قتل أحد عشر شخصا على الأقل وأصيب حوالي ثلاثين آخرين أول أمس الخميس في المواجهات التي وقعت في ساحل العاج بين أنصار المتنافسين على الرئاسة, كما ذكرت مصادر مختلفة. وأوضحت منظمة العفو الدولية أن قوات الأمن في أبيدجان قتلت تسعة على الأقل من أنصار الحسن وتارا الذي يعترض على شرعية استمرار لوران غباغبو في الرئاسة. وقال المتحدث باسم عملية الأممالمتحدة في ساحل العاج حمدون توري أن أعمال العنف أوقعت عشرين جريحا, وتحدث شهود عن سبعة جرحى في مواجهات أخرى في ياموسوكرو العاصمة السياسية. وأعلنت منظمة العفو أن هؤلاء المتظاهرين «كانوا يسيرون من أماكن مختلفة» من أبيدجان «لمحاولة السيطرة على راديو-تلفزيون الدولة ... عندما فتحت قوات الأمن النار عليهم عن كثب». وأوضحت منظمة العفو نقلا عن «شهود» أن ستة من هؤلاء المتظاهرين قتلوا في حي أبوبو وثلاثة في حي أدماجي (شمال) برصاص قوات الدفاع والأمن الموالية لغباغبو. وفي معسكر وتارا, تحدثت المنظمة عن «ثلاثين قتيلا و110 جرحى», إلا أن مصادر مستقلة لم تؤكد هذه الأرقام. إلى ذلك، انتشر حوالي 800 من عناصر قوة حفظ السلام الخميس حول فندق غولف في أبيدجان حيث يقيم الحسن وتارا الذي أعلنته اللجنة الانتخابية رئيسا إثر الانتخابات الرئاسية في ساحل العاج, كما أعلن متحدث باسم الأممالمتحدة. ووقعت معارك بالأسلحة الرشاشة والثقيلة في العاصمة الاقتصادية أبيدجان والعاصمة السياسية ياموسوكرو. وأفادت وكالة الأنباء الفرنسية أن أربعة أشخاص قتلوا بالرصاص في أبيدجان عندما فرقت القوات الأمنية الموالية لغباغبو متظاهرين مناصرين لوتارا كانوا يتوجهون إلى التلفزيون الرسمي. وفي حي أدجامي (شمال) الشعبي, شاهد مراسل فرانس برس جثث ثلاثة أشخاص قتلوا بالرصاص. وشاهد مراسل آخر لفرانس برس في حي شعبي آخر هو كوماسي (جنوب), الصليب الأحمر ينقل جثة قتيل سقط أيضا بالرصاص. وضربت القوى الأمنية الموالية لغباغبو طوقا حول مقر الإذاعة والتلفزيون. وأشارت «القوات الجديدة» التي تحمي وتارا الذي اتخذ من فندق غولف في كوكودي «مقرا لرئاسته» إلى مقتل شخصين في صفوفها وجرح آخر. وتواجه المعسكران لساعات بالأسلحة الثقيلة والرشاشة في محيط الفندق. وحاولت «القوات الجديدة فتح الطريق الوحيدة التي تمر أمام الفندق والتي أغلقها عناصر في قوات الدفاع والأمن الموالية لغباغبو, في مسعى للتوجه إلى مقر تلفزيون الدولة. وتوقف إطلاق النار ظهرا مع احتفاظ قوى الامن التي تلقت تعزيزات بالحاجز على الطريق نفسها, بحسب مراسل فرانس برس. وفي ياموسوكرو (وسط), أصيب سبعة أشخاص بجروح عندما فرقت القوى الأمنية الموالية لغباغبو تظاهرة لمناصري وتارا, بحسب شهود. وأفاد شاهد أن «مئات الشبان» حاولوا تنظيم مسيرة, لكن «عناصر قوات الدفاع والأمن أتوا وبدؤوا بإطلاق النار على الناس». وتابع «يمكن إحصاء سبعة جرحى أصيبوا بالرصاص». وتبادل عناصر من حركة التمرد السابقة القوى الجديدة رصاصا كثيفا مع عناصر قوات الدفاع والأمن الموالية لغباغبو أمام الفندق الذي يستعمله وتارا مقرا عاما في أبيدجان. ورفعت القوات الموالية لوتارا حاجزا قطع طريقها نحو مقر الإذاعة والتلفزيون حيث يريد رئيس وزراء الحسن وتارا غيوم سورو زعيم القوات الجديدة التوجه مع وزرائه وأنصاره لتنصيب المدير العام الجديد. وكذلك شاهد مراسلو وكالة الأنباء الفرنسية صباحا ثلاثة شبان ممدين أرضا لا يتحركون في حي أبوبو (شمال) معقل الحسن وتارا. وفرقت قوات الأمن قبل ذلك ما بين 300 إلى 400 شاب من أنصار وتارا. وقال شاهدان اتصلت بهما وكالة «رويترز» في ساحل العاج أن دوي قذائف أسلحة ثقيلة سمع أول أمس قرب الفندق الذي يقيم به الحسن واتارا الذي يطالب بتولي رئاسة البلاد بعد الانتخابات التي أجريت الشهر الماضي. وقال أحد الشهود «هناك إطلاق نار في محيط المكان. هناك مدفعية. هناك انفجارات. جميعها باتجاه فندق جولف» في إشارة إلى الفندق الذي يقيم فيه واتارا ويتخذه مقرا. وأكد شاهد اخر يعيش قرب الفندق إطلاق نيران أسلحة ثقيلة. وتردد دوي إطلاق نار في أنحاء مدينة أبيدجان الرئيسية في ساحل العاج قبل مسيرة مزمعة من أنصار الفائز في انتخابات رئاسية متنازع على نتائجها للسيطرة على المحطة الإذاعية الحكومية. ولم يعرف بعد من الذي يقف وراء إطلاق النار بشكل متواصل من أسلحة آلية وبنادق في المدينة قبل مسيرة اليوم. وسدت قوات أمنية على شاحنات مزودة بمدافع آلية الطرق المؤدية إلى فندق جولف الذي يستخدمه واتارا مقرا له تحت حراسة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. وكانت اللجنة الانتخابية وبعثة الأممالمتحدة في ساحل العاج قد أعلنت فوز واتارا بالرئاسة. وفضت الشرطة مظاهرة في العاصمة ياماسوكرو يوم الأربعاء الماضي، مستخدمة الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية. وقال عدد من الشهود إن شخصا واحدا على الأقل قتل. وقال شاهدان إن متظاهرا قتل بنيران الشرطة لكن متحدثا باسم الشرطة قال إن القتيل من أفراد الشرطة. ومضى يقول «كان أحد المتظاهرين مسلحا وأطلق النار عليه. ليس لدي تفاصيل عن الملابسات لكننا نعلم أن شرطيا قتل». من جانبها، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن السفارة الأمريكية في أبيدجان كبرى مدن ساحل العاج وعاصمتها السابقة أصيبت بقذيفة صاروخية طائشة اليوم الخميس خلال احتجاجات على نتائج انتخابات الرئاسة. وقال المتحدث باسم الوزارة مارك تونر «يبدو أن قذيفة صاروخية طائشة أصابت السور الخارجي للسفارة ولم تقع إلا أضرار طفيفة دون إصابات». والمسيرة نحو مقر الإذاعة والتلفزيون العاجي الذي يعتبر من ركائز نظام لوران غباغبو, بمثابة رهان كبير في الصراع بين الرئيسين. وقد اعترفت الأسرة الدولية تقريبا برمتها بفوز وتارا في 28 نوفمبر ودعت غباغبو إلى التنحي من السلطة. ودعا غيوم سورو أول أمس الشعب إلى «التعئبة». وقال «أدعوكم إلى ألا تأبهوا بدكتاتورية الدبابات والمطالبة بحرية الإعلام المتعدد في وسائل إعلام الدولة». وفي حي كوكودي الفخم أغلقت الطرق المؤدية إلى مقر الإذاعة والتلفزيون وانتشر العشرات من رجال الجيش والشرطة والدرك.وفي طرفي الشارع الكبير الذي يمر أمام مقر الإذاعة والتلفزيون تمركزت آليات مدرعة ومدافعها موجهة إلى خارج الطوق الذي يفرضه رجال الأمن وأصابعهم على الزناد. وتحسبا لاندلاع مواجهات محتملة حذر مدعي المحكمة الجنائية الدولية ليوس مورينو أوكامبو في تصريح لتلفزيون فرانس 24, من أنه «سيعلن ملاحقات» بحق كل من يتسبب في أعمال عنف تسفر عن سقوط أرواح. وعلى غرار فرنسا دعت عشرون منظمة غير حكومية من بينها الاتحاد الدولي لرابطات حقوق الإنسان وهيومن رايتس ووتش الطرفين إلى الهدوء. وقدرت المنظمات عدد القتلى في البلاد منذ الانتخابات ب»العشرات». وصادق البرلمان الأوروبي أول أمس على قرار طلب فيه من وزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين آشتون اتخاذ «مبادرات جديدة» لدعم الحسن وتارا. ودعا البرلمان إلى نبذ العنف. وقال «أدعو كافة الفاعلين العاجيين إلى احتواء أي محاولة تصعيد وتوتر ومنع أي مواجهات». وقد طلب النواب الأوروبيون استقالة غباغبو ودعموا «قرار الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات عليه». من جانبه أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن خشيته من «استئناف الحرب الأهلية» في البلاد المقسمة إلى قسمين منذ محاولة الانقلاب سنة 2002. لكن الجيش الذي بقي مواليا لغباغبو حذر من أنه سيحمل الأممالمتحدة مسؤولية أعمال العنف إذا دعمت المسيرة.