قد أصبح لزاما على النقابات عبر قياداتها وقواعدها وكافة مناضليها ومناهجها وبرامجها النضالية والتنظيمية والتأطيرية والإحتفالية والإستحقاقية... أصبح لزاما في ظل التطورات الإجتماعية والسياسية الأخيرة التي يعرفها المغرب أن نضع أسئلة جوهرية إستعدادا لمرحلة يطمح فيها الجميع لغد أفضل حافل بالعدالة الإجتماعية والحرية والكرامة الإنسانية. ومن هذا الأفق والمنطلق نتسائل جميعا :هل العمل النقابي إستنفذ أغراضه وبات مؤسسات جوفاء لا يرجى منها نفع للبلاد والعباد ؟ وهل هناك بدائل لذالك وماهي ملامحه ومعاييره وكيفية أجرأ ته؟ أم لا بد من ترميم جسمنا النقابي الحالي وإعادة صياغته وهيكلته وفق منظور عميق يستحضر الإكراهات ويبني أفقا واعدا؟ وهل يمكن الحديت عن المؤسسات الرسمية التقريرية منها والإستشارية كآليات ناجعة لتفعيل دور العمل النقابي أم أن هذه المؤسسات باتت بدورها لاتستجيب للتطلعات الإجتماعية المنتظرة؟ لقد نص الفصل 29 على مايلي: حريات الإجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي وتأسيس الجمعيات والإنتماء النقابي والسياسي مضمونة ويحدد القانون شروط ممارسته هذه الحريات،وحق الإضراب مضمون ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته،ايضا جاء هذا الفصل بعد الفصل 28 الذي تحد ت عن حرية الصحافة والتعبير وفي نفس السياق جاء الفصل 29 بنقط مفصلية تضم حقوقا وواجبات ,فالحقوق تشمل خمسة مجالات وهي : حرية الإنتماء والتأسيس والإجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي , وهذه المجالات ستنظم بقانون يحدد شروطها وكيفيات تطبيقها. أما الشق المرتبط بحق الإضراب فسيصدر في حقه قانون تنظيمي ينظم جوانب تطبيقه وأجرأته وفق منهجية تشاركية تجمع كل الجهات المعنية وسيكون للمؤسسة التشريعية الحق في إنضاج نقاشه وإخراجه. دون شك أن هذه الأنماط من الحريات ستضمن نتائج الفعل النقابي ذاخل منظومة الحراك الإجتماعي, لقد توبع كثير من المناضلين النقابيين بتهم التجمهر والتجمعات غير القانونية كانت تحبك من بعض مسؤولي السلطات المختصة, وهذا ما يدفع الكثير للحديث عن التغيير القادم نصوصا وممارسة فكرا وسلوكا هل سنكون في الموعد أم لا ؟ إن هذا التشوف والإنتظار هو الذي يجعلنا نتكلم عن الإصلاحات الموازية والأساسية المطلوبة في مغرب ما بعد 1 يوليوز 2011 ومن ضمن ذالك هو كيف لإدارتنا أن تستوعب أكثر التغييرات الجارية والتحولات القادمة وهنا يأتي الحديث عن الجوانب العملية والتطبيقية عن الإرادات عن الإستعداد النفسي عن التشبع بثقافة الحريات وأن كرامة المواطن فوق كل إعتبارعن ضرورة التخلي عن عقلية المؤامرة والتخوين والتحلي والتروي في المقابل بمنظومة الحقوق الدولية منها والوطنية إن جانب الحريات هو صمام الأمان لتقوية العمل النقابي وتعزيزا للمواقف النضالية المسؤولة وهي التي تجعل من الصوت النقابي منبرا معبرا عن الهموم الحقة لجموع الكادحين والمقهورين وكل المظلومين والمكلومين والمصدومين بفعل المواقف غير الناضجة وغير المسؤولة لذا البعض في الإدارة والمؤسسة والمقاولة المغربية وهذا يفرض حتما التحلي بالإرادة والعزيمة وهضم وفقه مكنون ودلالات كلمة دولة الحق والقانون وشعار ربط المسؤولية بالمحاسبة وإستقلالية القضاء وتفعيل إختصاصات المؤسسة البرلمانية وهذا تأكيدا هو الذي سيعزز الثقة بين الفاعل النقابي والإدارة الترابية والجهاز القضائي ويكون المدخل كذالك هوإزالة الفصل 288 السيف المصلط على رقاب النقابيين العاملين بالخصوص بالقطاع الخاص. إن الرقابة والتشريعات الإجتماعية والمواقف النضالية في الشارع المغربي فضلا عن القوة الإقتراحية في كثير من المؤسسات ذات الخصوصية الإجتماعية ستجعل من القضايا الإجتماعية ذات أولويات هامة في السياسات العمومية وسيلزم بشكل أوبآخر الحكومة التعاطي الإجابي معها في القوانين المالية المقبلة . أما الكلام عن القانون التنظيمي للإضراب والذي لم يراوح مكانه منذ مدة بسبب تحفظ بعض المركزيات النقابية منه راجع بالأساس إلى تخوفات مشروعة نابعة من متابعة لصقة للفعل النضالي وما يتعرض له من مضايقات في الكثير منها غير مبررة أو تكون مبرراتها واهية وكمثال واضح وصارخ في الموضوع تابعنا ونتابع قيام البعض بطرد العمال والعاملات بمجرد تأسيس مكتب نقابي فضلا عن التجاوزات المرتبطة بعدم تطبيق بنود مدونة الشغل لذا الكثير من المقاولات, إذا إن الرفض لهؤلاء ليس رفضا مبدئيا ميكانيكيا مع سبق الإصرار والترصد بلغة أهل القضاء ولكنه توجسس من إمكانية التضييق على الحريات النقابية التي جاء الفصل 29 من مشروع الدستور الحالي ليثبتها ويصونها ويحمي تواجدها. إن هذه المبررات المختلفة والمتباينة بين جميع الأطراف لا تعفينا من الحديث عن قانون الإضراب. وكيف أولا ننضج شروط خروجه وتطبيقه خاصة في ظل مايمكن تسميته بالفوضى الخلاقة للإضرابات ووضعية النزوع الفئوي ومحورية المركزيات النقابية في النضال والتكوين والتأطير ومسؤولية الجميع في هذا الورش الكبيروالذي لايمكن فصله عن نظرية الحق والواجب. نحو هذا الأفق الذي سيقوي من خلال القوانين المنظمة الحرية والممارسة النقابية وسيساهم في تنظيم الحقل النضالي ويقوي دور النقابات الممركزة خاصة مع تطبيق الجهوية المتقدمة فضلا عن كثير من الدواعي الأخرى قرر المجلس الوطني للإتحاد الوطني للشغل بالمغرب أن يتعاطى إيجابيا مع مشروع الدستور المعروض على الإستفتاء بالتصويت بنعم بكل تجرد ووعي ومسؤولية في هذه اللحظة التاريخية المتميزة من مغربنا الحبيب. بقلم : محمد رماش مستشار برلماني باسم الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب لطفي قاسمي [email protected]