الرد الجميل حوار أصيل لبناء تواصل نبيل أثار موضوع المحاضرة التي نظمتها جمعية الأطلس للتربية والثقافة والتنمية بالقصيبة الشهر الماضي بمقر دار الشباب، والذي تناول القضية الفلسطينية من منظور مستقبل القضية الفلسطينية كقضية مركزية للأمة الإسلامية على ضوء مستجدات القضية على الساحة العربية والإسلامية والدولية، أثار الموضوع نقاشا مهما في جوهره تميز بعدة آراء متباينة حوله، هي بين الإشادة والانتقاد، هي أراء حرة تستحق كل الاحترام، بالرغم ما يمكن أن يلاحظ على بعضها على أنها تحتاج شيئا ما إلى بعد النظر ورؤية واقعية متكاملة بالنسبة للوضع العام الراهن وتفاعلاته التي ترسم المستقبل. الأمر الذي يقتضي تسليط الضوء على أهمية وضرورة حسن تقدير عنصر الأولويات ومنهج التكامل في إنجاز كل عمل وإنجاح كل مشروع، خاصة مشروع النهضة وتجديد بناء الحضارة حيث العمل الجمعوي الجاد أحد مجالات وروافد وآليات العمل لتحقيق ذلك. فأصحاب فكرة يجب على الجمعية أن يقتصر مجال عملها فقط على العناية بشأن مدينة القصيبة في حدود مساحتها الجغرافية التي لا تتجاوز إحدى عشر كلم2 وترك شأن قضية فلسطين للفلسطينيين فقط، ولكي يكون التواصل نبيلا وجد مثمر يكفي القول لهم تحية لكم على حرصكم وغيرتكم على مدينتنا جميعا، وذلك كالقول لهم أن اكتمال هذه الغيرة مرهون بوجود غيرتكم كذلك على كل بلاد الأمة وكل البلاد ذات القضايا العادلة في العالم وفي مقدمتها فلسطين طبعا ثم العراق ثم أول بأول. كما تكفي الدعوة إلى إعادة استيعاب ما جاء في مضمون المحاضرة وأهدافها، باعتبار نشاطها مساهمة في التوعية ودعما معنويا رمزيا للصمود التاريخي للشعب الفلسطيني الشقيق المقاوم البطل، الذي يواجه أبشع احتلال وأخبث عدو إجرامي فوق هذا الكوكب الأرضي، كما أن نشاط المحاضرة هو وفاء لشهداء هذا الشعب الذين ينوبون عنا نحن كأمة في معركة مصيرية وهم يقدمون بصدق وإخلاص أغلى ما لديهم وهي أرواحهم الزكية، وهي أعلى درجات التضحية في الحياة في سبيل نصرة الحق والوقوف ضد الظلم، تماما عكس من يتاجر بالقضية ويتزايد بها بمنتهى الخسة والخيانة. إذ يمكن تلخيص ذلك المضمون وتلك الأهداف بهذه العبارات، وهي أن الصراع القائم بخصوص هذه القضية ليس صراعا حول قطعة أرض اسمها فلسطين، ولكنه صراع بين مشروعين حضاريين نقيضين، عربي إسلامي إنساني وغربي إمبريالي عدواني، وأن الأمر يفرض وعيا حقيقيا بأن مستقبل ومصير الأمة العربية والإسلامية مرتبط ارتباطا وثيقا بمستقبل ومصير القضية الفلسطينية، حيث لا يمكن الفصل بينهما بأي حال من الأحوال، بمعنى لا تحرر ولا سيادة ولا وحدة ولا كرامة ولا نهضة ولا تقدم ولا مكانة للأمة دون تحرير فلسطين والقضاء على العدو الصهيوني الأمريكي كسرطان يجب إزالته من جسم الأمة بل من جسم كل العالم، وما ذلك على الله بعزيز. وبخصوص ما أثير حول وضع وواقع مدينتنا القصيبة من خلال مجموعة من التعليقات حول المحاضرة المذكورة التي نظمتها جمعية الأطلس للتربية والثقافة والتنمية بالقصيبة، تجدر الإشارة إلى ما يلي: أولا من باب التذكير، فالجمعية هي ما كان يعرف بالجمعية الثقافية بالقصيبة ACK سابقا وأن أنشطة الجمعية هي امتداد لرصيدها الغني والمتميز بتاريخ عريق في العمل الجمعوي الجاد بالقصيبة، واسم الجمعية الآن يعبر عن مسايرة التطور المطلوب حيث شمولية وتكامل أنشطتها يبين اهتمامها بجميع مجالات العمل الجمعوي، ثقافيا وتربويا وتنمويا، تجسيدا لشعارها "ثقافة هادفة وتربية بانية وتنمية مستدامة"، وللإشارة فالجمعية قبل تنظيمها لهذه المحاضرة حول القضية الفلسطينية التي نعتز بها وسنواصل العمل من أجلها ومن أجل كل القضايا المهمة خاصة كهذه التي تعتبر مصيرية للأمة وللإنسانية جمعاء، فقد نظمت الجمعية محاضرة حول أهمية العقيدة والقيم الإسلامية في بناء شخصية الإنسان الفاعل في إصلاح حياة المجتمع من خلال الاهتمام بإصلاح تدبير الشأن العام ، وهي المحاضرة التي أطرها رئيس المجلس العلمي بخنيفرة ذ. مصطفى زمهني أحد أبناء هذه المدينة الأخيار، كما نظمت الجمعية محاضرة علمية حول تقنيات هندسة المشاريع التنموية، وبعد ذلك قامت بعمل اجتماعي بمقرها والخاص بتوزيع ملابس لفائدة بعض الفئات المحتاجة والتي تم إرسالها من طرف جمعية بسمة LE SOURIRE لإخواننا المهاجرين المقيمين بفرنسا مشكورين. وللجمعية برنامج متكامل وطموح حسب إمكانياتها المادية والبشرية يهم كل تلك المجالات المذكورة. وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى بعض مشاريع الأنشطة التي يتضمنها هذا البرنامج، وكنموذج يوجد مشروع اتفاقية شراكة بين الجمعية والمجلس البلدي للقصيبة، مع البحث على شركاء آخرين سعيا لإنجاح المشروع على أفضل وأعلى مستوى له، فالمشروع يهم مجالا يعد أساس كل إصلاح وكل تقدم وكل تنمية شاملة، وهو مجال المدرسة، مجال التربية والتعليم والتكوين، مشروع يحمل اسم "لأكون تلميذا نجيبا ومؤدبا" يهدف كمساهمة إلى إعادة المكانة العالية والرفيعة للمؤسسة التعليمية والتربوية في مدينة القصيبة عن طريق إعادة وتجديد دور المؤسسة الأمثل والحقيقي في المجتمع بدءا من التلميذ والمدرس والإدارة ثم الأسرة والإعلام. وهو المشروع الذي تنتظر الجمعية استجابة المجلس البلدي للمساهمة في تحقيقه، كما تنتظر منه (في إطار مخططه الجماعي للتنمية) الانفتاح العملي البناء على النسيج الجمعوي في المدينة واضعا العمل الجمعوي الجاد المثمر ضمن مركز اهتماماته وعنايته لتنمية المدينة. كما تعتزم الجمعية وفاء لمؤسسي الجمعية منذ 1972 ولكل روادها عبر تاريخها الحافل، تنظيم نشاط كحفل تكريم لكل هؤلاء وفي خطوة لإعادة الاعتبار للجهد الجمعوي الجاد المتكامل وإحياء لدوره الفاعل في الحياة العامة للمجتمع. وهو النشاط الذي قد يثمر في هذا الإطار إمكانية القيام بمبادرة إحياء العديد من الجمعيات كجمعية قدماء تلاميذ إعدادية موحى وسعيد التي يمكن أن تشمل كذلك قدماء تلاميذ ثانوية طارق بن زياد من خلال تعديل وتوسيع إطارها القانوني. وفي هذا المناخ الجمعوي الحيوي المنعش بإرادة جمع الطاقات وتضافر الجهود، يمكن إحياء وتفعيل مؤسسة مجلس دار الشباب كمؤسسة لا تقل أهمية نظرا لدورها في تحقيق التواصل والتنسيق بين مختلف مكونات الحقل الجمعوي بالمدينة. ثانيا إن موضوع تقييم حالة المدينة ووضعها العام وعلاقة ذلك بالمؤسسات المسؤولة على تدبير شأنها العام عامة وشأنها الجماعي خاصة، وبالنسبة للأول الذي تتولاه المصالح الخارجية للإدارة العمومية، فالأمر يتطلب من جهة إدراك حقيقة سياسة النفوذ والتدخل في الدولة لصناعة حكومات ضعيفة فاقدة لكل مصداقية ببعدها عن هموم الشعب وتطلعاته، حكومات عديمة القدرة والإرادة على تحقيق أي إصلاح حقيقي، حيث استفحال الفساد والإفساد في كل مجال، نتج عن ذلك كله غياب وتغييب اعتماد أي برنامج اجتماعي تنموي يخلص الشعب من معاناته اليومية ويحفظ كرامته ويقوي ويضمن استقرار البلد ويرفع مكانة الوطن. وبالرغم من ما لهذا الأول من تأثير على الثاني أي تدبير الشأن الجماعي، فللمجلس الجماعي المنتخب مسؤولية كبيرة في هذا المجال وفي إطار ما يخوله له القانون من صلاحيات واختصاصات في تدبير مختلف مرافق الجماعة والنهوض بوضعها التنموي خاصة في ما هو مرتبط في المقام الأول بالاختصاصات الذاتية ثم المنقولة وإلى الاستشارية، كما هو منصوص عليه في قانون الميثاق الجماعي. ومن جهة ثانية يتطلب الأمر بل يستوجب ، كما هو في كل أمر، استحضار واعتماد منطق الموضوعية والإنصاف. فإذا كان واضحا أن تعاقبت على تسيير شؤون المدينة عدة مجالس خلفت تراكمات سلبية عديدة، وإذ تم تسجيل توقف مسلسل التدهور الذي عانت منه المدينة لأكثر من عقدين من الزمن، ثم انطلقت عجلة الإنقاذ والإصلاح منذ سنة 2003، حيث تحققت بعض الإنجازات التي تستحق أن تصنف في مستوى المكتسبات للجماعة، فإن في المقابل ينبغي الإقرار بأن مجمل ما تحقق لا يرقى إلى المستوى المطلوب والمفروض الذي كان يمكن الوصول والرقي إليه خلال هذه المدة الزمنية، أي خلال السبع سنوات التي مضت إلى الآن. ومع ذلك تعتبر هذه التجربة الأخيرة انطلاقة جديدة مهمة تؤسس لمراحل مستقبلية أكثر فاعلية وأكثر إنتاجية لإضافات نوعية جد إيجابية. وحول هذا الشأن ونظرا لأهميته، تجدر الإشارة إلى أن الفرع المحلي لحزب العدالة والتنمية قد سطر في برنامج عمله لهذا الموسم تنظيم لقاء مفتوح يهم هذا الموضوع المتعلق بمناقشة الوضع وتقييم أداء المؤسسة الجماعية المنتخبة بمدينتنا القصيبة. وذلك في إطار حرصه على المساهمة في خلق وتنمية وعي حقيقي مسؤول قوامه الاهتمام الفعال بتدبير الشأن الجماعي وكذا الشأن العام من أجل أن تحكمه باستمرار قيم الإخلاص والصدق والنزاهة ومعيار القوة والكفاءة، وتلك هي شروط ومقومات الحكامة الجيدة. فالجميع مسؤول والمدينة تتمتع بوفرة أبناء أخيار غيورين كأصحاب التعليقات الذين سبق ذكرهم والذين يستحقون أن يجدد لهم الشكر باعتبارهم قادرين بذلك على الانخراط في عمل مشروع التغيير الإصلاحي يكون تتويجه عزة الأمة وحفظ كرامتها ومن تم حفظ كرامة كل الإنسانية، ويكون التتويج بالنسبة لمدينتنا القصيبة هو عودتها إلى مكانتها كجوهرة الأطلس. وما ذلك كله ببعيد بإذن الله وعونه. " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمومنون ". صدق الله العظيم. إنها أمانة. والله من وراء القصد وهو يهدي إلى سواء السبيل.