نال الباحث نوح خليفة درجة الدكتوراه بميزة مشرف جداً من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط مع توصية بطبع ونشر الأطروحة بعد مناقشته من قبل لجنة مكونة من ستة أكاديميين منهم 4 أعضاء ومقرراً ورئيساً في جلسة دامت ثلاث ساعات ونصف وسط حشد طلابي كبير. وناقش الباحث نوح خليفة أطروحته الموسومة ب "الرابط الاجتماعي بقرى شمال البحرين، دراسة سوسيولوجية لمقومات العيش المشترك" التي احتوت على أربعة فصول، الأول منهجي ونظري، والثاني حول الخصائص السوسيو – ديموغرافية للسكان، والثالث حول محددات الرابط الاجتماعي، والرابع حول الحركة اليومية للسكان. وأشاد أعضاء اللجنة العلمية، التي قررت منح الباحث نوح خليفة أعلى تقدير علمي، بريادة موضوع الأطروحة التي ناقشها الباحث على المستوى العربي والإسلامي وتفوقه في إنجاز إضافة نوعية فريدة لأبحاث العلوم الاجتماعية في العالم العربي وبمملكة البحرين والمملكة المغربية وبقدرة بحثه في أن يضع مجتمع الباحثين والقراء أمام أشكال جديدة للرابط الاجتماعي. وخلص الباحث إلى هذا الإنجاز العلمي بعد ثلاث سنوات من البحث بعد ابتعاثه من قبل وزارة الداخلية إلى المملكة المغربية لمواصلة دراساته العليا وبعد معايشته للميدان القروي البحريني خلال مدة دراسته والأبحاث الأولية التي طبقها على المجتمع نفسه، وتعمقه في 67 مرجعاً فرنسيا وإنجليزياً و83 مرجعاً عربيا لباحثين كبار. اهتمام البحرين والمغرب بروابط حداثية مع شعوبهم تاريخية وعريقة ورائدة واستهل الباحث حديثة أمام اللجنة التي عقدت لمناقشته بأن الرابط الاجتماعي مفهوم جديد يختص بالرابط الاجتماعي بين الإنسان والمؤسسات والسلطات الجديدة سواء الأهلية أو الحكومية أو الأماكن العمومية. وقال خليفة في الوقت الذي ظهر فيه مفهوم الرابط الاجتماعي في دول أوروبية من رحم الثورات وبعد تهدم الرابط الاجتماعي بشكل مفاجئ، فإن دولنا اهتمت بإنشاء روابط جديدة مع شعوبها بشكل تلقائي يواكب النهضة العالمية واهتمت بالانتقال التدريجي للحداثة. وأشار إلى ما تتميز به مملكة البحرين والمملكة المغربية من اهتمام بالقضايا ذات الصلة بالرابط الاجتماعي معتبراً بأن تطور اهتمام المملكتين بتكوين نظم تدعم الروابط الجديدة يعد تاريخيا وعريقا ورائدا يحسب للمملكتين الشقيقتين، مشيرا إلى جهود المغرب في القضايا المتصلة بالرابط الاجتماعي في المغرب وأبحاث قام بتقديمها في مملكة البحرين تهتم بالرابط الاجتماعي. الرابط الأبرز في قرى البحرين ديني ذو تأثير عمودي من جهة أخرى أشار الباحث نوح خليفة أثناء جلسة المناقشة خصوصية الرابط الاجتماعي بقرى شمال البحرين وتراجع حضور الرابط الاجتماعي الأفقي الذي ينسجه الأفراد في مجتمع البحث قرى شمال البحرين فيما بينهم بشكل تلقائي وبروز الرابط الاجتماعي العمودي الذي تفرضه المؤسسة الأهلية الدينية والخيرية. وبين خليفة أن تزايد مقومات انتشار الخطاب الديني بين السكان عبر البنيات المجتمعية المختلفة، وبروز دوران الكلمة الدينية – السياسية عبر القنوات المجتمعية المختلفة منها الأماكن العامة بالقرية، والمجالس القروية والاجتماعات العائلية، ومن جهة أخرى تراجع تأثير الشخصيات السياسية المستقلة والناشطين المستقلين في تكوين رأي المجتمع، وتزايد تركيز القنوات الإعلامية والفضائية على تثبيت المواقف الدينية عوامل ساعدت على تزايد ضعف استقلالية المجتمع ونشوء روابط عمودية في المجتمع. السكان يتفاعلون بشكل عرضي بطرق عابرة للقرى تجاه أنشطتهم الدينية وقال نوح خليفة إن سكان قرى شمال البحرين يتفاعلون بشكل عرضي باتجاه قرى محاذية والعاصمة المنامة ويستخدمون طرقاً عابرة للقرى تنتج وتنشط تفاعل الشريط القروي بأكمله عبر مسار ديني واحد (بنسب متقاربة ومرتفعة تفوق الخمسين بالمائة) في كل مقصد ديني يتحركون باتجاهه سواءً للاستماع إلى خطب دينية أو حضور احتفالات دينية أو لأداء الصلوات اليومية وهو ما يجعل الرابط الاجتماعي يعيش أوضاع نشيطة من خلال الشبكات الطرقية الخادمة. المدارس أبرز مؤسسة تفاعلت بشكل رأسي مع قرى البحرين وكشفت الدراسة أن الاحتفالات الدينية توحد قرى البحرين في العاصمة المنامة وأن المؤسسة التعليمية أبرز المؤسسات التي تتفاعل مع قرى البحرين بشكل رأسي عبر المدن وبين أن قرى البحث مركزية في أنشطتها الترفيهية، وسكانها ينخرطون في أنشطة ترفيهية في القرية نفسها بشكل خاص، ما عدا في تفاعلاتهم مع (مجمعات تجارية ومقاهي ومطاعم) حيث أن هذه المجالات تعتبر أكثر المجالات قدرة على إخراج المجتمع القروي إلى التفاعل في إطار السياق المجتمعي العام عوضا عن الانخراط الداخلي المركز. وكشف الباحث أن التضامنات المجتمعية الأفقية تنحسر بشدة في علاقتها مع الجيران والأقارب البعيدين وتتركز بين الأب وأبنائه في مختلف أشكال التضامنات ما عدا المساعدات المالية التي تبين من خلالها أن 62 % من المشاركين في الاستبيان يتضامنون من خلالها مع المؤسسة الدينية مقابل نسب متفاوتة وضعيفة في ما يخص التضامن مع باقي فئات المجتمع. وذكر خليفة أن هذه المساعدات تذهب لصالح جمعيات خيرية أصبحت تهتم بفئات أكثر اقتداراً، وترتبط بقضايا متنوعة غير العوز الاقتصادي، وأضاف أن الجمعايت الخيرية شكلت رابطا معاصرا مع فئات جديدة وبذلت خطوات توسع قواعد انتشارها وقوة نفوذها. الجمعيات الخيرية تواجه ظروفا استثنائية بنظام كونفدرالي يوحد المجتمع وأشار خليفة أن الجمعيات الخيرية تواجه الظروف الاستثنائية بنظام كونفدرالي داخلي غير معلن يؤسس موقفا قرويا موحدا تجاه الأحداث الطارئة عبر الاستفادة من مختلف الصناديق القروية التي تدعم تضامن المجتمع تجاه أي طارئ أو حالة استثنائية وهو ما يؤكد أن التضامن المالي في المجتمع يفرض بشكل عمودي عبر جهود متأهبة دائماً للعب أدوار من اختصاص مؤسسات حكومية أخذت على عاتقها تطوير نظم الحماية الاجتماعية للمجتمع. نوح خليفة* باحث بحريني ينال الدكتوراه بميزة مشرف جداً من جامعة محمد الخامس بالرباط