واتساع رقعة بلاد "السيبة"، واستفحال ظاهرة المغاربة المحميين من طرف السلطات الأجنبية، واندلاع الثورات في طول المغرب وعرضها..
والمؤشر التاسع، وفق المصدر، أن فشل الإصلاح الذي حاول أن يقوم به السلطان مولاي عبد العزيز، ساهم في اهتزاز صورة السلطان الحازم التي انحدرت إلى مستوى السلطان المراهق في نص مذكرات كابرييل، باعتبار أن ضريبة الترتيب لم تجلب سوى سخط الأعيان والمحميين والمتنفذين في المجتمع، مما جعل كل عملية إنقاذ شبه مستحيلة.
وذهب بوتشيش إلى أن المؤشر العاشر، يتمثل في "صمت معظم المصادر التاريخية المغربية عن سلوكات مولاي عبد العزيز المراهقة، وهو ما يمكن أن يؤول بمنهج الإعراض والنسيان، ففي الوقت الذي كتب عن أبيه الحسن الأول عدد من المؤلفات، فإن المؤرخين ألجموا قلمهم عن التعرض لتاريخ ابنه"، معتبرا أن هذا الصمت يحمل دلالات عميقة ويؤكد صحة نصوص كابرييل فيير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.