[b] كثيرة هي الأسئلة التي تطرح نفسها بحدة كبيرة، لتطغى على ظروف النص الذي أود كتابته الآن ، وأنا أستحضر مشاهد من الألم اللامتناهي والذي نلامسه كل يوم بين ثنايانا. هل نحن في في حاجة إلى الميوعة؟ هل تصالحنا مع ذواتنا كي نرقص ونغني؟ هل ظروفنا تسمح بالخروج لنرضي غريزة المجون المدفون داخلنا؟ وهل وهل وهل...؟؟؟ إن الوقوف لبعض ثوان في كمال الوعي وتمامه لمشاهدة تجليات الظروف الراهنة المحلية والإقليمية والتي يحركها بقوة ما يسمى بالربيع العربي وخروج ألاف المواطنين إلى منصة التعبير المطلق والرفض المنطقي لسياسات الإستبداد والديكتاتوريات الجاثمة على صدور الشعوب الطواقة للحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية وما تواجهه من قمع مستبد وممارسات بوليسية يومية من طرف الأنظمة الحاكمة والقائمة، وما تمارسه من تنكيل وتقتيل في حق أبنائها الأحرار وبشاعة الكيل بمكيالين الذي تتحدد صوره في حمامات الدم اليومية والتي أصبحت برنامجها المستهلك لتكميم الأفواه وإخراس الأصوات الجهورة...إن الوقوف على هذه الوقائع تستوجب منا موقفا شجاعا للتعبير عن تضامننا ومساندتنا لهؤلاء المقموعين ووفاء كذلك لأرواح كل الذين سقطوا من أجل بصيص حرية ومن أجل تحقيق عدالة تعيد للإنسان حقه كإنسان وكيان غير قابل للمتاجرة ولا للمساومة...من أجل هؤلاء وأولئك من معشر المعذبين في الأرض: أطفال يأكل البرد القارس من جسدهم النحيل...نساء حوامل يقاتلن من أجل البقاء...مشردون يلتحفون السماء ويفترشون قسوة الأرض والمناخ...أسر تلوك الجوع خبزا وتنتظر نائبها البرلماني لعله هذا المساء أو غذا أو بعد عامين يطرح سؤاله عن حالتهم البئيسة... من أجل سجناء الكرامة والعدالة...سجنوا لأنهم قالوا "لا" حين قال العبيد من وطنهم "نعم"...لأجل من قال للحاكم "إرحل" فرموه جثة هامدة على أرصفة المدن فصار قطعة زرقاء بلا روح...لأجلهم جميعا فلنحزن قليلا... للأسف الشديد...وما يحز في النفس أننا كنا نود القطيعة مع مسؤولينا الذين لا تهمهم سوى مصالحهم المتعفنة ولو على جراح ضعفاء الناس ومآسيهم التي تبدو ظاهرة على ملامحهم البئيسة والأليمة، لكن يبدو جليا أننا وقعنا على البياض لنلامس أول ملامح التطبيع مع الماضي القريب والمؤلم جدا. القصيبة لم تغتسل بعد من حيضها القديم..لم تستفق بعد من إغماءاتها المتوالية...لم تنهض بعد من سباتها الحزين والمحزن في الآن.. كنا نأمل أن نرى ولو على الورق شيئا من الطهر من العهر الممارس علينا، بيد أن كل القنافيد تتشابه ولا أملس فيها ولا ألين...لكن عزيمتنا قوية نحو التغيير ورفض سياسة الإملاءات المتآكلة والمبيتة والمتوارثة.. كلنا نتفق على أن صاحبنا يعشق المجون و"الشيخات" والبذخ و"الزهو"..فدعوه يشفي غليل مرضيته وأزماته الغريزية...وسندع الخيل تركض حتى التعب...وسندع الشيخات يرقصن على وتر السكارى وأهواءهم... لكننا لن نتسامح ولن نتنازل عن قضيتنا المصيرية...لأن القصيبة أمانة في أعناقنا إلى يوم النهضة والصحو...[/ B]