أكد نبيل بن عبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية على ضرورة الحرص على الإبقاء على قطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني ضمن هيكلة الحكومة الجديدة، بحيث يستمر في احتلال مكانة بارزة في الهيكل الحكومي الجديد، وأن لا يكون فقط قطاعا تابعا دون أن يكون هناك اهتمام به أساسا، وذلك بالنظر للدور الحيوي الذي يضلع به، والذي هو محط إجماع، حيث يشغل الآلاف من الأشخاص وخاصة النساء، وبإمكانه أن يصبح قطاعا محدثا لمئات الآلاف من مناصب الشغل المدرة للدخل. وقال نبيل بن عبد الله، في كلمة ألقاها خلال الندوة التي نظمها حزب التقدم والاشتراكية ومنتدى المناصفة والمساواة التابعة للحزب، في إطار تخليد اليوم العالمي للمرأة" إن المساواة ستحقق أكثر حينما سنضمن للمرأة ليس فقط مكانة اعتبارية على مستوى الدستور والقوانين ومستويات مؤسساتية عديدة، بل عندما سنضمن لها المكانة اللائقة بها في إنتاج الثروات وتوزيعها توزيعا عادلا"، منبها إلى أن الاقتصاد الاجتماعي والتضامني يعد من قبل حزب التقدم والاشتراكية واجهة أساسية للوصول إلى ذلك". وشهد هذا الملتقى الذي نظم بفضاءات المقر المركزي الجديد لحزب التقدم والاشتراكية بالرباط، حضورا ومشاركة وازنة، ممثلي في مشاركة وزيرة الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة مروان، وفاطمة المحرر عن الشبكة المغربية للاقتصاد التضامني والاجتماعي، فضلا عن حضور شرفات أفيلال الوزيرة المكلفة بقطاع الماء، عضوة المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، وعدد من النائبات ممثلين عن مجموعة من الفرق النيابية بالمؤسسة التشريعية بغرفتيها، وأعضاء من المكتب السياسي للحزب، ومستشارات بجهة الرباطسلاالقنيطرة، ورئيسات ورؤساء تعاونيات وممثلين عن هيئات المجتمع المدني. وأفاد نبيل بن عبد الله أن البعد الاجتماعي الذي يحمله حزب التقدم والاشتراكية بقوة يشكل مدخلا أساسيا من أجل تحقيق ما ورد في الدستور من حقوق وقيم متمثلة في الكرامة، والعدالة الاجتماعية والتمكين، والاندماج في المجتمع، فضلا عن ضمان الدخل والتي كلها تترجم عبر ما يسمى الحق في التعليم، الصحة، العمل و السكن"، مشيرا أن الاقتصاد الاجتماعي والتضامني ينبني بالنسبة للحزب على مقاربة مغايرة أساسها أن تتكفل الدولة بحل المشاكل الاجتماعية التي يعيشها المواطنون والمواطنات ولكن على أساس تمكينهم من تطوير كفاءاتهم ومهاراتهم وتمكينهم من التوفر على دخل خاص". واعتبر نبيل بن عبد الله، أن هذه المقاربة تجعل الشخص يحس عبر ذلك أنه ينتمي حقا للمشروع المجتمعي الذي تبنيه الدولة وأن له صوت داخلها، مشيرا إلى أن جزءا أساسيا من العمل الذي يتعين أن يخوضه الفريق الحكومي القادم، يرتبط بالتفاعل مع الانتظارات العديدة الموجودة لدى عشرات الآلاف بل مئات الآلاف من الفاعلين والعاملين وبالخصوص من الفاعلات والعاملات في قطاع الاقتصاد الاجتماعي، بالعمل على بلورة مختلف القضايا التي تعني هذه الفئة في إطار سياسة عمومية متبعة، من إجراءات جبائية ، تحفيزية وأخرى تأطيرية والتي يمكن اتخاذها" وشدد في هذا الصدد على ضرورة الحرص على رفع العراقيل التي تواجه الفاعلين في قطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني والتي تشمل الإمكانيات المالية بتيسير الحصول على قروض والاستفادة من تأطير جبائي، وذلك حتى يتم تسهيل عملية اشتغال الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، والذي "بإمكانه أن يصبح مجالا جديدا للإنتاج وإحداث مئات الآلاف من مناصب الشغل المدرة للدخل للمواطنين والمواطنات" وتوجه نبيل بن عبد الله في كلمته إلى السيدات النائبات اللواتي حضرن هذا اللقاء وهن ينتمين لمختلف الأطياف السياسية، مؤكدا على دور المؤسسة التشريعية في التفاعل مع هذه الفئة من الفاعلين بإصدار القوانين اللازمة واقتراح الإجراءات المشجعة، قائلا "لا يمكن أن نختلف وليس هناك من سيرفض تكثيف الجهود حول قطاع حيوي، ذلك أن الواجهة البرلمانية واجهة أساسية لأن داخلها يتم صياغة القوانين واتخاذ مجموعة الإجراءات لفائدة كل الفاعلين في القطاع". وبالنسبة لحزب التقدم والاشتراكية ومنتدى المناصفة والمساواة، جدد الأمين العام التأكيد على أن الاقتصاد الاجتماعي والتضامني يعد واجهة أساسية للاشتغال، موضحا على أن الاشتغال الحزبي لا يستقيم فقط بالتعبير عن مواقف هنا وهناك وتنظيم ملتقيات وندوات، بل هذا العمل يمر عبر عدة واجهات من بينها الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، مذكرا أن الحزب بصدد تفعيل خطة تجذر التي يطمح من خلالها إلى تقوية انصهار وانخراط الحزب داخل المجتمع ومن تم بمختلف المدن والقرى ومناطق البلاد ليكون فعلا منصهرا مع كل الطاقات وعلى رأسها الطاقات النسائية التي من الضروري التفاعل معها أكثر". فاطمة السباعي، رئيسة منتدى المناصفة والمساواة: تقدم أوضاع النساء لا يمكن أن يتم دون تحرر اقتصادي ومادي وفي مداخلة لها خلال هذا الملتقى، جددت فاطمة السباعي، رئيسة منتدى المناصفة والمساواة، مطلب المنتدى إلى رئيس الحكومة الجديد بأن تشكل قضايا النساء محورا من محاور المفاوضات، ليس فيما يتعلق بالتمثيلية فقط، ولكن من حيث التوجهات العامة والتفصيلية للبرنامج الحكومي، والذي يتعين وفق قوله "أن يعطي ما يستحق من اعتبار للارتقاء بمكانة المرأة المغربية عموما، والانكباب الجدي على المشاكل والمعيقات الحقيقية التي تعترض التعاونيات والجمعيات في سعيها اليومي والمضني من أجل الإسهام في التمكين الاقتصادي للنساء باعتباره عنصر يضمن حريتهن". وأكدت رئيسة منتدى المناصفة والمساواة، في كلمة ألقتها في افتتاح هذا اللقاء، أن النساء المغربيات حققن مكاسب عديدة على جميع الأصعدة المؤسساتية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وذلك بفضل تظافر نضالات القوى الوطنية والديمقراطية والحركة النسائية، والمؤسسة الملكية التي أرست دعائم الارتقاء بمكانة النساء والتي يتواصل تجسيدها على أرض الواقع، لكن رغم ذلك لازال الطريق طويلا وشاقا. ودعت السباعي، الحركات التقدمية الوطنية الديمقراطية والنسائية إلى توجيه نضالها نحو اختراق حصون الإكراه الثقافي بعقلياته المتحجرة، والعمل بشكل حثيث من أجل محاصرة معضلة التهميش الاقتصادي للنساء، قائلة "إن تقدم أوضاع النساء لا يمكن أن يتم دون تحرر اقتصادي ومادي من السلطة والهيمنة الذكورية التي تجد تربة ملائمة للعيش في وسط سوسيوثقافي مليء بالانطباعات والتمثلات المنغلقة والتي يمكن أن يحملها الذكور كما الإناث". وأفادت في ذات الإطار إلى أن دستور 2011 يعد تجليا للعديد من المكتسبات التي حققتها المرأة المغربية، لكن مع ذلك مازال سؤال التمكين الاقتصادي للنساء مطروحا، ذلك أن كل المكاسب الحقوقية والتشريعية لا يمكن أن تكتسب قوتها ومفعولها وشمولية وقعها على الفئات النسائية المختلفة، إلا بتعضيدها بآليات وسياسات ناجعة من أجل استقلال المرأة اجتماعيا واقتصاديا كمدخل من مداخل التحرر بمعناه الإيجابي. واعتبرت في هذا الصدد الاقتصاد الاجتماعي والتضامني قضية مجتمعية، وذا أهمية بالغة بصفة خاصة للنساء، لالتقائه الموضوعي مع قضية "حرية المرأة"، مشيدة في هذا الصدد بالدور الذي تقوم به مؤسسة محمد الخامس للتضامن على مستوى دعم أنشطة الاقتصاد الاجتماعي الذي تقوم به النساء من خلال ما يسمى بالتعاونيات النسائية، حيث حملت الدورة 19 للحملة الوطنية للتضامن والتي أشرف جلالة الملك محمد السادس على إطلاقها شخصيا ، تحت شعار" دعم التعاونيات النسائية ، من أجل إنتاج اجتماعي وتضامني مستدام"، وذلك من أجل ربح رهان إنعاش وتثمين مبادرات الفاعلين في القطاع الاقتصاد الاجتماعي التضامني . كما أشارت في هذا الصدد الأهمية البالغة التي يوليها حزب التقدم والاشتراكية لهذا القطاع "الاقتصاد الاجتماعي والتضامني"، كمحور أساسي من محاور الاشتغال الحزبي، خاصة وأنه يعد أحد أعمدة خطة "تجذر" التي يعتزم التقدم والاشتراكية ومنظماته الموازية تفعيلها، في إطار إعادة بناء الذات، شكلا ومضمونا، دون التفريط في المقومات الثابتة لهويته. *فاطمة مروان، وزيرة الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني: التعاونيات النسائية تشكل فضاء ملائما للأنشطة المدرة للدخل ومن جهتها، أكدت فاطمة مروان، وزيرة الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، على أن المغرب أولى عناية خاصة للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ترجم من خلال جعل وزارة خاصة تشرف عليه كقطاع، حيث وضعت هذه الأخيرة مجموعة من البرامج والتدابير من أجل النهوض به وتمكينه من الآليات والأدوات الضرورية لتحسين مختلف مؤسساته سواء كانت تعاونيات أو جمعيات أو تعاضديات. وشددت على أنه تم في هذا الإطار إيلاء عناية خاصة للمرأة باعتبارها فاعلا أساسيا في هذا القطاع، وعنصرا قادرا على المساهمة في إنجاح مختلف برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، حيث عملت الوزارة على دعم الاستقلالية الاقتصادية للنساء والنهوض بمكانتهن الاجتماعية من خلال تقوية قدراتهن وكفاءتهن الحرفية، وتشجيعهن على إحداث تعاونيات مهيكلة كمقاولات اقتصادية واجتماعية، يشكل العنصر البشري رأسمالها الأساسي. وبعد أن ذكرت بمختلف التشريعات والإجراءات التنظيمية التي اتخذتها من أجل تبسيط مسطرة تأسيس التعاونيات وتطوير إمكانياتها، كشفت الوزيرة في هذا الصدد أن التعاونيات، وفق التجارب الوطنية والدولية، أصبحت تشكل فضاء ملائما لمختلف أصناف الأنشطة المدرة للدخل كأحد آليات محاربة الفقر والإقصاء، وتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمنخرطين، معلنة أن عدد التعاونيات النسوية في المغرب بلغ 3000 تعاونية في مجالات الصناعة التقليدية والفلاحة والمنتجات المحلية، وهي تضم 50 ألف امرأة. ولفتت إلى أن الوزارة وقعت اتفاقيات شراكة مع مجموعة من القطاعات الحكومية، منها وزارة الفلاحة والصيد البحري، وذلك بهدف دعم إنشاء التعاونيات وتسريع وتيرتها، بل وتحسين وضعيتها، خاصة التعاونيات النسوية النشيطة المتوفرة على شروط المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة، ومحاربة الفقر وإحداث فرص الشغل وإدماج الفلاحة التضامنية في الاقتصاد الوطني. كما قامت ذات الوزارة بالإشراف على إحداث دور الصانعة بالعالم القروي لفائدة التعاونيات، حيث بلغ عددها حاليا نحو 71 دار، فيما توجد 41 دار في طور الإنجاز لفائدة حوالي 5000 صانعة تقليدية تمارس أنشطة مختلفة وأساسا في مجال النسيج التقليدي والطرز والخياطة، مشيرة من جانب آخر إلى التدابير التي تم اتخاذها لتجاوز الصعوبات التي تواجهها التعاونيات النسوية على مستوى تسويق منتجاتها، بتمكينها من المشاركة في المعارض الوطنية والجهوية، وكذا الدولية. وسجلت بهذا الخصوص مشاركة وازنة للتعاونيات النسوية، حيث من بين 1700 مشارك في المعارض الوطنية الخمسة للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، يوجد 70 في المائة منهم يمثلون التعاونيات والجمعات النسوية، كما أن من بين 1870 من العارضين في الثلاثين في دورة للأسواق المتنقلة، سجلت مشاركة نسبة 70 في المائة للتعاونيات والجمعيات النسوية. وكشفت المسؤولة الحكومية، أن فضاء التسوق الذي تم افتتاحه مؤخرا خلال الدورة 19 للحملة الوطنية للتضامن، والتي خصصت لدعم التعاونيات النسائية، سجل به نفاذ مجموع المنتجات في ظرف أقل من أسبوع، مؤكدة على الطلب الذي تحظى به هذه المنتوجات وعلى حرص الوزارة على مزيد من العمل وبشكل حثيث لفائدة النساء من أجل تمكينهن من مهارات ضرورية من مثل محو الأمية الوظيفية والتكوين في مجال التدبير، وذلك باعتبارهن فاعلات نشيطات داخل مختلف مؤسسات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني ووحدات الصناعة التقليدية. *فاطمة لمحرر، خبيرة: ضرورة وضع إطار قانوني لمجموع مكون الاقتصاد الاجتماعي والتضامني ومن جهتها أوضحت فاطمة لمحرر الخبيرة في مجال الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، أن هذا القطاع ليس مسألة إحسانية أو سياسة تقوم على المنح والهبة، كما يعتقد الكثيرون بتصورات مغلوطة، بل هو قطاع قائم الذات تمكن في بعض البلدان أن يوفر فرص شغل بل ويحدث فرصا مهمة، ذلك أنه في أوربا مثلا يشغل ما يزيد عن 14مليون و500 ألف شخص، أي ما يمثل أكثر من 6 في المائة من الساكنة النشيطة في بلدان الاتحاد الأوروبي، مشيرة أن في بلدان مثل بلجيكا، فرنسا وهولندا يساهم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بأكثر من 10 في المائة من الناتج الداخلي الخام. ورصدت في هذا الصدد جوانب الضعف في هذا القطاع الذي ينتج سلعا وخدمات تركز على العنصر البشري، وتندرج في التنمية المستدامة ومحاربة الإقصاء، حيث يهيمن الطابع غير المهيكل على جزء كبير من نشاط المواطنات والمواطنين، كما يطبعه التفاوت المجالي، وهي مظاهر كلها تساهم في استمرار عدم تحسن الظروف المعيشية للساكنة. وأوصت بالنسبة للمغرب، إلى وضع إطار قانوني باعتباره أداة أساسية لتأطير مجموع مكونات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ويوفر الحماية اللازمة له، هذا فضلا عن إحداث هيئة أو مؤسسة وطنية خاصة بتنظيمه وتحفيزه وتحقيق الالتقائية بين مكوناته وتجويد حكامته، مع استحضار البعد الجهوي والمحلي للارتقاء به إلى المكانة التي يستحقها. ويشار أن هذا الملتقى شهد تكريم عدد من الفعاليات النسائية، رؤساء جمعيات وتعاونيات نسوية في حقل الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، تمكن من تخطي الصعاب والعراقيل، بخطى ثابتة لازلن يواصلن العمل من أجل تحسين ظروف عيش نساء أخريات كن يعانين من الهشاشة والفقر، وأصبحت بفضل هذه المبادرات الرائدة ذوات مهن ويحققن قيمة مضافة اقتصاديا ويساهمن في الارتقاء بعيش أسرهن بل والمجتمع برمته. فنن العفاني