غريبة هي العلاقة التي تربط أغلبية مستشاري الجماعة القروية لبوتفردة مع قرى هده الجماعة الجبلية التي «استأمنهم» سكانها على مصالحهم ومستقبل أبنائها، يتلقفونك تباعا منددين باختلالات التسيير ومعددين أوجه الأزمة ورداءة العمل الجماعي في نسخته الحالية، منتقدين التحالف الهجين الذي لا يربط بين مكوناته أي رابط غير المصلحة الخاصة والذي افرز مراكز (قوى) مغلقة داخل المكتب و الأجهزة المساعدة احتكرت القرار واستفردت بالشأن الجماعي إلى أن تضخمت قيمة (السلطة)... في ذهن بعض رموزها وأصبح شعاره « أنا بوتفردة و بوتفردة هي أنا». لكن سرعان ما تتيبس ألسنتهم ويصبحون ايجابيين وواقعيين إلى أقصى الحدود! فيلحسون كلامهم ومواقفهم بدون حتى أن تتغير الأوضاع وملامح الاختلالات ولو في الحد الأدنى. بعد المقاطعة الاستثنائية التي عرفتها أشغال الجلسة الأولى لدورة فبراير المخصصة للحساب الإداري، والتي عاش على إثرها الرئيس لحظات حرجة وهو يجري اتصالات سرية، مرغما،قبيل عقد أشغال دورة فبراير التي كانت مبرمجة ليوم الثلاثاء 28 فبراير 2012 بسبب انعدام (النصاب القانوني) - كما زعموا- أمام مقر الجماعة الذي أغلق بسبب الاحتقان بين نساء المركز و المجلس. عاد جميع المستشارين المقاطعين للتصويت على الحساب الإداري و مشروع برمجة فائض الميزانية التي أقام الدنيا ولم يقعدها أسبوعا فقط قبل ذلك. ما حدث يؤكد من جديد واقع رداءة العمل الجماعي بهده الجماعة بعد انتخابات يونيو 2009 التي كان تدبيرها ونتائجها كارثيين بامتياز. «لا يمكن أن يقول أعضاء المجلس اللهم إن هذا منكر، ويعودون أسبوعا بعد ذلك لتزكية نفس المنكر! أتساءل ماذا تغير ؟ والجواب طبعا : لا شيء. لقد تم تمرير نفس الحساب الإداري ونفس برمجة الفائض بفضل أصوات نفس المستشارين الذين كانوا يجاهرون بمعارضتهم قبل أسبوع...» يصرح لنا مستشارون جماعيون داخل هدا المجلس بكثير من الأسف. و قد استعرض عدد من مستشاري المعارضة الفعلية بالجماعة القروية لبوتفردة الوضعية المزرية التي بلغتها الأحوال العامة بهذه الجماعة، جراء سوء التسيير، وعبث المشرفين على تدبير شؤونها، وإقحام الرئيس لنفسه في أمور تتنافى ومقتضيات القانون الجاري به العمل، وقد وضع المستشارون المحتجون عدة نماذج،منها ما يتعلق مثلا بعمليات التوظيفات المشبوهة و اقتناء الأراضي و اليد العاملة الموسمية و وقود سيارات المصلحة و سيارات الاسعاف بما فيها الكمية التي صرفت عن الوحدة الطبية المتنقلة و فصول أخرى في ميزانية التجهيز كإصلاح نقط الماء ...الخ ، وفي ذات السياق أشار المستشارون لموضوع الرمال و الأتربة و الحصى و الأحجار المستخرجة من المقالع المتواجدة بالتراب الجماعي مدخولها يساوي الصفر، والتي تعد من أهم الروافد المالية للجماعة لو تم استغلالها بالطرق القانونية، حيث تعرف ما يكفي من الخروقات المكشوفة التي تضع المتأمل في حقيقة أمرها أمام أكثر من علامة استفهام، إذ تغطي حاجيات الشركات التي تقوم بانجاز الأشغال الكبرى وغيرها ولا تدر على الجماعة ولو درهما واحدا مما يطرح تساؤلات حول علاقة الرئيس بأرباب تلك الشركات خصوصا لما شوهدت آليات ضخمة و هي تجرف أراضي المياه و الغابات و تضمها الى ضيعته بالمكان المسمى تاخرخدات .أما بخصوص «المرافق الجماعية» فتستخلص مداخيلها بطرق غير قانونية، وفي أجواء محاطة بتعتيم شديد، والجماعة لا تستفيد منها لا بالقليل ولا بالكثير، كما يقال باللسان الشعبي، إضافة إلى ما يتعلق بمظاهر الترامي على أملاك هذه الجماعة، والتي أضحت أمرا معتادا و بترخيص غير قانوني من الرئيس نفسه. وعن هدا الرئيس، يقول المستشارون الغاضبون إنه يحضر جلسات الحساب الإداري محاطا بإنزال من أغلبيته التي تؤازره وتحميه من أي انتقاد، وما حدث يوم الأحد 04 مارس 2012 على الساعة الخامسة مساء وسط غابة و أرض خلاء لا يوجد بها إلا منزل الرئيس ما هو إلا أقرب نموذج عما يقوم به مند انتخابه رئيسا بهده الجماعة، حيث تولى حيسوب الجماعة سرد بعض الأرقام المشبوهة، وفي غياب تقديم الوثائق الضرورية و الشروحات الكافية لأسباب لا يفهمها إلا الرئيس ومجموعته، وإثرها مباشرة أشار رئيس الجلسة على الحاضرين بالتصويت على الحساب الإداري، وكاد «المصفقون» أن ينفذوا الإشارة بل و أوامر الرئيس مند الدقيقة الأولى بعد افتتاح الجلسة لولا أحد المتدخلين المعارضين الذي أوقف العملية لوقت قصير بالتماس منه لبعض التوضيحات طلب تدوينها بمحضر الجلسة حول مصاريف تهم المال العام، إلا أن «نقطة نظام» المتدخل هضمتها مناورات الأغلبية و هيجانها التي أسرعت بالتصويت على الحساب الإداري في ظروف لن تدخل إلا في إطار المهازل المثيرة للسخرية. و عن فضائح مشاريع هدا المجلس ، و بينما كانت بعض الأشغال جارية ببعض الأوراش الصغيرة لهدا الرئيس، لاحظ سكان هذه الجماعة جملة من الخروقات والفضائح على مستوى تنفيذه لتلك الأشغال، الأمر الذي حمل العديد من النساء على التوجه نحو مكتب قائد قيادة تيزي نيسلي المتواطئ ، حيث سجلوا احتجاجهم الشديد إزاء عدم وجود ما ينبغي من إجراءات المراقبة الصارمة، وغياب دور الجماعة القروية حيال مجريات الأشغال و«مقاوليها المحظوظين» الشركاء مع الرئيس و الذي تبين- أي الرئيس- أنه يسعى إلى الربح السريع بضرب ما هو منصوص عليه ضمن دفاتر التحملات ، و لصفقة دار الجماعة لخير دليل على دلك. ولم يفت المحتجات مطالبة الجهات المسؤولة محليا خصوصا على مستوى القيادة بأن تقوم بما تمليه عليها مسؤوليتها في إطار حماية المال العام والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية . نورد لكم كمثال لدلك أن أحد المقاولين المشار إليهم سبق له أن قام بإصلاح الطريق الرابطة بين بوتفردة و بوينوكوضن في اطار صفقة مشبوهة تم إبرامها مع الرئيس بخصوص انجاز أشغال اصلاحها تأكد عدم مطابقتها مع المعايير المعمول بها، وربما التساقطات المطرية الأخيرة جاءت بمثابة «عدالة إلهية» استطاعت فضح الأمور بأن عرت الغش الذي طبع أشغال هذه الطريق الانتخابية...وأية طريق؟. وما فتئت هذه الطريق أن تلاشت وأضحت حالتها حديث الخاص والعام، ويصعب حتى على الراجلين المرور منها بالأحرى وسائل النقل الى أن تم ترقيعها مرة أخرى في اطار الحملة الانتخابية السابقة لأوانها بآليات الجماعة التي تسلمتها الجماعة مؤخرا في اطار التنمية البشرية . ومن البديهي ألا يتوقف الرأي العام المحلي ببوتفردة عن الظروف المزرية التي تعيشها الحياة العامة حاليا بالجماعة تحت «رحمة» التسيير العشوائي لرئيس جماعة ركب منطق «أنا وبعدي الطوفان» فأغرق كل شيء في مستنقع التهميش والبؤس واللامبالاة، ورغم أن هذا المجلس «نزلت» عليه (السنة الماضية) لجنة تفتيش اقليمية قامت بالتحقيق في الكثير من التجاوزات ، إلا أن نتائج هذه اللجنة ظلت بلا ملامح لأسباب مجهولة ربما تتعلق بتستر القائد على الرئيس. و نشير الى أن ساكنة المنطقة الجبلية برمتها لإقليم بني ملال تنتظر حلول لجنة أخرى مختصة من المجلس الجهوي للحسابات، يستبشر لها سكان الجماعة خيرا ويعقدون عليها أمالا كبيرة، ويجمعون على أن قدوم هذه اللجنة قد تقود ب«زعيم المجلس» إلى ملف الرؤساء المرشحين للمحاكمة بالنظر لحجم التلاعبات و الخروقات التي لا تحصى، بحسب العديد من المتتبعين للشأن العام المحلي، ومنها على سبيل المثال: * التلاعبات المكشوفة في مجال قطع الغيار و اصلاح السيارات. * الخروقات المسجلة في ميزانيتي التسيير و التجهيز بصفة عامة والبنود التي تم صرفها من حيث استعراض فواتير مبالغ فيها و من خلال ممونين لا يقلون عن أصدقاء الرئيس و حلفائه السياسيين والمتورطين معه في قضايا اختلاس و إتلاف المال العام. * الفضائح التي برزت من خلال كراء مرافق السوق الأسبوعي خلال سنتي 2009 و 2010، حيث أن من تربطه مع الجماعة علاقة كراء لم يؤدي الواجب المتراكم عليه الى حدود نهاية كل سنة مالية علما أن الصفقة اشترك فيها المقاول و الرئيس و أعضاء المكتب. * الترخيص لإنجاز مشاريع سكنية في غياب أو قبل الحصول على الرأي الموافق للجنة المختصة بالوكالة الحضرية: منحت الجماعة الرخص لإنجاز مشاريع دون الحصول على الرأي الموافق للوكالة الحضرية و اللجنة التقنية المختصة، فيما منح الرئيس ما يقارب 200 رخصة بناء و اصلاح غير قانونية في غياب هذه الموافقة، مخالفا بذلك النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، لاسيما القانونين 12- 92 و 25-90 المتعلق بالتعمير و بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم و المرسوم رقم 2- 92 - 833 المتعلق بتطبيقه، إلى جانب الظهير الشريف رقم 1- 93 - 51 بمثابة قانون يتعلق بإحداث الوكالات الحضرية خاصة المادة 3 منه التي تجعل رأي الوكالة الحضرية ملزما في جميع المشاريع المتعلقة بتقسيم وتجزئة الأراضي وإقامة المجموعات السكنية والمباني. * عدم القيام بالإجراءات اللازمة بخصوص بعض المخالفات في مجال البناء بحيث لم تقوم المصلحة المختصة بالجماعة مند يوليوز 2009 بضبط أية مخالفة في مجال البناء بدون.العشوائي غير أن الرئيس تعمد ألا يقوم بالإجراءات اللازمة لتصحيح الوضعية بل و شجع على تكريس هدا الوضع لأسباب انتخابوية محضة . ويبقى من حق سكان بوتفردة فعلا التساؤل حول مصير تحقيقات لجنة التفتيش، وهل تحريات المسؤولين ما تزال جارية، أم أقبرها النسيان كسابقاتها بناء على التقارير الكاذبة و المغشوشة لقائد قيادة تيزي نيسلي؟