بعد طول انتظار تم «تلطيف» جهاز السلطة، وأصبح المغاربة أمام مشهد جديد تؤثثه نساء السلطة. كان الفوج ال47 تاريخيا في مسار المعهد الملكي للإدارة الترابية، فقد كان من بين الخريجين 19 قائدة، حينها تبين للحاضرين وللرأي العام أننا أمام مفهوم جديد للسلطة، ولو على مستوى الشكل بعد تأنيث قطاع السلطة الذي ظل لسنوات بعيدا عن زحف الجنس اللطيف. اعتقد الجميع أن وزارة الداخلية ستسند للخريجات مهام جانبية بعيدا عن الواجهة، حتى يستأنسن أولا بالسلطة على الميدان، لكن ما أن تسلمن تعييناتهن حتى تبين عكس ما ذهب إليه منجمو الوزارة الذين يفكرون بعقليات ذكورية، إذ أسندت لكثير منهن مناصب قيادية على رأس مقاطعات وملحقات إدارية. اعتقد دعاة السلطة الذكورية أن تعيين قائدة لن يتحقق في الإدارة الترابية المغربية، إلا بعد تعيين عون سلطة من الجنس اللطيف، وتصبح الإدارة تدار من طرف الذكور والإناث على حد سواء، فتظهر «المقدمة» و«الشيخة» وامرأة ضمن القوات المساعدة وقس على ذلك من المناصب التي لازالت حكرا على الذكور. لكن نزول «القايدة» إلى الشارع غير المفاهيم بل قلبها رأسا على عقب، ولم تعد السلطة مرادفا للخشونة والرجولة، رغم أن التعيينات الأولية اقتصرت على المناطق الحضرية في إطار اندماج تدريجي داخل منظومة الإدارة الترابية، ولم يشكك أحد في أن المرأة هي فعلا نصف المجتمع. يرجع الفضل في تأنيث السلطة المحلية إلى وزير الداخلية السابق شكيب بنموسى، الذي اعتبر تخريج الدفعة الأولى من القائدات، تكريسا لمفهوم المساواة بين الرجل والمرأة وتنزيلا لمبدأ المناصفة، بل أشاد بإحدى الخريجات التي تربعت على صدارة الفوج بنتائجها المبهرة، مما ساهم في دعم تمثيلية المرأة في دواليب السلطة. صحيح أن نساء سبقن القائدات إلى مناصب المسؤولية على مستوى أكبر، مثل العاملة فوزية أمنصار التي تعد أول عاملة في المغرب، حين بدأت مشوارها على رأس عمالة مقاطعات عين الشق بولاية الدارالبيضاء الكبرى، ومنها إلى عمالة المحمدية لتعلن اعتزالها السلطة بسبب مرض مفاجئ، لكن عمل القائدة أكثر قربا من الساكنة، وأشد بأسا من مسؤوليات عاملة محاطة برجال ونساء يساعدونها على تدبير الشأن العام للمدينة أو الإقليم. دب الشك إلى أوصال السكان حين استيقظوا على تعيين قائدات شابات لهن نصيب من الأنوثة، وهم الذين ودعوا قوادا أشداء لهم بنيات جسدية تجعل «سيماهم على وجوههم»، لكن غالبية المواطنين أكدوا أن الإصغاء هو الميزة التي تتفوق بها المرأة القائدة على القائد المذكر، إضافة إلى المواظبة والتفاني في العمل. لكن هذه المزايا تؤول على نحو سيئ من طرف بعض المواطنين الذين يعتبرون الإنصات والحياء والتعامل اللبق ضربا من ضروب الخوف، فيعلنون تمردهم ويبسطون آراءهم ويستحضرون فحولتهم التي لطالما صادرها «شاوش» بسيط أمام مكتب قائد فظ غليظ. في هذا الملف تجوب «الأخبار» ملحقات ومقاطعات ودوائر وعمالات، وتتعقب الحياة اليومية لقائدات تخلصن من دلالهن وأنوثتهن من أجل مهنة ظلت أسيرة الرجال من الباشا لكلاوي إلى زمن البصري. في هذه الرحلة سنتوقف عند المعارك التي تخوضها قائدات في مسرح التعمير والحرب الناعمة على البناء العشوائي ونزالات بلا هوادة من أجل تحرير الملك العمومي من الباعة المتجولين، بالرغم من الإكراهات الثقافية التي لازالت تعتبر القائدة تطاولا على منصب ذكوري.
أم كلثوم.. القائدة التي تعرضت للجلد بسيدي عثمان لازالت والدة أم كلثوم الأندلسي بنبراهيم، القائدة بمقاطعة سيدي عثمان وتحديدا بحي النور، تنتظر إنصاف ابنتها التي تعرضت للجلد أثناء ممارسة مهامها، إذ ترقد القائدة، التي كان ذنبها الوحيد تنفيذ القوانين المعمول بها في مجال التعمير، منذ أيام في مصحة الضمان الاجتماعي بدرب غلف بينما أخلي سبيل المعتدين بكفالة. لم تكن القائدة تعتقد أن رد فعل أسرة تصر على البناء بعيدا عن ضوابط التعمير، سيصل إلى حد التهديد بالتصفية الجسدية، فقد أصيبت قائدة الملحقة الإدارية حي النور بمقاطعة سيدي عثمان بإغماء جراء هجوم شنه عليها أحد الساكنة، نتجت عنه إصابة في الرقبة والعمود الفقري وكدمات في مناطق أخرى من الجسم. وقفت دورية القائدة وهي تحذر من مضاعفات خرق القانون، لكن لا حياة لمن تنادي، إذ وجدت أم كلثوم نفسها في مسرح الجريمة، وهي تتلقى أعنف الركلات من أشخاص غابوا عن ذهنها، ولولا تدخل بعض المرافقين لها لسقطت ميتة بين أيديهم. نقلت القائدة على عجل إلى المصحة، لكن ما يثير استغراب أسرتها أن الشكاية التي رفعتها للنيابة العامة، لم تجد الصدى المأمول في أوساط رجال ونساء السلطة، حيث ارتأت المحكمة متابعة المتهمين في حالة سراح مؤقت، مما يزرع بذور الخوف والقلق في صفوف زملائها في مهنة لا تخلو من مخاطر. وألقى خال القائدة في تصريح تداولته مواقع التواصل الاجتماعي، باللائمة على «المخزن»، وقال: «إلا ما حماهاش المخزن تلوح ليهم الكسوة»، في إشارة منه إلى حجم الغضب الذي سكن عائلتها، بينما عبر كثير من رجال السلطة عن تضامنهم مع القائدة التي قد تطالب بإعفائها من مهامها نظرا للحيف الذي لاقته، بالرغم من حديث عن تدارك السلطات للموقف حيث قام والي الدارالبيضاء بإيفاد وفد للاطمئنان على حالتها الصحية. وكانت أم كلثوم الأندلسي بنبراهيم قد بدأت علاقتها بالسلطة حين عينت قبل خمس سنوات بباشوية وجدة، ثم رئيسة للملحقة الإدارية 15 بالمدينة نفسها قبل الانتقال إلى الدارالبيضاء.
حارس المقبرة اليهودية يهاجم قائدة بالقصر الكبير لم تكن قائدة المقاطعة الأولى بالقصر الكبير تعتقد أن نقاشا مع ابن حارس المقبرة اليهودية سيتحول إلى مشهد درامي. فقد فاجأ الفتى الجميع وشرع في سب وشتم القائدة بأرذل النعوت، ولم يكتف بذلك بل أشهر في وجهها سكينا مفتخرا بانتمائه إلى فصيلة «المشرملين». أصل النزاع تقرير سري من «مقدم» حي بلعباس يشير فيه إلى معاينة ميدانية لاحتلال للملك العمومي، ويؤكد «قيام ابن حارس المقبرة اليهودية باحتلال جزء كبير من الشارع العام عن طريق تحويله إلى مكان لبيع الرمال لاستعماله في أشغال البناء». واجهت القائدة ابن الحارس بالمنسوب إليه ووجهت له استدعاءات للمثول أمامها وهددته بعرض النازلة على القضاء. وهو ما لم يرق الأخير الذي انهال على القائدة بالسب والشتم واستغل حضور السكان ليمارس سطوته ويؤكد لمن يشك في جبروته بأنه قادر على التصدي للسلطة. وحسب المعطيات التي تم تداولها في تقرير القائدة، فإن مجموعة من العناصر الأمنية اكتفت بدور المتفرج وهي تتابع الواقعة، بل منها من تحرك لتهدئة الوضع وتفريق المتنازعين، دون اعتقال الرجل، وكأن البوليس يريد تسريب رسالة لمن يهمه الأمر تقول إن السلطة شأن ذكوري، وإن المرأة مهما بلغت من شأن في سلالم القيادة فإنها ستظل في حاجة إلى سلطة الرجل. شكل الحادث ضربة موجعة للمفهوم الجديد للسلطة، وعبرت بعض الهيئات النسائية عن استعدادها للتضامن مع القائدة، قبل أن تتدخل العمالة وتطوي ملف نزاع تجاوز صراع «سيدة» سلطة مع ابن حارس مقبرة، إلى خلاف مع الدوائر الأمنية للمدينة، التي لم تستوعب ممارسة أنثى للسلطة في مدينة محافظة.
القائدة الحسناء تتعرض للسرقة داخل مجالها الترابي استيقظت قائدة المضيق ذات يوم على هول مفاجأة، حين تبين لها أن سيارة المصلحة الموضوعة رهن إشارتها، تعرضت للسرقة بالقرب من مقر سكناها بمنتجع «كابو نيغرو». تفحصت السيارة واكتشفت حجم الخسائر التي تجاوزت حدود السرقة إلى تحطيم زجاجها وإتلاف محتوياتها، وقبل أن ينصرف الجناة قاموا بسرقة بعض الأغراض من داخل سيارة «الدولة». قبل أن تنهي معاينتها للواقعة، اتصلت القائدة برئيسها المباشر بالعمالة وكشفت له عن الهجوم الذي تعرضت له والأضرار التي لحقت السيارة، كما أكدت أن الجناة هم خصومها الذين تضرروا من قراراتها الرامية إلى تحرير الملك العمومي، وهي العملية التي خلفت استياء في صفوف كثير من الباعة الذين وجهوا لها شتائم «على المباشر»، لكنها بالمقابل ظلت تتلقى عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعض المضايقات التي لاقتها إثر إصرارها على الاستمرار في إنهاء احتلال الباعة المتنقلين للملك العمومي، وتنفيذ مذكرة وزارة الداخلية في هذا الشأن، خصوصا بكورنيش المدينة الذي يعتبر منطقة جذب سياحي بامتياز، والذي يصنف من بين أرقى «الكورنيشات» على الصعيد الوطني. منذ تعيين الفتاة حسناء جيهان على رأس المقاطعة الأولى بالمضيق، العاصمة الصيفية للملك، أبانت الريفية عن حس وطني وقيادي كبير، قبل أن تصطدم مع عقليات تريد أن تظل القيادة شأنا ذكوريا. وحين طالت المعركة بين الباعة والقائدة، اختارت السلطة الحل الأسهل وتم إعفاء الحسناء من مهامها وإلحاقها بالعمالة، مقابل تعيين قائد بدلا عنها تم تزويده بتعليمات عنوانها التطبيق المرن للتعليمات، مما أثار غضب المصطافين والتجار على حد سواء، في الوقت الذي احتفل فيه الباعة المتجولون بالفوز على القائدة، التي تلقت بارتياح تضامن أطياف من الساكنة معها، بل إن جمعيات سكنية نادت بإعادتها إلى منصبها دون جدوى. فقد كانت سلطات المدينة تخشى من تجمع الباعة خلال زيارة الملك للمدينة أكثر من خوفها على ضياع هيبة المخزن.
الريفية التي تمردت على الأعراف واختارت القيادة اسمها بثينة بوكمزة، مهمتها قائدة بباشوية ازغنغان التابعة لإقليمالناظور، من مواليد سنة 1985 بالحسيمة في وسط أسري محافظ. حين نالت هذه الفتاة قرار تعيينها بمدينة الناظور حمدت الرب وشكرته لأنها ستعيش حياتها الأولى في درب القيادة النسائية في وسط ريفي تعرفه وتحفظ عقليته عن ظهر قلب. فقد كانت تخشى تعيينا بعيدا في منطقة قد تجد صعوبات في الاندماج داخلها بالنظر إلى جذورها الريفية وثقافتها التي تختلف عن ثقافة كثير من جهات وأقاليم المملكة. قال عنها عامل الإقليم مصطفى العطار إن بثينة بوكمزة أول قائدة تعين بالإقليم، وأمامها «فرصة لتبرهن عن كفاءتها وتغير نظرة الجمهور إلى النساء القائدات اللواتي أصبحن يتحملن المسؤولية أكثر فأكثر في المغرب». في حفل تنصيب موظفي الإدارة الترابية تبين أن الحضور النسوي بدأ يفرض نفسه في الحركة الانتقالية التي أقرتها وزارة الداخلية، وتأكد أن للنساء حق تدبير الشأن العام في الإدارة الترابية، وأن دورهن داخل المقاطعات لا يقتصر على المهن البسيطة بل يشمل أيضا دور القيادة. لكن مدينة الحسيمة سبق لها أن أنجبت قائدة أخرى، ويتعلق الأمر بجهاد قدورة التي تعتبر من الطاقات الشابة الريفية المشهود لها بالصرامة والكفاءة المهنية العالية طيلة مشوارها المهني، الذي أدارته باقتدار ومسؤولية مقارعة أقرانها الرجال، وهي من مواليد الحسيمة سنة 1980، وخريجة الفوج 45 من المعهد الملكي للإدارة الترابية، قائدة سابقا بالمهاية إقليممكناس.
القائدة والسائحة فرانسواز خلقت سائحة فرنسية تدعى فرانسواز نقاشا كبيرا في أوساط ساكنة المدينة العتيقة بمراكش وتحديدا بحي أعرجان، بسبب استفادة الفرنسية من دعم الدولة في إطار البرنامج الوطني الخاص بالمنازل الآيلة للسقوط بالمدن العتيقة، بلغ 140 ألف درهم، حيث عبر القاطنون في دور مماثلة عن استيائهم لحصول سائحة أجنبية على دعم الحكومة المغربية، وفتحت الاستعلامات العامة بحثا في سر القلق الذي جثم على أبناء الحي، وبحثت عن الجهة التي مكنت فرانسواز من نيل المبلغ المالي المذكور والمخصص للمغاربة دون سواهم من الجنسيات. أصابع الاتهام أشارت إلى تقرير يزكي من خلاله قائد المقاطعة الحضرية لباب دكالة دعم الفرنسية، وامتد الاتهام ليشمل المفتشية الجهوية للإسكان والتعمير وسياسة المدينةبمراكش، وكذا لدى شركة «العمران». وقف المحققون على موافقة القائد، لكنهم أثنوا على القائدة السابقة التي رفضت طلب فرانسواز ورفضت تسليمها موافقة الحصول على الدعم معللة قرارها بغياب معايير الدعم، قبل أن يغير القائد مجرى الطلب، لكن إلى غاية الآن لازالت التحريات أسيرة دواليب العمالة. لكن قائدة أخرى تدعى إيمان العمريوي، ممثلة سلطة الإدارة الترابية بمقاطعة الحي الحسني، ظلت ترفض تسليم شهادات عدم الشغل والاحتياج، وكأنها تعلم علم اليقين أن الحي لا يضم عاطلين أو محتاجين، لذا ظلت محل احتجاج من طرف كثير من المعوزين الذين ناشدوا إيمان بمساعدتهم على تجاوز أوضاعهم الصعبة دون جدوى. حطمت القائدة الرقم القياسي في عدد الشكايات المرفوعة ضدها من طرف المواطنين وهي تفتخر بهذا الإنجاز غير المسبوق، بينما يجمع المفوضون القضائيون على أن القائدة ترفض استلام الوثائق والرسائل منهم، رغم أن المشرع المغربي يعتبر رفض التبليغ القانوني، عن طريق المفوض القضائي، بمثابة تبليغ. أما قائدة مقاطعة إيسيل في مراكش فقد هاجمها فجأة بائع متجول، وأشهر في وجهها سكينا من الحجم الكبير. ونظرا للحالة الهستيرية التي كان عليها البائع المتجول، فإن القائدة أسلمت ساقيها إلى الريح، بعد رد الفعل العنيف المترتب عن حملة لتحرير الملك العمومي، يقول شهود عيان إن القائدة قامت بمنع البائع المتجول، قبل أن تظهر أسماء أخرى. قائدة المحمدية التي تجيد القفز العلوي اشتكى أحد تجار مدينة المحمدية قبل عامين من قائدة المقاطعة الحضرية السادسة التي جندت أعوانها، وتهجمت على محل تجاري بحي الفرح لكريت المحمدية، وهددت صاحبه بإغلاق المحل التجاري بدعوى حقها في مراقبة البضائع المعروضة للبيع، رغم عدم صدور أي قرار من لجان مراقبة الجودة والأسعار التابعة للقسم الاقتصادي للعمالة. وقدم المشتكي صورا للحصار المضروب على محله من طرف القائدة وعناصر من القوات المساعدة، مما حرمه من البيع لمدة لا تقل عن أربع ساعات، ناهيك عن الضرر الذي تعرض له من جراء الحصار. السلوك نفس صدر عن القائدة ضد تاجر آخر بشارع فلسطين رغم أنه لا يدخل ضمن نفوذها الترابي. ولم تعر اهتماما لتدخل نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات، وموفد المكتب الإقليمي للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين الذي حاول استقصاء الأمر، مكرسة دورها القيادي الذي دأبت عليه منذ تعيينها على رأس المقاطعة الثالثة في بداية عهدها بالسلطة. وبناء على شكاية المعنيين، استمعت الضابطة القضائية إلى القائدة والباشا، اللذين ووجها بتهمة الشطط في استعمال السلطة، على خلفية دعوى وجهها مشتك آخر قال في شكواه إنه «تعرض لشطط بعد قفز القائدة والباشا على سور منزله وردم بئر مرخصة وهدم جزء من غرفة دون سند قانوني أو أمر من القضاء. الشكاية تتحدث أيضا عن اقتحام غير مؤذون به لفيلا المعني من طرف رجال سلطة يفترض أن يسهروا على أمن الساكنة وأن يدخلوا البيوت من أبوابها، بدل إحداث ثقب بالسور قصد تسهيل ولوجهم قبل ردم البئر. قائدة مهمتها وقف زحف الباعة المتجولين بآسفي قبل سنتين، تم تعيين أول قائدة بإحدى مقاطعات مدينة آسفي، وذلك في إطار الحركة الانتقالية العادية التي تجريها مصالح وزارة الداخلية. أهل آسفي وساكنة بياضة على الخصوص، انقسموا بين مؤيد لتعيين قائدة ومعارض لها. يقول المؤيدون إن المنطقة بحاجة لسيدة سلطة قادرة على إعطاء نفَس جديد لدائرة أحوج لمن يصغي إلى مشاكل قاطنيها البسطاء، بينما أبدى المعارضون خوفهم على سيدة لا تستطيع مواجهة الوضع السائد في إحدى أهم مقاطعات المدينة، والتي تعرف احتلالا كبيرا للملك العمومي من طرف الباعة المتجولين. وضعت القائدة خطة لمواجهة غزو الباعة، ودعت فريق عملها وقواتها الاحتياطية إلى التعامل مع مقاربة أمنية صارمة وتكثيف الحضور اليومي في مواقع التوتر، بل إنها نقلت مكتبها إلى زنقة مارينز المحتلة لردع الباعة. فشلت الخطة كما فشلت خطط سابقيها من القواد والقايدات في مختلف المناطق، لغياب مقاربة سوسيو اقتصادية في تدبير هذا الملف.. حينها عادت القائدة إلى قواعدها ولم تغادرها إلا للتوجه إلى مقر العمالة أو العودة إلى بيتها. تقول مصادر من عمالة آسفي إن فشل القائدة في التصدي للباعة المتجولين وعدم قدرتها على تحرير الملك العمومي من سيطرتهم، يرجع بالأساس إلى غياب التعاون بينها وأعوان السلطة، الذين تعاملوا مع الحملة بفتور، لأن الباعة ظلوا يشكلون مصدر رزقهم اليومي، وبالتالي فإن انخراط الأعوان في حملة القائدة قد يفتح عليهم جبهة أخرى. الشيء ذاته ينطبق على أفراد القوات المساعدة الذين تركوا الجبهة الأمامية وعادوا إلى مخفرهم سالمين، وهم يشتكون من غياب الدعم اللوجستيكي والبشري لعملية التحرير، بل هناك من يتحدث عن صعوبة احتواء مشاكل الحي الذي تتعايش فيه سلوكيات تتجاوز سلطة قائدة أو فيلق من القوات المساعدة. قائدة فاسية ترأس مقاطعة دكالية كانت الشابة سمية عياد محظوظة حين نالت شرف رئاسة مقاطعة عريقة بالجديدة، وهي المقاطعة الحضرية الأولى التي مر منها مجموعة من رجال السلطة الذين بلغوا أعلى درجات الحكم في هرم وزارة الداخلية. لأول مرة يتم تعيين امرأة على رأس مقاطعة حضرية بإقليمالجديدة، مع ما يتطلبه الوضع من إلمام بالعقلية الدكالية التي تختلف عن عقلية أصول القائدة الفاسية، إلا أن الطموح والعزيمة كانا سلاح القائدة التي كانت في حاجة لأسابيع فقط للاستئناس بالعمل الميداني، وأصبحت تقضي وقتا طويلا في أحياء المدينة التابعة لترابها، من قبيل الحي البرتغالي وسيدي الضاوي، إلى أن كسبت خبرة ميدانية واكتسبت آليات التدخل في كثير من المواقف التي تتطلب منها التخلص من حسها المرهف واستحضار دروس الصرامة والجدية، واضعة نصب عينيها ما راكمته من معارف في مجال التسيير والتدبير وما تعلمته في بداية علاقتها بالسلطة، حين اشتغلت على مدى ثلاث سنوات في ديوان عامل عمالة ابن امسيك. سمية ليست القائدة الوحيدة في الإقليم، فقد تلتها القائدة مريم الملقبة ب«مريامة»، وهي ابنة مكناس التي جلست على كرسي السلطة وعمرها لا يتجاوز 26 سنة، خريجة الدفعة 49 للمعهد الملكي للإدارة الترابية بالقنيطرة، القائدة الشابة وعلى غرار سمية حاصلة على ماستر من المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير، وتعتبر ثاني امرأة تتقلد منصب قائد بإقليمالجديدة. القائدة و«الريزو» المصادَر بدأت الحكاية ذات صباح حين أشعر «مقدم» بحي سيدي عثمان بالدارالبيضاء، قائدة الملحقة الإدارية بالمنطقة، بتوقف أشغال تثبيت عمود لإحدى شركات الاتصالات اللاسلكية، وإصرار بعض السكان على منع العمال من استكمال عملية زرع العمود في فضاء قريب من ملعب لكرة القدم والمحكمة التجارية. انتقلت القائدة إلى عين المكان مرفوقة بعناصر من الوقاية المدينة، ووقفت على حالة العصيان التي يقودها شباب الحي. قال الثائرون إن العمود سيشكل خطرا على الساكنة بالنظر إلى الأضرار الناجمة عن المشروع الذي لن يفيد الساكنة، بينما حاولت القائدة إقناع الغاضبين بجدوى العمود وأهمية شبكة الهاتف الجوال ودورها في تحقيق التغطية الكافية للحي الذي يعاني من فقر في «الريزو»، إلا أن الشباب رفضوا دفوعات القائدة جملة وتفصيلا مما جعلها تنتقل من الوعد إلى الوعيد. دخل مستشار الحي على خط النزاع وأيد شباب سيدي عثمان، وساندهم في تمردهم على القائدة، بل وفتح جبهة مباشرة معها بعد أن دعا الشباب إلى التصدي للعمود «الفتاك».. وصلت القضية إلى عامل المنطقة، وتبين أن الصراع تجاوز حدود مكافحة زحف الباعة على الملك العمومي، أو محاربة البناء العشوائي، إلى فرض عمود «ريزو» لمن لا «ريزو» له. قائدة كادت تجرفها سيول فيضانات الجنوب عاشت قائدة مقاطعة أزرو التابعة لولاية أكادير، ساعات في الجحيم خلال تدفق السيول على المنطقة الجنوبية بسبب الفيضانات التي عرفتها المنطقة والمملكة عموما.. كان رئيس المقاطعة الحضرية الثانية بأيت ملول في حالة استنفار في شكل تنقل دائم بين قناطر أيت ملول والدواوير المجاورة لوادي سوس الذي كان في أوج غضبه. لكن أحد التدخلات رفقة قائدة مقاطعة آزرو كادت أن تكلف هذه الأخيرة حياتها وتصبح في عداد الضحايا لولا الألطاف الربانية، حين جرفها السيل عند نقطة انجراف المياه أمام مركز الدرك الملكي بتمرسيطيلة خلال التساقطات الاستثنائية التي عرفتها المملكة في الشهور الأخيرة من السنة الماضية. نجت القائدة بأعجوبة من السيول، على غرار عدد من أعوان السلطة المحلية ومسؤوليها الذين لعبوا دورا كبيرا في عمليات الإنقاذ وكشفوا عن حس وطني غير مسبوق، وتحدوا الطبيعة من أجل تقليص فاتورة الخسائر البشرية الناجمة عن الفيضانات التي ضربت الجنوب المغربي. ولأن القوات المساعدة تشكل جزءا من اللوجستيك الخاص بالإدارة الترابية، فإنهم عبروا عن جاهزية استثنائية وحس وطني عال. القائدة وسط اختناق الحمام عاشت قائدة مقاطعة لاجيروند بالدارالبيضاء حالة من الذعر، وهي تعاين مخلفات انفجار سخان «شوديرة» حمام عمومي بإقامة حمزة بزنقة بازاس بحي لاجيروند.. وقفت القائدة على التصدعات التي ظهرت بالعمارة السكنية، واستنفرت الوقاية المدنية والسلطات المحلية والأمن بمقاطعة مرس السلطان، الذين عاينوا الأضرار وقاموا بإغلاق الحمام مؤقتا في انتظار تقييم الخسائر والأضرار، وأعدت تقريرا يدين صاحب الحمام ويتهمه بالاستخفاف بأرواح المواطنين. لكن سرعان ما انطفأت شعلة حماس القائدة، وقررت منح صاحب الحمام رخصة إصلاح السخان الذي انفجر وترميم ما أفسده الحادث، وبالتالي إعادة فتح الحمام في وجه الزبائن. ندد السكان بهذه الخطوة التي اعتبروها محاولة لطمس ملف لازال أمام القضاء بعد شكايات من السكان إلى الوكيل العام للملك بالدار ال