المصادفة هي عنوان هذا الحوار ! ففي حديث جانبي على هامش إنجاز الحوار المطوّل مع السيد مصطفى المعتصم، قال لنا الأمين العام لحزب البديل الحضاري المنحل، إن هناك مخططا جهنميا لتقسيم المغرب، وأشار إلى أن كثيرين تحدثوا عن الأمنر في لقاءات علنية، ولكنه ركّز على الباحث أحمد ويحمان الذي يتوفر، حسبه، على معطيات خطيرة حول هذا الموضوع. ربطنا الإتصال بويحمان، ودام التهييء للحوار مدة طويلة نسبيا، إلى أن ورد في الخطاب الملكي أمام القمة المغربية الخليجية، معطى أخطر، هو حبك مؤامرة لتقسيم المغرب، في إطار مخطط يستهدف العالم العربي، الذي تحول ربيعه إلى خريف.
هنا أصبح مشروع الحوار أكثر راهنية، وتم الإنجاز، وكانت هذه النتيجة التي بين أيديكم وهي حقيقة صادمة، بحيث تتحدث عن "بداية العد العكسي للمخطط"، وعن وجود مسعركات تدريب في ليبيا لهذا الغرض، وعن أسماء وعناوين وأماكن ودول، على رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل، تستهدف تمزيق الخريطة المغربية، والأدهى والأمر هو أن الأمر لا يتعلق فقط بمخطط فصل المغرب عن صحرائه، ولكن بتشتيت أوصاله، بحيث يتحدث ويحمان عن كون جمهورية الريف جاهزة بخريطتها وبنشيدها الوطني وأعلامها، و مخطط دولة بالجنوب الشرقي للبلاد تدعى "آسامر" الذي أصبح جاهز أيضا، إضافة إلى جمهورية سوس وجمهورية في الصحراء.
معطيات رهيبة تأتي لتكشف جزءا مما ورد في خطاب الملك محمد السادس دون أن ندعي أنها التأويل الصحيح لما ذهب إليه ملك البلاد، الذي يتوفر على المعطيات الحقيقية، وهي على كل حال من أسرار الدولة.
ذ. أحمد ويحمان مناضل اتحادي قديم، مارس مهنة المتاعب في الصحافة الإتحادية، واختار بعدها البحث العلمي، وظل رفيقا للراحل الفقيه البصري منذ عودته إلى المغرب، إلى أن رافق الحياة وظل حاملا لعلبته السوداء لحد الآن، وهو اليوم رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع وباحث في علم الإجتماع والأنتروبولوجيا، وهذه شهادته مطروحة لحكمكم ولتقدير من يهمهم الأمر.
وننشر في هذه الحلقة الأولى جزء من الحوار مع ويحمان، الذي يتحدث لنا عن "المخطط التخريبي" الذي يستهدف المغرب في وحدته الترابية والاجتماعية.
منذ سنوات وأنت تثير الانتباه في محاضرات لك بمختلف المدن والجامعات وفي مشاركات لك، في ندوات ولقاءات، إىل ما كنت تسميه "المخطط التخريبي"، هل أن لك تحدثنا عن هذا المشروع؟ بداية أحيي "الأيام" وقراءها ثم أستسمحكم أن نضع السياق العام لمحاولة الإجابة عن هذا السؤال، حتى تتضح الصورة جيدا، لكي يتضح الجانب المتعلق بالمغرب العربي بشكل عام والمغرب الأقصى بشكل خاص.. ولكن هناك من يعترضون على مفهوم "المغرب العربي"، ويستعملون مفهوم "شمال إفريقيا"، ما رأيك؟ هذه جزئية أخرى من المشروع الخبيث الذي نحن بصدده، فالمفهومان بالضبط كانا دائما في صراع ما انفك يتقد بصيغ مختلفة، وذلك منذ انهزام مفهوم "شمال إفريقيا"، على يد الزعيم المغربي الأممي محمد بن عبد الكريم الخطابي، الذي يرجع له الفضل في دحر هذا المفهوم الإمبريالي وتسييد المفهوم الوحدوي التحرري "المغرب العربي" مكانه ابتداء من سنة 1947 (سنة فراره من المنفى والأسر) لدى تأسيسه بالقاهرة مكتب ولجنة وجيش "تحرير المغرب العربي".. لنترك الجزئيات ولنأخذها في سياقها العام ولنعد إلى المخطط الأشمل..؟ دعنا في المشاريع الإستعمارية الحالية المتفرغة عن المشروع الإمبريالي الأشمال مشروع "بيرنار لويس" الذي قال وكتب، بكل وضوح ووقاحة، بأنه يجب إعادة احتلال البلدان الحديثة الاستقلال لأنها إذا تركت لحالها ستدمر انفسها وتدمر الغرب بحسبه، قبل أن يضيف أنه لا يجب على الغرب، وعلى رأسه الولاياتالمتحدة، أن يأبه بما يمكن أن يقال حينها عن الأخلاق والقيم وحقوق الإنسان إلخ.. فالمشروع والمخطط الذي تم تحضيره للوطن العربي ككل وللأمة الإسلامية ليس شيئا جديدا بالنسبة للمتتبعين.. إذن فما هو المشروع التخريبي "الأشمل" ما سميته، وما سياقه العام الذي يفسر المشاريع الفرعية كما قلت؟ ومن هو بيرنار لويس صاحب هذا المشروع؟ ومن أين يستمد كل هذه القوة لتنفيذ مشرع التخريبي على كل هذا الإمتداد؟ أولا، بيرنار لويس هو أنتروبولوجي يهودي صهيوني، من مواليد 1916 بندن، وتجنس أمريكيا سنة 1982، وأصبح بعد ذلك مستشارا لجورج بوش، الأب ثم بوش الإبن، هو يقترح في مخططه تحويل كذا وخمسية دولة عربية وإسلامية لتصبح 88 دولة، وهذا النقاش سبق أن أثرناه حين حضرت في مؤتمر دولي ضد الحرب في مدريد سنة 2003، حيث طرحت سؤالا على باحثة أمريكية، يخص مشروع تقسيم السعودية إلى دولتين وقت انطلاق هذا المخطط، فأجابتني السيدة : أولا صحح معلوماتك، ما يحضر للسعودية هو تقسيمها إلى ثلاث دول وليس دولتين ثم استفاضت وهي تكشف عن مشروع التقسمي الذي سيشمل السودان، الذي سيتم تقسيمه إلى سودانين، ثم إلى أربع، والعراق إلى ثلاث دول، وسوريا إلى أربع جول، ولبنان سيتم تقسيمه إلى 8 كانطونات، ومصر إلى ثلاث دول.. هذا الكلام كان سنة 2003، يعني عدة سنوات قبل انفصال السودان. ومن يرجع إلى مذكرات جنرال الإستخبارات العسكرية اصهيونية، سيجد تفاصيل التفاصيل عن فتنة السودان، وهي نسخة طبق الأصل لما يجري عندنا هنا منذ مدة. الآن، إذا سمحت، لنعد للمخطط المخصص للمغرب؟ ما يخطط للمغرب وتكشف عنه خرائط ورايات وأناشيد "وطنية" لدويلات افتراضية وأصبح كل شيء معروفا الآن، ولم يعد هناك شيء خفي. لقد بحت حناجرنا ونحن نصرخ إن الوطن في خطر.. إن الشعب في خطر.. إن الدولة في خطر.. إن التماسك الإجتماعي من خلال هوية الشعب الثقافية والحضارية واروحية مهددة بشكل جدي، هذا الإسمنت المسلح الذي وثق دوما، على مدى قرون، عرى الترابط والوحدة الوطنية.. هل يمكن أن تحدثنا عن أهداف هذا المخطط التقسيمي؟ بالنسبة للمخطط فإنهد يهدف إلى تقسيم المغرب إلى دويلات ضعيفة متصارعة، مثل ما شرع في تنفيذه بليبيا منذ إسقاط الحكم فيها، وفي العراق، وما يجري في سوريا واليمن.. ف"جمهورية الريف" جاهزة بخريطتها ونشيدها "الوطني" ورايتها التي أصبحت تتقدم المظاهرات في بعض مدن الشمال… جزء من الحوار مع ويحمان، الذي يتحدث لنا عن "المخطط التخريبي" الذي يستهدف المغرب في وحدته الترابية والاجتماعية.
قلت إن هذه المشاريع متكاملة في المغرب والجزائر. كيف ذلك؟
يا أخي، لقد قنا إنه مخطط واحد على مستوى الأمتين العربية والإسلامية. مرة أخرى، إن ما يحضر للمغرب العربي لا يختلف في شيء عن الدمار الشامل الذي يسحق البشر والشجر يوميا هناك في المشرق العربي..
أما بالنسبة للجزائر فهناك مشروع متقدم لتقسيمها على أساس إثنين، ف"دويلة" القبايل وعلمها ونشيدها وحكومتها في المنفى ورئيس حكومتها المدعو فرحات مهني، الذي أعلن عن هذه الدولة داخل الكنيسيت الصهيوني، كما هي جاهزة "دويلة" الطوارق في صحراء الجزائر بما فيها "دويلة" الأزواد في مالي. والآن الطوارق في مناوشات مع قبائل التبو في ليبيا من حين لآخر… وهذه المناوشات وغيرها هي كلها اختبار لمدى نضج إطلاق الفتنة من قبل الماسكين بخيوط اللعبة، من وراء حجاب لسنوات عدة، قبل أن يخرجوا لها بالعلالي.
لقد نبهنا إلى ما يحضر بغرداية أسابيع قبل وقوعه في أكثر من مناسبة. قبل حريق غرداية حذرنا منه ومن قرب نشوبه. وما حذرنا منه وقع، بعد أيام فقط في مواجهة، مصنوعة صنعا، بين العرب والأمازيغ تحت يافطة اخرى، طائفية تزيد "الخل على الخمير"، كما يقال، وهي الإباضية في مواجهة السنة. الحصيلة الأليمة طبعا معروفة، 24 قتيلا وعشرات الجرحى، وحرائق وخسائر مادية كبيرة من الطرفين، وألام وأحقاد تزيد من الاحتقان، تمهيدا لساعة الصفر، عندما تنعق بوم وغربان الخراب..
أرجو أن تنتقل بنا مباشرة إلى من أسميتهم "غربان الخراب" وأساليب عملهم..
بالنسبة ل"عرابي الخراب" سنكتفي هنا بالإشارة إلى بعضهم ولأخطرهم على وحدة واستقرار البلاد.. أقصد طبعا المْعلمين" وليس الأدوات..
هناك المايسترو المدعو "سام بنشتريت" الذي ورّط وأحرج الدولة، وهو ما اضطر الوزيرة المنتدبة لدى وزارة الخارجية لأصدر بيان تكذيب حول "ما ادعى في لقاء له مع إحدى القنوات الصهيونية من أن الملك كلفه برعاية حوار بين ناتنياهو ومحمود عباس، من أجل استئناف المفاوضات، فجاء بيان الخارجية ينفي ذلك، ويقول إن الملك لم يكلفه بشيء من ذلك.
وهذا الرجل له نفوذ كبيرة ونراه مع الزعماء السياسيين والبرلمانيين، وكذا بعض عمداء المدن، وأؤكد لك أنه بحوزتنا وثائق وصور وتسجيلات بالصوت والصورة عن هذا المسؤول الصهيوني، رفقة وفد كبير من الكيان، رجال ونساء، في استقبالات رسمية ببعض المدن من طرف مسؤوليين سياسيين وإداريين كبار.
ومن قصص هذا الصهيوني الممعن في إهانة المغاربة والإستخفاف بذكائهم، إشرافه على توسيم أحد المسؤولين في إحدى العواصم المغربية التاريخية من طرف عقيد الجيش الصهيوني، تحت علم كبير للكيان وتحت تصفيقات حارة لوفد الإرهابيين الصهاينة وقهقهاتم من بلاده صاحبنا.. قصة أخرى له في نفس سياق البلادة تقديمه هدية لأحد المغاربة، وهي عبارة عن مجسم لهيكل سليمان، مع ما يحمله من دلالة أسطورة، للهيكل المزعوم، الذي يسعون لإقامته على أنقاض المسجد الأقصى.. ويتسلم هذا الغبي الهدية ويضحك..
من تسلم هذه الهدية؟
تسلمها رجل من ناحية دبدو، وبالنسبة لهم فمنطقة دبدو منطقة يهودية يريدون استرجاع ذاكرتها تمهيدا للمطالبة بها مدينة لليهود.. وهذا ما نسمعه ونسخر منه كأنه كلام سوريالي.. لكن من يتتبع الوضع ويعرف كيف يشتغل الصهاينة، يدرك أنهم لا يضيعون الوقت أو المال دون فائدة..
هؤلاء إذن هم الذين تتهمهم بأنهم يمسكون بخيوط اللعبة؟
هؤلاء وأمثالهم..
هناك آخرون.. ؟
هناك مثلا عقيد (كولونيل) عندكم في الدارالبيضاء، وعمره حوالي 84 سنة، كان المدير المساعد في الطيران الحربي الصهيوني خلا لما يعرف بالعدوان الثلاثي على مصر سنة 1956، هو الآن ما ينفك يبث سمومه بالدعاية للصهيونية ك"صحفي" في برنامجه الإذاعي، يوميا.
هناك أيضا على المستوى الاكاديمي، أحد أهم الأطر والباحثين في معهد موشي ديان للأبحاث بتل أبيب، وهو لا يكاد يغادر المغرب رفقة أدواتهم من تقصد بأحد أهم الأطر والباحثين في معهد موشي ديان للأبحاث بتل أبيب، الذي لا يكاد يغادر المغرب؟ القصد هو الأنتربولوجي المتخصص في الامازيغية المدعو مادي وايزمن، وهناك المدعو سيمون ساكيرا، رئيس ما يسمى جمعية الصداقة المغربية الإسرائيلية، ويا ويل المغرب مما ينسج تحت هذه الصدقات التي لا يهم شركاء ووكلاء المخطط في الطرف المغربي إلا ما يحققونه من مكاسب شخصية.. تعرف ماذا قال مسؤول صهيوني أمني رفيع بشأننا وبشأن ما يحضر لنا؟
العلم لله.. ما اسم هذا المسؤول وماذا قال؟ المسؤول هو رئيس الموساد الأسبق، شخصيا، المدعو عاموس يدلين، وهو بطبيعة الحال، من العقول الإستراتيجيية الأساسية في صنع القرار الأمني والعسكري والإستخباري في الكيان الصهيوني، أما ما قاله باعتزاز أكثر من مرة، فهو أنه انتهى من إرساء شبكة عملاء الموساد في كل من تونسوالجزائر والمغرب، قبل أن يضيف.. وهي جاهزة للتأثير والتخريب في أي لحظة.
طيب. هل تعتقد أن الخطاب الملكي في الخليج كشف هذا المشروع؟ فعلا.. وإن لم يدخل في التفاصيل، فلقد عكس خطورة ماهو قادم، وأعتقد أنه بعد هذا الخطاب يجب على المغاربة، كل من موقعه، أن يتحركوا قبل فوات الآوان، ولو أننا نظن أن هذا الآوان في الواقع بدأت يفوت.. علينا التدارك بسرعة الحركة..
نريد نعرف تقاطع هذا المشروع التقسيمي مع ملف الصحراء؟ حكينا عن الدويلات المخططة في المغرب والجزائر، وهذا ملف آخر ظهرت فيه حقيقة موقف أمريكا وظهرت حقيقة بان كي مون ووظيفة الأمانة العامة للأمم المتحدة.. وأحد الأجوبة عن هذا السؤال معاني وصول متطرف التشادي الذي ألقى عليه القبض في طنجة.. كنا في تونس، لحضور المنتدى العالمي من أجل العدالة لفلسطين، فتميزت الجلسة الإفتتاحية والثانية بمداخلة مسمومة وفتنوية لممثلة الأممالمتحدة التي قارنت بين الإحتلال الصهيوني لفلسطين، وما سمته احتلال المغرب للصحراء الغربية. لهذا واجب في هذا السياق استحضار أن عددا من الأشخاص الذين لا يمثلون احدا، أمثال نورالدين عيوش، يتحدثون حول أمور خطيرة جدا، والأخططر مما يتحدثون فيه أنهم يقومون بذلك بصفتهم مستشارين للأمين العام لأمم المتحدة في شؤون الشعوب الأصلية..
طيب.. ما هو تعليقك على الدور الأمريكي في مشروع التقسيم؟ هو دور أساسي ساعد ويساعد القائمين على مشروع تقسيم المغرب في تحقيق تقدم كبير في برنامج عملهم.. هل تعلم أن السفير الأمريكي السابق سافر إلى مدينة الراشيدية، وجلس إلى رجل أسمر البشرة حوالي 45 دقيقة وحاول إقناعه بنشر بيان أو مقال أو حوار يقول فيه نحن أصحاب البشرة السمراء نعاني من اضطهاد وميز عنصري بالمغرب، وذلك لأن في القرآن آية تقول "يوم تبيض وجوه وتسود وجوه". قالها لرجل وطني معروف بالمنطقة أجاب السفير: أنا الآن حارس عام في ثانوية، وعندي مسؤولية إقليمية في المجلس الوطني ولا أعاني من أي ميز عنصري.. هنا سقط من يد السفير.. لكن هذا لا يعني الإطمئنان فالجهل والفقر يفعل فعله في الناس.. يتبع