شَغَلَ محركَ البحث ، و انطلق في الإبحار كعادته ، مُقلبا صفحات موقع عالمي شهير ، يتردد عليه عشاق " النّت " كثيرا ، للبحث عن معارفهم القدامى و أصدقاء جدد .. رفرف قلبه مثل عصفور عانق الحرية بعد أسر طويل ، عندما وقع بصره ، بغتة ، على اسم .. في فرح طفولي خَطَّ رسالة قصيرة ، و بعث بها إلى العنوان تحت الاسم ، جاء فيها : في سنة (..) ، بمدينة (..) ، بالمدرسة الابتدائية (..) ، بالقاعة رقم (..) ، في الصف المحاذي للباب ، كنت أجلس على الطاولة الثانية ، و كان يروق للمدرس (..) أن يلقبني ب : يوسف يمثل !.. إن كنتِ أنتِ ، ألتمسُ إشارة منكِ ! ... لم تغرب شمس ذلك اليوم الربيعي حتى توصل في علبة رسائله بالرد التالي : يا للروعة ! شيء لا يُصَدَّق ! أنا الشقراء النحيفة ، التي كان يروق للمدرس أن يلقبها ب : سعاد في المكتبة !!.. منذ رحيلكَ المفاجئ في منتصف تلك السنة ، بقي مقعدكَ بجواري فارغا إلى متم الموسم الدراسي . كما لو أنكَ تبخرتَ ، فتركتَني وحيدة .. تألمتُ كثيرا .. و بكيتُ في وحدتي كثيرا حد الجنون .. مرت أيام و شهور ، و استسلمتُ فيها أخيرا لقضاء الله ، بعد يأس من طول انتظار .. على الرغم من أن قلبي كان يحدثني دائما باقتراب موعد لقائكَ ، و ظل طيف صورتكَ ، حيث يأخذني الحظ ، راسخا في مخيلتي !.. عزيزي (..) ، ما أقصر العمر ! سعادتي لا توصف للقائكَ أخيرا ، و أنا جَدَّة !! إدريس الهراس / الفقيه بن صالح