شهدت المدرسة العليا للأساتذة بمكناس نهاية شهر أبريل محاضرة علمية لأستاذ الأجيال والناقد المغربي الكبير بنعيسى بوحمالة حول سؤال الهوية، كما وظف ذلك الروائي والكاتب الصحفي أمين معلوف. قبل بداية المحاضرة أشار مدير المدرسة محمد ياسين إلى كون بوحمالة كنز كبير للمدرسة العليا للأساتذة، وللساحة الأدبية والفكرية بالمغرب. كما أشار الدكتور محمد عفط -أحد طلبة بوحمالة- إلى كون الناقد موسوعة فكرية قدمت للمغرب وللحقل الفكري والأدبي الشيء الكثير، إن على مستوى الكتابة وإن على مستوى التربية والتكوين. وبعد شكر بوحمالة للحاضرين أشار إلى كون العمل على الهوية عند أمين معلوف جاء استجابة لرغبة ذاتية. إذ تبتدئ حكاية أمين معلوف مع موضوع الهوية. حين غادر لبنان بلده الأصلي سنة 1976 هربا من حرب إقليمية مع عدو صهيوني قاهر. وبعد أن وضعت الحرب أوزارها انزلقت لعنته الطائفية الجديدة- يقول بين- بين الإخوة الأعداء وإلى تقاتل عن الهوية، إذ ذاك قرر الرحيل بعيدا، ليستقر بفرنسا. ولكن مفارقات القدر يقول الناقد سيجعل معلوف هذه المرة يدخل في حرب رمزية مع الهوية، حيث ستحل أسئلة من أنا؟ من أنت؟ من نحن؟ كسؤال اللغة يطارده أينما حل وارتحل بغية تحديد هذه الهوية الحقيقية التي غالبا ما يذهب العالم ضحيتها. إنها أسئلة جوهر كتابات أمين معلوف سواء السردية أو الفكرية وكذا الإعلامية، كما هو في كتبه الخالدة من خلال ʺصخرة طانيوسʺ وʺليون الإفريقيʺ وʺالحروب الصليبية كما رآها العربʺ وʺالهويات القاتلةʺ. وقد أشار المحاضر في هذا الصدد إلى كون معلوف أحد المتلاعبين باللغة الفرنسية كما باللغة العربية، الشيء الذي ضمن له مشاريعه الكتابية الكبرى التي لا تبتعد عن قضية الهوية الشائكة.لأنه منذ أن استقام عود الإنسان في الوجود وهو يتخبط في إكراهاتها المحبطة لآلامه. إن معلوف هو ذلك المفرد بصيغة الجمع:عربي ومسيحي وفرنسي ويهودي، ولا مشكلة في ذلك.لأن الإنسانية تستدعي السلام والهدوء، وغير ذلك فهي محنة وجودية، وقد عكس معلوف ذلك عندما ابتعد عن السياسة، وفضل العزف على الموسيقى رقفة جوق يهودي مادامت هذه الأخيرة توحد العالم، شأنها شأن الرياضة كما يحدث اليوم. في الأخير، أكد بوحمالة أن كتابات أمين معلوف ذات دلالات عميقة ترمي بتعددها إلى جعل الهوية في السفر والترحال، وأينما كانت راحة الإنسان فتلك هويته، وهي دعوة صريحة من الكاتب إلى تجاوز هذه الحواجز الضيقة والحسابات المزيفة والمشروعة في نفس الوقت لتأكيد هوية الذات، بغض النظر عن لونه وعرقه وأصله.