أبي انتظرتك طويلا، أعددت وجبة الفطور كما أردت، حملت قفة الغذاء للمستشفى الذي ترقد فيه أمي كما طلبت، أوصلت أختي إلى المدرسة كما أحببت لكنك لم تأت. أبي انتظرتك طويلا قد اجتهدت في دراستي وحصلت على نقاط شرف كما وعدتك تماما، لقد صرت فتاة مهذبة كما تتمنى أبي انتظرت نهاية السنة الدراسية بفارغ الصبر لنحتفل كما اتفقنا لنسافر لنشتري هدايا حب للأطفال الصغار لنزور قبر جدي لنركض نحو الشاطئ لقد وعدتني أن تأخذ لي صورا عند البحر وأمام سيارة جارنا العم كامل لقد أعجبتني سيارته كثيرا أنسيت أبي لقد وعدتني أن تشتري لي مثلها أجل مثلها تماما انتظرتك طويلا لكنك لم تأت أبي يوم رحيلك أغمضت أمي عينها طويلا لقد رحلت كانت تحبك كثيرا انتظرتك هي الأخرى طويلا لكنك لم تأت. أبي يوم رحيلك لم تعد أختي للمنزل لقد رحلت هي أيضا رحلت إلى مكان جميل جدا حيث لا يوجد إلا الصغار يرقصون هناك ويأكلون ويسافرون أختي الصغرى ذهبت إلى الجنة أختي انتظرتك طويلا لكنك لم تأت. أبي يوم رحيلك رحل العم كمال دون أن يودعنا لن يعود العم كمال وان ترك سيارته لقد رحل باسما. أبي لست وحدك من رحل الجميع رحل كتبي أقلامي غرفتي حتى الراديو الصغير الذي أهديتني إياه يوم عيد ميلادي رحل. أبي يوم رحيلك أوشك الطوفان أن يحملني إليك لكنه لم يحدث فبقيت انتظرك انتظر قدومك لساعات لأيام لكنك تماما كالبقية لم تأت. أبي يوم رحيلك رحلت المدينة رحلت إسلام أباد لقد جرت مع الطوفان سريعا ركضت نحوك أو ربما أنت من ركضت نحوها لقد حدثني طويلا عن حبك للمدينة أيام الطفولة أيام الدراسة يوم لقائك بوالدتي في أحد مقاهي الأحياء الشعبية كانت تعمل هناك لإعانة والدها وبعد زواجكما بسنة رحل جدي وترك أمي كدمية متصلبة على سرير طبي لترحل هي الأخرى دون وداع. أبي إن تعد تبتسم المدينة، إن تعد تفتح أبواب المدينة، إن تعد يرحل الطوفان عن مدينتنا فعد يا أبي إسلام أباد، ان ترها كمركب صغير يطفو على بحر من الجثث والدمار ويحمل معه كل شيء يلقي بهم بعيدا ويعود وحيدا فارغا يا ليتك لم ترحل يا أبي. أبي أنا على باب مقبرتكم ألقي برسالتي وأنتظر جوابا منك أتسمع صوتي أم أن صوت الطوفان أقوى وأشد أبي أنا على باب جنتكم أنتظر رؤيتك قبلة منك حضنك نظرة إلى وجهك الجميل فعد يا أبي. أبي سيرحل الطوفان قريبا فانتظرني كما انتظرتك ولا تيأس سآتي لنحتفل معا بلقائنا الجديد أولعنا نحتفل برحيل الطوفان. أبي لك سلام من مدينتك من أرضك من وطنك، لك رسالة حب من إسلام أباد.