بعد أن تم تنصيب رئيس جامعة مولاي سليمان نهاية الموسم الدراسي الماضي وبالذات أواخر شهر ماي, تفاجأ الجميع بالتقرير الصادر عن المجلس الأعلى للحسابات، الذي كشف عن وجود اختلاسات مالية بكل من كلية الآداب والعلوم الإنسانية وكلية العلوم والتقنيات, كما حمل التقرير مسؤولية ذلك لعمادتي الكليتين المذكورتين, وأثار ذلك ضجة إعلامية دفعت بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان بطلب التحقيق في هذا الملف, وحينها كشف الرأي العام الإعلامي وجود ملفات أخرى تتعلق بماضي كلية الآداب, فكان الرأي العام الطلابي في الصيف ينهبه إحساس غلب عليه طابع التخوف من خطورة ما وقع ويقع. بالفعل، مع حلول الموسم الدراسي الحالي حلت معه بوادر الأزمة عند الطلبة في كلية العلوم والتقنيات، سواء من كان منهم قد تجرع بعض الجرعات من تلك الأزمة في الأعوام الماضية أو من سمع منهم بما فعله العميد بأساتذة الكلية و موظفيها وأعوانها وطلبتها, وفي الوقت الذي يجب أن يسدل فيه ستار بداية الموسم على افتتاحٍ راقٍ يسبقه استعداد جيد وحالة تأهب الجهات المسؤولية التي تتبنى وتزعم إصلاح التعليم ب"المخطط الإستعجالي"، تَرى ما لا عساه يخطر ببالك على مؤسسة تعليمية كهذه، على كلية كهذه، على عمادة كهذه. الكلية التي ينتظر منها المجتمع تخريج أطر ومهندسين وأدمغة ما أحوجه إليهم من أجل تقدمه ومن أجل مستقبل العلوم التقنية، تعرف ارتجالا وتعثرا واضحا في انطلاق الدراسة بشكل فعلي. كما أقبلت عمادة الكلية على إغلاق سلك المهندسين بدعوى قلة العدد، في حين أكدت بعض المصادر الطلابية أن عدد الطلاب الذين يرغبون في الولوج لهذا السلك في تزايد، بل الأساتذة الأكفاء وذوي الاختصاص هم الذين يتراجعون إلى درجة الانعدام. كما أكدت مصادر أخرى أن العميد أعلن عن فتح سلك الماستر في تخصص الفيزياء اسمه : (Ingénierie des Surfaces et des Matériaux en Couches Minces : ISMCM ) وبعد أن دفعوا الطلبة الراغبين ملفاتهم لولوج هذا الماستر، وأصبحوا ينتظرون لوائح الانتقاء الأولي، تفاجأ الذين نفذ صبرهم حينما يقصدون مصلحة سلك الماستر، إذ تخبرهم المصلحة على لسان العميد بأن الإدارة لا زالت تنتظر ترخيصا وزاريا لفتحه أم لا، فاستفسر أحد الطلبة المتضررين الذين ضحكت الإدارة على ذقونهم فقال: إذا كان ذلك صحيحا فما الذي عساه دعا العميد إلى فتحه قبل الترخيص؟ هل ليشهر على أن كليته تفتح أبواب الولوج لسلك الماستر؟ أم أن ذلك غباء منه؟ أم أن ثمة شيئا آخر لا نعلمه ويعلمه هو، بل قد لا يعلمه من الخلق سواه؟ فكان مصيره في قاموس الإدارة الإغلاق وكان مصيره عند الطلبة الحرمان والضياع، حرمان من استكمال الدراسة في سلك الماستر وضياع في تكاليف الملفات. إذا كانت سياسة الإغلاق هذه قد يقبل العقل تطبيقها في بعض الأحيان في سلك الماستر فإن إدارة هذه الكلية أقدمت على إغلاق سلك الإجازة في تخصص (Géomatique) وما أغرب هذا عند الطلاب. هذا بالإضافة إلى مجموعة من المشاكل البيداغوجية الأخرى داخل النظام الدراسي، أقل ما يمكن أن نصفه به بدل "الاستعجال" هو الارتجال. أما الحي الجامعي بداية هذا الموسم فقد استثنت إدارته الطلبة الجدد (الذكور) من حق الإقامة، مما أجبر الطلبة على دخولهم ظلمات عالم الكراء، ليقع الطالب بين مطرقة المصاريف الكثيرة وسندان غلاء الكراء والأسعار الصاروخية في المواد الغذائية، وهذا إن صادف لحسن حظ كراء بيت قريب من الكلية بمنطقة "امغيلة"، ولا يهمه بكم سيكريه؟ أو كيف هو؟ ويؤدي مقابله قبل رؤيته، بل وقبل أن يعلم هل أصلاًً هذا البيت موجود أم لا، حينما يدخل الطالب المكتري البيت فيجده من بيوت أحياء الصفيح، يحاول أن يقاوم إحساسا على وضع اضطر إليه، فلا تكاد تسمع منه شيئا إلا التأفف، وإن سمعته لا يعدو أن يكون إلا شكاوي مقلقة ومحزنة تبين مظلوميته بكل جلاء. أما أصحاب سوء الحظ فهم الذين تراهم يتجولون وسط مدينة بني ملال، التي تبعد عنها الكلية بأزيد من سبع كيلومترات، يبحثون عن الكراء، ولا يهمهم أين المسكن؟ وبكم؟ وكيف هو؟ بل ولا يهمهم البعد الجغرافي بالرغم من وجود مصاريف أخرى تتعلق بالنقل، وأزمة النقل هذه حدث عنها ولا حرج، فبدورها تعرف غليانا كبيرا في الوسط الطلابي ناهيك عن العواقب الوخيمة عنها، والتي يصعب التنبؤ ببعضها من الآن، وهذا غيض من فيض مما يعانيه الطلبة في كلية العلوم والتقنيات والحي الجامعي، فقط، لأن المقام لا يتسع للمقال. محمد الحمداوي