عرف أرسطو المدينة بأنها المكان الذي يعيش فيه الناس حياة جماعية من أجل هدف نبيل. من منا، نحن سكان زاوية الشيخ، يحمل ذرة كرامة، يستطيع القيام بجولة بين أزقة الزاوية القديمة... تتكدس الأجساد العارية على أرصفة البيوت (الأكواخ) دون حياء و تنبعث في الأفق رائحة "الموت" الكريهة... ما نشاهده بالزاوية القديمة لا يحتاج إلى عناء كبير لمعرفة أسبابه ومسببيه، فالأمر يتعلق بكل بساطة بالصورة البشعة للبنية الفاسدة داخل المدينة، تلك التي تقتات من موائد الأجساد الآدمية عبر "الاستثمار" في تجارة مفلسة إنسانيا وأخلاقيا و إن بدا رقم معاملاتها مغريا لضعاف النفوس.... إن صمت السلطات لا يمكن أن يكون إلا تواطؤا صريحا ومساندة غير معلنة للفساد الذي يحطم قدرات المدينة ومستقبلها، فماذا يبقى من المستقبل إذا تحطمت الأجيال الصاعدة بانغماسها في أوكار الدعارة والمخدرات... في غياب من يتحمل المسؤولية، تعمل مجموعة من الشباب، الغيورة على بلدتها، رفضت السكوت و بدعم من الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عبر سلسلة من اللقاءات التشاورية، على وضع خارطة طريق تشمل جوانب التوعية و التحسيس بخطورة ظاهرة الدعارة والأشكال النضالية السلمية لتطهير الزاوية القديمة من هذه الآفة التي أزكمت رائحتها الأنوف والعمل مع كل الفاعلين الشرفاء على إعادة الدور الحضاري والإشعاعي للمدينة العتيقة وإدماجها في النسيج الحضري العام مع الحفاظ على الموروث الديني والثقافي الذي يعتبر مكسبا للذاكرة الشعبية حاضرا ومستقبلا...