بالمناسبة أنا أحاول التعبير و أعلم أن أسلوبي متواضع و لغتي جافة، لأنني لم أكن يوما أدبيا و لم أحاول يوما الكتابة سوى بعض الأشعار البسيطة التي كتبتها في الثالثة إعدادي. فرغم التشجيع الذي تلقيته من من أصدقائي و الإستحسان الذي تلقته كتاباتي، إلا أنه يمكن أن أرجع ذلك إلى أن المعاناة التي نعيشها في بلدتي أغبالة، غير القابلة للوصف، هي التي تولد لي الأفكار، فلو حاول أي واحد منا الكتابة لوجد نفسه أديبا و كاتبا و شاعرا، خصوصا في وصف حالة أغبالة المريضة التي كانت و لا تزال تحتضر، و لم يفلح ذاك الطبيب - الذي يزورنا غبا لكي يزداد حبا و هذا من دواعي التعامل مع المريض بصفتنا مرضى - في إنعاشها و لو بقنينة أوكسجين لانقاد حياتها، أو حتى قنينة غاز لإزهاق روحها بالمرة، أو غسل دمائها و إيقاف نزيف جروحها المحفرة و الكبيرة الأعماق في جميع أنحاء جسدها، أو تطهير التعفنات المتكاثرة في جميع أرجائها، التي تنتظر كل يوم مرور شاحنة تجمعه لكي تعيد توزيع النصف منه، فتعطي لكل ذي حق حقه، تاركة وراءها تلك الكمية التي وزعتها من قبلها الكلاب الضالة، التي يمكن تفسير فعلتها هذه كأنها تريد أن تقول لنا : "تبقى الكلاب كلابا و الكلاب كلابا." فالكلاب الأولى حيوانات إنسانية تعاني في صمت، و في نفس الوقت تشكو في صمت منتظرة الفرج من الله، فما هي عملت بالأسباب، و ما هي استعانت بالدعاء لعله يستجاب، رغم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : أعقلها و توكل ، أي اعمل بالأسباب و توكل على الله. أما الكلاب الثانية، فهي حيوانات حيوانية تتقن دورها أحسن بكثير منا، فهي تجتمع و تتحد كل ليلة بدون استثناء، و ما اجتمعنا نحن يوما نهارا، فهي تصرخ دائما ليلا، فما مرت ليلة دون أن نسمع نباحها، على عكسنا نحن، فما تكلمنا يوما، و حتى إن تكلمنا لم نقل خيرا، لكن الشيء غير الصواب الذي تقوم به هذه الكلاب، و حبذا لو تفعل ذلك، هو تشتيت الأزبال في كل مكان. لكن ما السبب وراء ذلك؟ في نظري هناك احتمالان : فالاحتمال الأول قد يكون أن هذه الكلاب لم يرقها حال أغبالة المريرة، فأرادت أن تزيد الطين بلة ( تدا تمازيرت تدا غر دارت، أدج أداس نعاود)، أو أن هذه الكلاب المسكينة رأت تكاثر الحفر في (شوارعنا)، فأرادت أن تشفق على حالنا و تقوم هي بالإصلاحات بدلا منا، و ذلك بملء هذه الحفر، (التي تحولت إلى برك مائية مطينة) بالأزبال ، لكن لو أرادت فعلا القيام بالإصلاحات لاستعانت بالرمال، إذن هذا الإحتمال يبقى خاطئا. أما الاحتمال الثاني، و الأقرب إلى الصواب،أن هذه الكلاب الحيوانية رأت كلابا إنسانية ترمي الأزبال أينما وجدت، في الأزقة، الأماكن العمومية، و المجاري المائية 'بلا حشما بلا حيا'، فهناك من (الأشخاص) و خصوصا النساء، سامحهن الله، يعجزن عن إيصال القمامة إلى مكانها المخصص لها، فيكتفين برميه في المجاري المائية و أماكن أخرى، و هذا ما جعل الكلاب الحيوانية تقلد نفس أفعال الكلاب الإنسانية. و هذه المسألة أقولها بصراحة و من الواجب علينا تغيير سلوكنا حفاظا على نظافة بيئتنا، فالنظافة جميعنا مسئولون عنها و ليست (الجماعة) لوحدها هي المسئولة، كما يقول المثل : " كل واحد اصاوب باب دارو ، ها الدنيا تصاوبات. " لاحظت في هذه الآونة الأخيرة تكاثرا للكلاب الضالة أي الكلاب الحيوانية، و هذا ما سيدفع بالمسئولين، كما العادة كل سنة، بالقيام بحملة للتخلص منها و ذلك لتشكيلها خطرا على (المواطن الأغبالي)، فمن وجهة نظري أنا أنني أرى العكس، فلوا قاموا هؤلاء المسئولين بقتلنا نحن الكلاب الإنسانية، لأننا لا نستحق الحياة ما لم نعرف قيمتها، أو لا نطيقه في الأوضاع، أو اقتراح آخر، فبما أن الكلاب الحيوانية، كما قلنا سابقا، تجتمع، تتواصل، تصرخ، و تتحد فيما بينها ... فما رأيكم في أن نكتب لافتات نعبر فيها عن مطالبنا فنعطيها إياها، ثم نرسلها في مسيرة احتجاجية لكي تنوب عنا و تتكلم عن حقوقنا ما دمنا نحن صامتين ؟