في السياق أبناء " القليمية "، الجوع وراءكم وبن كيران أمامكم ليس بعد الجوع شيء غير الغضب، لا ندري هل استحضرت الحكومة هذا المعطى وهي تعترف بأن 60 ألف مغربي فقدوا وظائفهم ما بين سنتي 2012 و2013 . الفقر كالموت شيء شخصي، وكل مواطن معني، ما عليه إلا أن يحمل فقره وحده، فما شان عبد الإله بن كيران وصحبه بهذا، فهم مشغولون بمن لا زال يكدح، ولهذا أعلنوا عن نيتهم الرفع من الأجور وعرضوا ذلك على أرباب المقاولات، حسب عبد السلام الصديقي وزير التشغيل، لكن الحكومة لم تتوصل بأي جواب. أيها العمال أيتها العاملات، وفي غياب عرض سخي يرد لكم كرامتكم، موتوا بالتقسيط، فما دمتم تتنفسون فأنتم أحياء، والنفس الذي يخرج من أدباركم خير دليل على أنكم تأكلون وتشربون، ومن لم يعجبه المقام فليغادر العمل فورا أو قهرا، فغيابكم أو إضرابكم عن العمل لن يغير شيئا، الحكمة تقتضي الحوار ثم الحوار، وفي النهاية سيتم التوصل إلى اتفاق بين الحكومة والنقابات، التي ستعمل جادة على متابعة تنفيذ نتائجه حتى ولو ذهبت حكومة بن كيران وجاءت حكومة رضوان، فالحوار هو النور الذي به نهتدي، وإن لم نصل إلى نتيجة، فإننا نعول على صوتكم، "إنه كالطوفان، كالزلزال، نعم إنه جبار، في غير عنف طبعا"، كما ورد على لسان بعض الشخصيات في النص المسرحي لعبد الكريم برشيد ( ابن الرومي في مدن الصفيح). أيها العمال أيتها العاملات، أرجوكم لا تصدقوا ما ورد أعلاه، فهذا يدخل في باب المزاح وحكومتنا الموقرة، لا يعجبها الهزل، فهي تريد المعقول، ومحاربة "الفساد"، عفوا، الباعة المتجولين، الذين يلوثون جمالية مدننا، وها أنتم ترون الآن واجهاتها وقد ازدانت بحلة قشيبة تحمل اللون الترابي، وبالمناسبة لا يسعنا إلا أن نبارك لصاحب هذه الصباغة الذي وحد حواضرنا في لون لم يعد مقتصرا على مراكش وحدها. وفي إطار المعقول، ولتنظيم قطاع التجارة، اختارت حكومتنا المباركة، الفاتح من ماي لتحتفل بمهاجرينا على طريقتها، لتقول لهم لا أهلا ولا سهلا ولا مرحبا، انتهى زمن المجاملات، فالدنيا أصبحت غير الدنيا وليل الرقص والغناء انتهى، فمحطات الموانئ أصبحت مغلقة بأبواب من حديد، والحداد يريد مالا لا سياحة بالمجان، وأنتم يا أبنائي المهاجرين لم يعد لديكم مال، وخردة الأحذية والثلاجات والمكيفات... التي تجمعونها من الزبالة أصبحت تنافس منتجاتنا الصينية والتركية والكورية، وهذا مجال يلعب فيه الكبار فما شأن الصغار، الذين عليهم أن يتمرنوا على قواعد الاستيراد والتصدير. أيها المهاجرون والمهاجرات، وخاصة أبناء "القليمية" (من اثنين تادلة إلى اثنين أزيلال ومن أربعاء الفقيه بن صالح إلى أربعاء لكفاف مرورا بالثلاثاء إلى حد البرادية)، نعلم أنكم كباقي المهاجرين بالوطن، كثير منكم أطعم الأبناك والمنعشين العقاريين وأطعمتم عائلات من قلبكم، واليوم يجد كثير منكم نفسه يأكل الشوك، ويعيش شتاتا أسريا انتهى لدى بعضكم بالطلاق وتشريد الأطفال، ومن تيسرت له الحياة هنا، وجد أطفاله صعوبة الاندماج في المدارس خصوصية أو عمومية، وبعد رحيل سنوات، ها أنتم تعدون السنين، وتلتفتون إلى أرضكم الفلاحية التي كانت عبارة عن هكتارين فأصبحت ربع هكتار أو أقل، بحكم التوزيع الوراثي، وبالتالي صارت أكثر من السابق تمنع عنكم أي إمكانية للاستثمار، أما أراضي الجموع، فإن حق الانتفاع ينتفي بعد موت صاحب الخيمة، لأن كل أفراد العائلة يريد التناوب على حرثها أو الرعي فيها، وبالتالي فما عليك إلا أن تنتظر الذي يأتي ولا يأتي. أما مدينتك فلا شيء تغير، مشكلة عجز شبكات الإمداد بالمياه والكهرباء والاتصالات، النفايات، مشكلة الازدحام والتكدس السكاني، احتلال الملك العام، مشكلة البطالة الحضرية المقنعة، الهجرة القروية، الأمية، الهدر المدرسي، "التشرميل" الانحراف والجريمة. الأغلبية تبحث عن بدائل وحلول للمشاكل الاجتماعية اعتمادا على التسول والبغاء والتجارة في المخدرات، القطاع غير المهيكل التهريب.. مشاكل اجتهدت الحكومة في مواجهتها دون البحث لها عن بدائل، وبالتالي ما علينا وعليكم إلا أن ننتظر المعطيات المدققة حول إحصاء السكان التي ستنطلق عما قريب، وسنحصيكم عددا ربما سيزيد أو ينقص عن 60 ألف الفاقدين لمناصب الشغل وسيكون لها..، أما العاطلون بشواهد أو بغير شواهد، فما أن ينتهي إحصاء السكان حتى يزيد حجمهم، ومن لم يستطع الزواج منهم من الإناث فليؤجروا أرحامهم، أما الذكور فليبيعوا منوياتهم وكليهم، حتى لا يقال في حق هذه الثروة البشرية إنها بضاعة فاسدة أصيبت بالبوار... وكل فاتح ماي وأنتم...