تأكد بعد ليلة جمعة باريس الدامية والمأساوية التي ذهب ضحيتها أكثر من 127 قتيلا و200 جريح - حسب النتائج الأولية- حالتهم بين الخطيرة والمتوسطة أن العالم اليوم ليس بخير، وأن ثقافة القتل والاعتداء على حرية الآخر أصبحت شيئا مألوفا وربما شيئا واجبا. وقد تحدث في أي وقت وفي أي مكان. ولعل السؤال الذي يتبادر إلى ذهن فقهاء السياسة، هو لماذا بالضبط استهداف فرنسا والمواطن الفرنسي بالأساس؟، ببساطة لأن الجمهورية الفرنسية هي الشرطي الأوروبي رقم واحد حسب المحللين السياسيين المعادية لمجموعة من الأنظمة الديكتاتورية العربية. وبعض التنظيمات المحظورة إلى جانب قوى غربية في مقدمتها القطبية الأحادية ذات التوجه اللبرالي. وحسب قراءات عميقة لمحللين سياسيين، فالتفكير الفرنسي الجديد يسعى إلى استعادة الهيبة النابولونية والثقافة البورجوازية التوسعية على أرض الواقع، وفي كل ربوع العالم. خصوصا دول العالم الثالث. ترى كيف حدثت وقائع الاعتداء ضمن خطة استراتيجيه وحيوية من العاصمة الفرنسية باريس. وبحضور أكبر مسؤولي الدولة. مما يؤكد فعلا أن من نفذ الواقعة يعرف ماذا ينفذ ولماذا ينفذ؟ وأن هناك جهات وازنة وراء الحدث. وربما الخطر الآتي أكثر مما يعاش اليوم. إن حادث باريس هذا ضمن تفجيراته الثلاث في شارع بيتشه ومطعم لاكازانوسترا ومسرح باتاكلان بما هي نقط حساسة بالمقاطعتين الباريسيتين10و11 يؤكد فعلا أن المجرم من أبناء الدار وأحد ممثلي العقوق الفرنسي. من كان يدري أن الضربة ربما موجهة لجهات فرنسية نافذة، تصدر الأحكام أكثر مما تنفذ، كما لا تراع ما تصدر من أوامر. لتحل النتيجة ويحل معها القتل والدمار في صفوف المواطنين الأبرياء. إن ما حدث لفرنسا رغم هول القتل ومحنة الظلم يؤكد فعلا أن أمن هذا البلد لا يتمتع بصحة جيدة إن على مستوى المخابرات وإن على المستوى العسكري. وربما سياسة الدولة ينبغي أن تعيد النظر في مواقفها المتعجلة في إصدار القوانين الأحادية التي تخرج من حسبانها التعدد العرقي والديني الذي يتميز به الشارع الفرنسي. كما أن يد فرنسا التي طالت الجسد العربي إبان الربيع العربي دون تركه ينمو لوحده ربما من انعكاساته الآن ما أصبحت تعانيه الجمهورية. إذ لا الذئب مات ولا القطيع تقوى. بحيث الأنانية الأساسية وتضخم الذات الغربية وعدم رد الاعتبار للفرد العربي الذي يقتل في كل لحظة بلا تدخل سليم من هذه القوى الغربية المهيمنة في نظري لا يخلف إلا عداء وكراهية لمن يتلاعب بمصلحة الشعوب المغلوبة على أمرها. والخلاصة سلوك من هذا النوع. طبعا بلد موليير وجون جاك روسو أهل مبادئ الحرية والعدل والمساواة أصبحت تعيش الألم والدم والتفرقة والتمزق، والسبب عدم رعاية هذه المفاهيم وتصدريها وفق قيمها القمينة. تم إن ما يحدث ويتبناه الآخر باسم الإسلام والدين شيء ما أنزل الله به من سلطان، مع العلم أن تعاليم الدين السمحاء ترفض القتل جملة وتفصيلا. وتنبذ التعصب والتفرقة وتمحق الفتنة بشتى أشكالها. بل ما حدث عمل إجرامي وحشي سافر يؤكد سلوك الغاب، ويسعى إلى الفساد وسلب الآخرين حرية العيش التي لا تقدر بثمن. وهو درس يحتاج إلى تكثيف الجهود الدولية. لتجاوز هذه المشاكل التي تضر بالعالم أكثر مما تنفعه.